كورونا: تهميش إضافي لذوي الإعاقة في تونس

05 أكتوبر 2020
مشاركون فعالون في مختلف المناسبات الوطنية (جديدي وسيم/ Getty)
+ الخط -

بينما يغيب كثير من مراكز الدعم والرعاية المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة في تونس، في ظلّ جائحة كورونا، ويرفض بعضها استقبالهم بذريعة تدابير الوقاية، تواجه هذه الفئة تهميشاً وإقصاء إضافيين.
في هذا الإطار، تقول خيرة، وهي أم لشاب ذي إعاقة ذهنية، من محافظة الكاف، شمال غربي تونس، لـ"العربي الجديد"، إنّها فقدت عملها في حمام خاص بالنساء منذ بدء جائحة كورونا، إذ أغلق الحمام منذ ذلك الحين، مشيرة إلى أنّه باستثناء بطاقة علاج مجانية، ومنحة بسيطة لا تتجاوز 50 ديناراً (نحو 18 دولاراً أميركياً) خصصتها الدولة لابنها، فإنّها لا تتلقى أيّ مساعدات، مؤكدة أنّ وضعها صعب جداً، فابنها بحكم ظروف الأسرة لم يسبق له دخول المدرسة أو تلقي أيّ تدريب خاص بفئته.

من جهته، يؤكد رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (غير حكومية) يسري الزياتي، لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك نقصاً كبيراً في مواجة كورونا في حالة الأشخاص ذوي الإعاقة، مشيراً إلى أنّه خلال الفترة الأولى من ظهور الفيروس في تونس، تحديداً خلال مارس/ آذار الماضي، تمكنت المنظمة من الحضور في اللجنة العلمية التابعة لوزارة الصحة وتقديم مقترحاتها. يضيف أنّه جرى حينها إطلاق عدة إعلانات توعية موجهة للأشخاص ذوي الإعاقة، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية وهيئة الوظيفة العمومية، إذ جرى وقف عدد من الأشخاص المكفوفين عن العمل حماية لهم، في ظلّ المخاطر التي تتهددهم. يتابع أنّ خطوات مهمة تحققت في إطار الحملة التي قادتها المنظمة حينها، لكن بعد رفع الحجر الصحي الشامل في 4 يونيو/ حزيران الماضي، لم توضع أيّ برتوكولات صحية مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، من ضمن البروتوكولات الصحية التي وضعتها وزارة الصحة بالتعاون مع مختلف الأطراف المعنية للوقاية من الفيروس. يضيف أنّ عملهم مع وزارة الشؤون الاجتماعية انطلق بعد 15 أغسطس/ آب الماضي، لكن لم تكن هناك ميزانية خاصة تساعد في وضع الآليات الضرورية للوقاية، أو تذليل الصعوبات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة، فحتى اليوم، لا مدارس خاصة تقبل التلاميذ ذوي الإعاقة، وفي ذلك نقص فادح في استراتيجية الدولة في حماية هذه الفئة. كذلك، يشكو المتحدث من إقصاء هذه الفئة من سوق العمل قبل كورونا، مؤكداً أنّ الوضع ازداد سوءاً بعد الجائحة والحجر الصحي الشامل، مطالباً بضرورة توفير آليات حكومية للدعم الضروري للأشخاص ذوي الإعاقة. ويشير إلى أنّ هناك 276 ألف شخص من حاملي بطاقة إعاقة في تونس، لكن، يرجح أن يكون العدد أكبر، مؤكداً أنّ نسبة الأطفال من بينهم تفوق 40 في المائة. ويلفت إلى أنّ أكثر فئة مهددة بفيروس كورونا هي فئة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، ثم الحسية، ثم الحركية.
وكانت الكاتبة العامة للمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بوراوية العقربي، قد دعت إلى الإسراع بإطلاق مرصد وطني كهيكل رسمي تابع لرئاسة الحكومة يعنى بكلّ ما يتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، ويسهر على ضمان تشغيلهم وتطبيق جميع الالتزامات التشريعية المصادق عليها بالقانون التونسي.

ويلفت رئيس جمعية "تونس أرض الإنسان" (غير حكومية) عبد الحميد خيري، إلى غياب البروتوكول الصحي الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة في تونس، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنّ العديد من المراكز المختصة أغلقت أبوابها في فترة الحجر الصحي، ما شكل عدة أعباء على العائلات وعلى الأشخاص ذوي الإعاقة أنفسهم، فتلك المراكز كانت تشكّل متنفساً، لا سيما للأطفال ذوي الإعاقة، وإقفالها تسبب بمشاكل عدة. يتابع أنّ "أغلب الأسر ممن لديها طفل ذو إعاقة هي أسر فقيرة، ومحدودة الدخل، والإعاقة مكلفة لأيّ أسرة، فما بالك بالأسر التي تعوزها الإمكانات المادية للعناية بأطفالها؟". ويشير إلى أنّه، وإن توفرت الإمكانات، فإن العناية تتطلب تخصيص الوقت اللازم وهو ما يكون على حساب العمل وتوفير الدخل من أجل لقمة العيش. ويقول خيري إنّ الإمكانات والآليات التي خصصتها الدولة ضعيفة، فحتى في ظل كورونا لم تتخذ إجراءات خاصة بهذه الفئات، لا سيما أصحاب المداخيل الضعيفة من بينهم، ولا بأصحاب المشاريع الذين ساءت ظروفهم. ويفيد أنّ أول خطوة عملية لإنقاذ الأشخاص ذوي الإعاقة عقد جلسة طارئة بين الحكومة والاختصاصيين ومقارنة التجارب الخارجية، مؤكداً أنّ المربين والمشرفين على الأشخاص ذوي الإعاقة لا بد من أن يشملهم التأهيل والتوعية، خصوصاً في ظلّ أزمة كورونا. ويؤكد ضرورة مراجعة الإعانات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، سواء في شكل هبات أو قروض صغرى طويلة المدى وتشجيعهم على إعالة أنفسهم بأنفسهم، وعدم اعتبارهم عالة على الدولة.

المساهمون