كورونا يترك آثاره على الطلاب الجامعيين من فلسطينيي الداخل

17 أكتوبر 2020
50 ألف طالب من عرب الداخل يبدأون عامهم الدراسي غداً (Getty)
+ الخط -

أكثر من 50 ألف طالب عربي من فلسطينيي الداخل، يدرسون في الجامعات والكليات الإسرائيلية، يبدأون غداً عامهم الدراسي. وبسبب ظروف تفشي فيروس كورونا، سيدرسون الفصل الأول عن بُعد، فيما يطالب الطلاب الجامعيون بتخفيض أقساط الجامعة ومساكن الطلبة، بسبب التعليم عبر الإنترنت. إذ طاولت أضرار الأوضاع الاقتصادية شريحة من الطلاب الذين فقدوا عملهم بسبب الإغلاق والقيود التي فُرضت بسبب الجائحة، ما اضطر جزءاً منهم إلى توقيف تعليمه أو تأجيله، إضافة إلى الأضرار النفسية والتعليمية.

وقالت النائبة هبة يزبك، عن حزب التجمّع الوطني الديموقراطي، في حديث مع "العربي الجديد": "الطلاب الجامعيون هم من أكثر الشرائح المتضرّرة جرّاء أزمة كورونا. فمن جهة، غالبية أماكن العمل مغلقة، ومن جهة أخرى، عليهم الاستمرار بتسديد أقساط التعليم والسكن. وعليه، منذ بدء أزمة كورونا، تابعت هذا الملف بنحو مكثّف، خاصةً أنّ تأثيرات الأزمة على الطلاب العرب مضاعفة، لكونهم يأتون من مجتمع موارده المادية محدودة، إضافة إلى أنّ غالبية المنح والمساعدات المقدّمة تشترط الخدمة في الجيش".

وأضافت: "طرحت هذا الموضوع مرّات عديدة من خلال اقتراحات وخطابات مخصّصة في الهيئة العامة للكنيست، إضافة إلى طرحه ومناقشته في جلسات اللّجان، من ضمنها لجنة المالية ولجنة التعليم والعمل. كذلك عملنا بمسارٍ موازٍ مع وزارة التعليم ومجلس التعليم العالي، وطالبنا بخطة شاملة لدعم الطلاب، وإتاحة مرونة بتسديد أقساط التعليم، وإقامة صندوق خاص لهذا الهدف يشمل الطلاب العرب، إضافةً إلى التوجّه لإدارة الجامعات والمطالبة بالإعفاء من أقساط السكن الطلابي، وقد شهدنا تجاوباً متفاوتاً بين الجامعات المختلفة".

وأضافت يزبك: "هذه الضغوطات المكثّفة والمستمرّة، ساهمت بالضغط أيضاً على الوزارة التي خصّصت ميزانية 100 مليون شيقل لدعم الطلاب المتضرّرين اقتصادياً في ظلّ أزمة كورونا، وسيُفتَح صندوق منح وزاري، دعماً للطلاب في كلّ الجامعات والكليات، بهدف تغطية الرسوم، وهي دعم مالي لاستكمال القسط التعليمي، منعاً لتعليق الطلاب تعليمهم في هذه الفترة. إضافة إلى ذلك، ستوضَع تسهيلات لشروط دفع القسط التعليمي، وستُنشئ بعض المؤسّسات التعليمية صناديق مساعدة تقدّم منحاً وقروضاً بشروط سهلة للطلاب الذين يواجهون صعوبة في دفع الرسوم الدراسية. سنستمر بمتابعة الموضوع وتنفيذ الجامعات للقرارات لمصلحة الطلاب الجامعيين".

وفي السياق، قال النائب يوسف جبارين، عن الجبهة الديموقراطية: "منذ بداية أزمة كورونا في شهر مارس/ آذار الماضي، رأينا أنّه سيكون هناك انعكاسات اقتصادية وتعليمية للأزمة، صعبة على الطلاب، بما أنهم من أكثر الشرائح تضرراً منها. فقد طالبنا منذ الأيام الأولى بتخفيض الأقساط التعليمية، وإعفاء الطلاب من رسوم السكن الطلابي، وتوجّهنا للوزراء مراراً وتكراراً، وطرحنا هذه القضية في لجان الكنيست المختلفة، وبالأخصّ في لجنة التربية والتعليم. لكن الحكومة تواصل تعنّتها، وترفض تقديم المساعدة للطلاب ولا تستجيب لمطالبنا ومطالب الطلاب، لكننا سنستمر بالعمل من أجل مساعدتهم في هذه الظروف الصعبة".

