تحصل تغيرات هرمونية وبيولوجية في مرحلة المراهقة، تصاحبها تغيرات نفسية تؤدي إلى حصول اضطرابات في النوم، فمع تقدم الأطفال في العمر، ودخولهم إلى سنوات المراهقة، يتغير توقيت رغبتهم في النوم، ويصبحون أكثر ميلاً للسهر، وينام كثير منهم في ساعات الصباح الأولى، وتعرف هذه الحالة بمتلازمة "بومة الليل".
تعرف الأخصائية النفسية، كريستين علم، تلك المتلازمة بأنها رغبة في السهر لساعات متأخرة، مع الميل للنوم خلال النهار، وعادة ما تحدث اضطرابات النوم هذه بسبب تغييرات في ساعة الجسم الداخلية. تقول علم لـ"العربي الجديد"، إن "متلازمة بومة الليل تعني تأخير وقت النوم ساعتين إلى ثلاث كحد أدنى، بحيث يبقى المراهق في حالة تأهب إلى ما بعد منتصف الليل".
تضيف علم: "قد يحصل هذا النمط من السهر راجعة إلى تأثيرات اجتماعية، ومنها أن يكون المراهق غير قادر على تكوين صداقات أو علاقات بسبب الاضطرابات التي يعيشها".
ويورد تقرير نشره موقع "Healthline" الأميركي، أن غالبية المصابين بهذه المتلازمة يميلون إلى الاكتئاب، ولذا من الضروري مساعدتهم للتخلص من هذا الاضطراب، وعلى الرغم من غياب الأسباب الواضحة لهذه المتلازمة، تبين أن التغذية قد تلعب دوراً.
يقول الطبيب ستيفن زودكوي، مؤلف كتاب "التشخيص الخاطئ: رابط إجهاد الغدة الكظرية"، إن السبب الأكبر لهذه المتلازمة هو "إيقاع الكورتيزول غير الطبيعي، فالناس يكون لديهم مستويات أعلى من الهرمون في الصباح، لكن الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد المزمن يصلون إلى هذه الذروة في وقت لاحق من اليوم".
يعاني أصحاب متلازمة "بومة النوم" من بنية دماغية مختلفة
نقلت صحيفة "ذي كونفرزيشن" عن أبحاث جديدة، أنه عادة ما يعاني أصحاب هذه المتلازمة من بنية دماغية مختلفة، بحيث يتضمن ذلك الاختلافات في كل من المادة الرمادية والبيضاء، والتي يتم ربطها بالاختلافات في الذاكرة والرفاهية العاطفية والانتباه والتعاطف.
وأجريت دراسة على أكثر من 200 مراهق وأولياء أمورهم، حول تفضيلات نوم المراهقين، والرفاهية العاطفية والسلوكية، وكرر المشاركون هذه الاستبيانات على مدار سبع سنوات، كما أجروا فحصين للدماغ يفصل بينهما عدة سنوات، وركز الباحثون على التغيرات الحاصلة في بنية المادة البيضاء في الدماغ التي تسمح لأدمغتنا بمعالجة المعلومات، والعمل بشكل فعال، وتبين وجود اختلاف بين الأشخاص الذين يعانون من متلازمة البومة الليلية اعتمادا على الفترة التي تعرضوا فيها للأعراض، وأن المراهقين الذين تعرضوا لها في المرحلة العمرية من 12 إلى 13 سنة كانوا أكثر عرضة للإصابة بمشكلات سلوكية تشمل قدراً أكبر من العدوانية، لكنهم في المقابل، كانوا أقل تعرضاً للمشاكل العاطفية مثل القلق أو الحالة المزاجية السيئة.
ورغم نتائج هذه الدراسة، إلا أن الأبحاث تشير إلى إمكانية تغيير بعض العادات الخاصة بالمراهقين، وتحفيزهم على النوم، على سبيل المثال، يؤدي التعرض للضوء إلى تغيير إيقاعات الساعة البيولوجية، مما يؤثر على تفضيلات النوم، لذا فإن تقليل التعرض في وقت متأخر من الليل للأضواء الساطعة والشاشات يمكن أن يكون إحدى طرق تعديل أوقات النوم، كما يمكن أن يساعد التعرض للضوء في الصباح أيضاً في تعديل الساعة الداخلية للجسم، وبالتالي الاستيقاظ مبكراً.
وتؤكد الطبيبة علم، على أهمية النظام الغذائي في تعديل سلوك المراهقين، وتحفيزهم للنوم، وأن "الوجبات الغذائية اليومية متكاملة العناصر لها تأثيرات مهمة على بنية الجسم، وعلى الصحة العقلية، وكذا على النظام والجهاز العصبي الذي يتحكم أصلاً بقدرة الإنسان على النوم".
وتضيف: "ينصح دائماً باتباع نظام غذائي متكامل العناصر والفيتامينات، والابتعاد عن الأطعمة المشبعة بالدهون، وتقليل مشروبات الطاقة في فترة المساء، لأنها تؤدي عملياً إلى تنبيه الدماغ، وبالتالي حدوث اضطرابات النوم".