مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، وفي ظلّ استمرار أزمة فيروس كورونا، سيسعى الناس إلى تمضية المزيد من الوقت في الداخل. لكن بحسب العلماء، فإنّ البقاء في الأماكن المغلقة سيزيد من فرص انتقال فيروس كورونا، إذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة لمكافحة انتشاره.
يقول الباحثون، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، "إنّه نظراً لأنّ برد الخريف يعيد الناس إلى المنازل، والفصول الدراسية والمكاتب، فقد يعاود فيروس كورونا الظهور حتى في المناطق التي حدّت من انتشاره حتى الآن". ويرى الباحثون أنّ معدل انتشار الفيروس في الأماكن المغلقة يزداد تدريجياً عن الأماكن المفتوحة، حيث شهدت الولايات الجنوبية، على سبيل المثال، ارتفاعًا في الإصابات عندما ارتفعت درجات الحرارة هذا الصيف، إذ بقيت الناس في الداخل مع استخدام مكيفات الهواء.
تقول لينسي مار، من جامعة فرجينيا للتكنولوجيا في بلاكسبرج، التي تدرس كيفية انتقال الفيروسات عبر الهواء: "أشعر بالقلق قليلاً، لأننا سنرى هذا التحوّل في انتقال الفيروس إلى خطوط العرض الشمالية مع برودة الطقس".
وترى مار وباحثون آخرون أنه في الأماكن الداخلية، تكون التهوية سيئة للغاية، مثل معظم المطاعم والحانات، فيمكن أن يبقى الفيروس معلقاً في الهواء لفترات طويلة، فيصيب عددا أكبر من الأشخاص.
تجارب علمية
خلال فصل الصيف، قام علماء في الولايات المتحدة الأميركية بدراسة كيفية انتقال الفيروس في الأماكن المغلقة، حيث أجروا تجربة لعزل الفيروس الحيّ من قطرات صغيرة تسمّى الهباء الجوي، تطفو في الهواء على بعد 16 قدماً من مريض مصاب في المستشفى، وخلصت النتائج إلى أنّ الفيروس انتشر بمعدّل أكبر من انتشاره في الأماكن المفتوحة.
هذه النتائج دفعت الشركات العالمية للترويج لأجهزة باهظة الثمن لتنقية الهواء والأسطح من الفيروس. لكن الخبراء حذّروا من أنّ معظم هذه المنتجات مبالغ فيها وقد تكون لها عواقب ضارّة غير مقصودة.
ترى دلفين فارمر، عالمة كيمياء الغلاف الجوي في جامعة ولاية كولورادو في فورت كولينز، أنّ "هذه المواد التي يتم الترويج لها ليست فعّالة، ويجب اعتماد فقط الصابون والماء".
استراتيجيات فعّالة
وإن كان معدل انتشار الفيروس أكبر في فصل الخريف، فما هي إذاً الاستراتيجية التي يمكن اتباعها؟
يقدّم خبراء الصحة نصائح تتعلق بالاستراتيجيات التي يجب على الناس اتبّاعها، وأخرى يجب تجنّبها، لتخفيف آثار انتشار الفيروس مع اقتراب فصل الخريف.
فقد ركّزت بعض المراكز على أهمية الوقاية من الفيروسات من خلال الاهتمام بأنظمة التهوية الخاصة بها، وقدّمت مجموعة شاملة من التوصيات للشركات التي تحاول منع إصابة الموظفين بالفيروس. يقول جوزيف ألين، خبير في بناء السلامة في جامعة هارفارد تي.إتش: "إن الحديث عن الحدّ من المخاطر يتجاوز التهوية، إنه نهج دفاعي متعدّد الطبقات حيث لا تكفي استراتيجية واحدة في حدّ ذاتها، ولكن باستخدام استراتيجية جماعية يمكن تقليل المخاطر".
واقترح ألين بعض الإجراءات لإدارة المباني الكبيرة، وتنقية الهواء منعاً من انتشار الفيروس، ومن هذه الاستراتيجيات:
- تشجيع الموظفين على العمل من المنزل وتخفيف أعداد العاملين في المكاتب.
- تصريح الدخول فقط لأولئك الذين يحتاجون إلى الوجود فعلياً في المبنى.
- اعتماد استراتيجيات خاصة بتنقية الهواء مثل إضافة مرشحات الهواء وتطهير الأسطح.
- طلب استخدام الكمامات وغيرها من معدّات الحماية الشخصية، حسب الاقتضاء في الداخل.
وبغضّ النظر عن هذه الاحتياطات، فإنّ الاستراتيجية المثلى لوقف انتشار الفيروس وعدم التعرّض له، هو ببساطة ارتداء كمامة في الداخل، كما يقول مارتن بازانت، مهندس كيميائي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
وبالإضافة إلى هذه النصائح، يقدم ألين أيضاً مجموعة أخرى من الاستراتيجيات التي يجب اعتمادها بشكل صحيح، ومنها:
1- استخدام صحيح للمراوح.
يرى ألين أن تشغيل المراوح في الأماكن المغلقة لوقف انتشار الفيروس، يمكن أن يكون أمراً نافعاً وضاراً في آن معاً، بحسب طريقة استخدامها. فمن الناحية المثالية، لا ينبغي وضع المراوح في أيّ مكان قد تدفع فيه زفيراً محملاً بالفيروسات من شخص مصاب حول الغرفة أو في وجه شخص آخر. فيما قد تؤدّي المروحة غير المتذبذبة، الموضوعة على النافذة وبعيداً عن الأشخاص، إلى زيادة تدفّق الهواء في الغرفة، من دون هذه المخاطر.
2- مكيفات الهواء
يقول ألين إنّه في الأماكن التي يتم فيها استخدام التهوية المركزية، فإنّ ضبط إعدادات تدفّق الهواء، يمكن أن يكون فعّالا للغاية، بشرط أن يكون المبنى خالياً من الدخان، منعاً لانتشار الفيروس. أمّا إذا كان الهواء ملوثاً، ولم تكن هناك أي نوافذ لفتحها، فقد تكون فلاتر الهواء الخاصة بالمكيّف مشحونة بكميات كبيرة من الفيروس، يعاد تدفّقها من جديد، ما يتسبّب في إصابة العاملين.
أما بالنسبة للفصل الدراسي أو المكتب، ينصح الدكتور ألين باستخدام منظّف الهواء المحمول، ويرى أنّها استراتيجية رائعة ومنخفضة التكلفة للتوصيل والتشغيل، وتخفيف آثار انتقال الفيروس.