وأضاف جبارين: "إضافة إلى الجهود المبذولة، تقدمتُ بمقترح قانون من أجل ضمان التعليم الأكاديمي المجاني للطلاب، وذلك بعد أن حصلتُ على معطياتٍ واضحة من مركز أبحاث الكنيست تشيرُ إلى أنّ دولاً عديدة في العالم، تموّل حالياً فيها الحكومات التعليم بشكل كامل، ولا يضطر بها الطلاب إلى أن يدفعوا الأقساط التعليمية، لكن الحال في إسرائيل مغاير، إذ إنّ الدولة هي في الثلث الأعلى من بين دول الـ OECD في المبالغ الّتي يضطر الطلاب إلى دفعها لكي يحصلوا على تعليم أكاديمي، ولذلك يأتي مقترح قانوني ليؤكّد مسؤولية الدولة عن ضمان تعليم عالٍ مجاني للطلاب".

 

أمّا بشير صباح، وهو طالب سنة ثالثة علم نفس، في جامعة حيفا، فيقول في انعكاس هذا الإغلاق وتأثير التعليم عن بُعد بالطلاب الجامعيين العرب: "مع الإغلاق الأول في شهر مارس/ آذار الماضي، واجهنا بداية مشكلة نقص في الحواسيب لـ500 طالب عربي في جامعة حيفا من أصل 9 آلاف طالب عربي. قرابة 46 بالمائة من طلّاب الجامعة هم من العرب، نتيجة قربها الجغرافي لمنطقة الجليل. فطالبنا بتخفيص أقساط مساكن الطلبة، لكن الجامعة رفضت ذلك، فكان الاتفاق على إلغاء عقد السكن في الجامعة، وهكذا عاد طلاب كثيرون إلى بلداتهم".

وأضاف صباح: "الأمر المهم الآخر، أنّه لا يوجد محيط وجوّ مناسب للدراسة لدى الطلاب العرب في البلدات العربية، لأنهم يأتون من عائلات كبيرة، ولاكتظاظ منازلهم، لذلك العديد منهم يفضّلون السكن في مساكن الطلبة، ليضمنوا محيطاً ملائماً للدراسة".

وأثّر الإغلاق في المستوى الاقتصادي لعدد كبير من الطلاب الذين فقدوا عملهم بسببه، ما أدّى إلى إيقاف جزء من الطلاب تعليمهم لأنهم غير قادرين على الاستمرار في دفع أقساط الجامعة. وهذه المشكلة تبرز أيضاً لدى عددٍ من الطلاب الذين سيبدأون سنتهم الجامعية الأولى هذه السنة، فارتفعت في السنوات الخمس الأخيرة نسبة الطلاب اليهود مقابل العرب في جامعة حيفا، بما أنّ المنح التعليميّة متوافرة أكثر للطلاب اليهود.

وتابع صباح: "طلبنا بتخفيض أقساط التعليم الجامعية إلى 30 بالمائة، لكن حتى الآن هناك رفض لطلبنا. والتعليم عن بُعد كان له تأثير أيضاً في ازدياد عدد الطلاب للجنة الطاعة في الجامعة بسبب التعليمات الجديدة فيها. مثل أن يقوم الطالب بالامتحان عن بُعد، وأن يفتح كاميرا جوّاله خلال الامتحان. أخيراً، ارتفع عدد الطلاب الذين طلبوا مساعدة اختصاصيين نفسيين، بسبب التوتر النفسي الذي يسبّبه التعليم عن بُعد والإغلاق، إذ ارتفعت حالات التوتّر والاكتئاب بين الطلاب، إذ لا أحد يعرف متى تنتهي هذه الأزمة". 

من جهتها، قالت الطالبة آمنة ارشيد، وهي طالبة طب، في السنة الثانية، في جامعة تل أبيب: "أسكن في مساكن الطلبة في تل أبيب، والعديد من الطلاب لم يكونوا في المساكن بسبب كورونا والتعليم عن بُعد، إلّا أنّنا أُجبرنا على دفع قسط المسكن، لأنّ الجامعة لم تُعفِنا منه، رغم عدم سكننا فيه، بحجة أنّ من يترك مساكن الطلبة، لا يستطيع الاستمرار في الجامعة، في السنة القادمة، مستغلّين واقع أنّ من الصعب جداً إيجاد سكن في تل أبيب. كذلك فإنهم لم يخفّضوا الأقساط الجامعية، بل وجدوا طريقاً لزيادة الأقساط، على الرغم من أنّنا ندفع مقابل استخدام المكتبات والمباني في الجامعة، وهي خدمات غير متوافرة في الوقت الحالي أيضاً، بسبب تخفيض ساعات العمل بسبب الجائحة. طبعاً التعليم عن بُعد يترك أثره علينا كطلاب، لأنّ هذا يتطلب اجتهاداً واعتماداً كبيراً على النفس، والبحث عن مصادر لفهم فحوى المحاضرات والمواد المطلوبة. ومسألة الحوار والأسئلة مع المحاضر شبه معدومة، عكس ما هو عليه في التعليم الوجاهي. إضافة إلى أنّ المحاضرين يدرّسون المواد بوتيرة أسرع، بسبب غياب التفاعل مع الطلاب".

المساهمون