كورونا ليبيا: إهمال المواطن وتراخي السلطات

03 اغسطس 2021
نسب الإصابة 38 في المائة من مجمل العيّنات الخاضعة للتحليل (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

 

لا يتقيّد ليبيون كثيرون بالإجراءات الوقائية الخاصة بفيروس كورونا الجديد، على الرغم من إعلان السلطات الصحية في البلاد ارتفاعاً في معدّلات تفشّيه محلياً، وهو الأمر الذي اضطر حكومة الوحدة الوطنية إلى فرض حظر تجوّل ليلي كتدبير أوّليّ.

ويؤكد إسماعيل المكي الضابط في مديرية أمن سبها جنوب شرقي ليبيا، "عدم تجاوب المواطنين لنداءات الأطباء والمسؤولين الصحيين"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنّ "الحياة تسير بشكل طبيعي مع غياب كلّ أشكال الاحتراز من الوباء". يضيف المكي أنّه "على الرغم من الاهتمام بمكافحة الوباء الذي تعبّر عنه القرارات الحكومية، فإنّ السلطات لا تفرض غرامات ولا عقوبات تتعلّق بإهمال المواطنين التدابير الاحترازية التي يتطلبها الوضع"، لافتاً إلى أنّ ذلك يُعَدّ "مساهمة حكومية في تفشّي الوباء".

وكان المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا قد أعلن في يوليو/ تموز الماضي، دخول البلاد في موجة ثالثة من الوباء، محذّراً المواطنين من أنّ الارتفاع الكبير في الإصابات قد يكون نتيجة تفشّي متحوّر دلتا الهندي من الفيروس. وفي بيان سابق، أشار المركز إلى أنّ نسب الإصابة ارتفعت إلى 38 في المائة من مجمل العيّنات التي تخضع للتحليل، وهي النسبة الأعلى المسجّلة منذ دخول الفيروس إلى البلاد.

من جهته، يقول الناشط المدني مفتاح أبو جرادة إنّ ثمّة "تراجعاً كبيراً في التزام المواطنين بالكمامات"، محذراً من مخاطر التجمعات الكبيرة. ويوضح لـ"العربي الجديد" أنّه "لا بدّ لحملات التوعية من أن تذهب حالياً في اتجاه التحذير من التجمّعات الكبيرة. فالأسواق مكتظة بالناس من دون أيّ تقيّد بالتباعد الجسدي، والأكثر خطورة هو المناسبات الاجتماعية التي ما زالت تنظَّم على الرغم من حظرها رسمياً بقرار حكومي". ويلقي أبو جرادة اللوم على "السلطات التي تصدر قرارات بشأن مكافحة الوباء من دون أن تلزم المواطن بالتقيّد بها وفرض عقوبات على المخالفين"، مؤكداً أنّ "استمرار إهمال المواطنين للإجراءات الاحترازية بعد مرور أكثر من عام على تفشّي الوباء في البلاد، دليل على مشاركة السلطات في تفشّيه". لكنّه يلقي اللوم كذلك على المواطن، قائلاً إنّ "الالتزام بالكمامة وبالتباعد الاجتماعي يُدرجان في إطار الثقافة الصحية، ومن غير المنطقي لوم المراكز الصحية والمستشفيات على عجزها. فالمواطن يساهم في اكتظاظها بالمرضى بسبب الإهمال الذي يأتي به".

كوفيد-19
التحديثات الحية

وقد شارك أبو جرادة في حملات توعية عدّة نظمها ناشطون ومتطوعون في المدارس والجامعات وفي مراكز النشاط المدني في العاصمة طرابلس. ويشير إلى أنّ "المؤسسات التعليمية كانت من أكثر المساحات حيث كنّا نمارس أنشطة توعية حول ضرورة تقيّد المواطن بالتدابير الوقائية. لكنّ تلك الأنشطة توقّفت بسبب تعليق الدراسة". ويوضح أبو جرادة أنّه "على الرغم من أهمية نشاطات التوعية التي ينظمها ناشطون ومتطوعون، فإنّها لا تلقَ دعماً حكومياً ولا مساهمة رسمية فيها"، منتقداً التراخي الحكومي. ويتساءل: "بماذا تفيد إجراءات الحظر الليلي مع الإبقاء على الأسواق الشعبية والساحات والمساجد مزدحمة بالناس في النهار؟". ويشدّد على أنّ "الوعي بمخاطر الوباء لا يتعلق بالمواطن فقط، فللحكومة دورها في فرض التدابير اللازمة للحدّ من انتشاره". ويتحدّث أبو جرادة عن "عدم فاعلية قرارات الحكومة الخاصة بإقفال المقاهي والمطاعم مع غضّ نظرها عن الازدحام الكبير في مراكز الاصطياف على طول شاطئ البحر"، مشيراً إلى أنّ "المصايف تحوّلت إلى بؤر لنقل الوباء والسلطات لا تلتفت لمخالفات بنائها إذ تأتي متلاصقة".

وعن نتائج حملات التوعية التي يشارك فيها، ينفي أبو جرادة أن يكون "الوعي بمخاطر الوباء غائباً تماماً عن المواطنين"، شارحاً أنّ "النسبة الكبرى منهم غير آبهة بالأمر". وهو ما يوافقه فيه رمزي أبو ستة عضو فرق الرصد والاستجابة التابعة لوزارة الصحة في ليبيا. ويشير أبو ستة لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "النسب المعلنة عن الإصابات بالفيروس في الفترات الماضية من قبل المركز الوطني لمكافحة الأمراض، تؤكّد أنّ عدد المصابين بسبب المخالطة كبير". يضيف أبو ستة أنّ "الملاحظ في التحديثات اليومية للإصابات بحسب بيانات المركز هو تركزها في المدن الكبيرة، الأمر الذي يشير إلى أن الازدحام وعدم تقيّد المواطن بإجراء التباعد الاجتماعي عاملان أساسيان لتفشّي الوباء". ويطالب أبو ستة الحكومة بـ"فرض قراراتها الخاصة بالإجراءات الاحترازية بجدية"، إذ يرى أنّ "الظرف الحالي يستوجب من وزارة الصحة التنسيق مع الهيئات الحكومية، لا سيّما الإعلامية منها، لتكثيف حملات التوعية المتعلقة خصوصاً بضرورة تلقّي اللقاحات المضادة لكوفيد-19 والتي ما زال المواطن عازفاً عنها".

المساهمون