كورونا يُهدّد طيّاري روسيا

17 نوفمبر 2020
أحد مطارات روسيا (أنطون نوفوديريزخين/ Getty)
+ الخط -

لطالما عُدّت مهنة الطيار المدني مهنة الأحلام للعديد من الشباب الروس، نظراً للرواتب العالية التي يتقاضونها، والتي تزيد على 10 آلاف دولار شهرياً، والسفر حول العالم، وغيرها من المميّزات والامتيازات. يواجه الطيارون الروس اليوم، مع استمرار تفشي فيروس كورونا والقيود المفروضة على السفر، مأزقاً حقيقياً بسبب تراجع دخلهم كثيراً، وزيادة احتمالات تسريح البعض.
وما يزيد من خوف الطيارين الروس، أن وزارة النقل الروسية تتوقّع تراجعاً في حركة السفر جواً بنسبة 45 في المائة العام الحالي مقارنةً بعام 2019، وسط تكبّد شركات الطيران الروسية خسائر فادحة فاقت المليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي. 
في هذا الإطار، يقول رئيس اتحاد طياري مطار "شيريميتييفو" في ضواحي موسكو، إيغور ديلديوغوف، إن الطيارين يواجهون العديد من المشاكل، وفي مقدمتها التراجع الحاد في أجورهم، وضغوط شركات الطيران التي تدفعهم إما إلى الحصول على إجازة غير مدفوعة الأجر، أو الاستقالة. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويوضح ديلديوغوف، الذي عمل طياراً مدة 27 عاماً، لـ "العربي الجديد": "يمر قطاع النقل الجوي بأزمة صعبة في ظل تراجع حركة السفر بنسبة تزيد على 50 في المائة، ما دفع بعض شركات الطيران إلى خفض رواتب الطيارين بمقدار الثلث، بالإضافة إلى تراجع مستحقات الطيارين عن عدد ساعات الطيران. وفي النتيجة، تراجعت أجور الطيارين بمقدار ما بين الضعف وثلاثة أضعاف، لتبلغ 200 ألف روبل (نحو 2500 دولار) أو 100 ألف روبل (نحو 1250 دولاراً) للطيار المساعد". يضيف: "صحيح أن أوضاعهم ما زالت أفضل من أصحاب المهن الأخرى، إلا أن أعداداً كبيرة منهم كانوا قد حصلوا على قروض الرهن العقاري (تُمكّن المقترض، سواء أكان فرداً أم مؤسسة، من أن يقترض نقوداً ليشتري منزلاً أو أي عقار آخر)، وباتوا يواجهون مشاكل لسدادها الآن".
ورداً على احتمال إقدام شركات الطيران على تسريح الطيارين، يقول: "حتى الآن، لم تُقدم شركات الطيران على تسريح الطيارين، لأن مثل هذه الخطوة ستحرمها دعم الدولة. كذلك، تدرك شركات الطيران أن الأزمة ستنتهي، طال الزمن أو قصر، فتسعى بالتالي إلى الإبقاء على الطواقم المدربة". 

وفي ما يتعلق ببعض التجاوزات التي تقدم عليها شركات الطيران بحق الطيارين، يقول ديلديوغوف: "بعض الشركات مثل بوبيدا تضغط على الطيارين لأخذ عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة تصل إلى 6 أشهر. كذلك، تُحيل الطيارين المتقدمين في العمر على التقاعد من دون توظيف طيارين جدد، ما يزيد من متاعب المتخرجين الجدد". ويناشد الدولة تقديم المزيد من الدعم لشركات الطيران لمنع إفلاسها بعد موسم الصيف الضعيف هذا العام، لافتاً إلى أن روسيا بلد كبير ولا يتمتّع بشبكة متطورة للطرقات السريعة. ولا يمكن الوصول إلى بعض الأقاليم إلّا جواً.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

في السياق نفسه، يشير المدير العام لشركة "إنفوموست" للاستشارات في مجال البنية التحتية والنقل، بوريس ريباك، إلى ضعف دعم الدولة الروسية لقطاع الطيران في ظل تفشي كورونا، الذي كاد أن يقتصر على الناقل القومي "أيروفلوت"، محذراً من خطر إفلاس الشركات المتوسطة والصغيرة، وبطالة الطيارين. ويقول ريباك لـ "العربي الجديد": "شركة الطيران ليست تلفازاً يمكن إطفاؤه وتشغيله مرة أخرى بسهولة. وفي حال خسارة فريق العمل، يجب تشكيل فريق جديد وتدريبه من جديد. لذلك، تواصل شركة ريان إير الإيرلندية، مثلاً، رحلاتها رغم قلة أعداد الركاب".  
وكانت الحكومة الروسية قد أعلنت في مايو/ أيار الماضي تخصيص 23.4 مليار روبل (نحو 300 مليون دولار) لدعم قطاع الطيران. وحصلت "أيروفلوت" وحدها على نحو مائة مليون منها في أغسطس/ آب الماضي.
وخلال السنوات التي سبقت تفشي الجائحة، شهد قطاع الطيران العالمي زيادة كبيرة في حركة النقل الجوي ونقصاً في أعداد الطيارين، ما دفع مئات الطيارين الروس إلى الالتحاق بشركات الطيران الصينية للاستفادة من الرواتب المغرية مقارنةً بتلك الروسية. 
وباعتبار أن الصين كانت سباقة في السيطرة على كورونا، وتنشيط حركة السفر الداخلية، يقول ديلديوفوف إن بعض الطيارين الروس تمكنوا من العودة إلى الصين، لكن لم يُقبَل من تبين وجود أجسام مضادة لكورونا في فحوصاتهم. 
ومع تفشي الموجة الثانية لكورونا حول العالم وفي روسيا، لا يبقى أمام الطيارين وشركات الطيران الروسية من خيار سوى انتظار انتهاء هذه الأزمة غير المسبوقة، في ظل العمل على تطوير لقاح مضاد لـ "كوفيد-19"، وبدء استخدامه على نطاق واسع خلال الأشهر المقبلة.  
 

المساهمون