"كوب 27": اتفاق على صندوق لمساعدة الدول المتضررة من الكوارث المناخية

20 نوفمبر 2022
سامح شكري في مؤتمر المناخ كوب 27 بشرم الشيخ في مصر (Getty)
+ الخط -

اتفقت الدول المشاركة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ "كوب 27" في مصر، صباح الأحد، على إنشاء صندوق لمساعدة الدول الفقيرة المتضررة من الكوارث المناخية.

وصرّح وزير الخارجية المصري ورئيس النسخة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27)، سامح شكري، بأنّ المؤتمر انتهى بالاتفاق على تخصيص تمويل للدول النامية، بهدف مواجهة التداعيات السلبية المرتبطة بتغيّر المناخ.

وقال شكري، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الأحد، عقب انتهاء أعمال المؤتمر الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء، شرقي مصر، إنّ "كوب 27" يُعَدّ مؤتمراً تنفيذياً، وهو لم يكتفِ بقرارات تقليدية، وإنّما سعى منذ اللحظة الأولى إلى تكريس أهمية التنفيذ، وذلك منذ الإعداد للانتقال من الرئاسة البريطانية في "كوب 26" الذي عُقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية إلى الرئاسة المصرية أخيراً.

وأشار شكري إلى أنّ الاتفاق جرى في "كوب 27" على "إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، لمواجهة التحديات الضخمة، وتعرّض دول عديدة في العالم، خصوصاً الدول النامية، للتداعيات السلبية المرتبطة بتغيّر المناخ". وأوضح أنّ "هذا يُعَدّ إنجازاً تاريخياً بعد 27 عاماً من التناول والمطالبة من قبل الدول الأفريقية بأن يتحقّق ذلك"، ويُعَدّ كذلك "نجاحاً للمؤتمر ونجاحاً لمصر التي ترأست هذا المؤتمر ودعمته".

وأضاف شكري أنّ المؤتمر "شهد على مدى أسبوعين مشاركة 112 رئيس حكومة ودولة في فعاليات الشقّ رفيع المستوى والدوائر المستديرة"، في مدينة شرم الشيخ، مؤكداً أنّ "رؤساء الدول والحكومات وأعضاء الوفود وممثلين عن المجتمع المدني وغيرهم شاركوا من أجل هدف واحد" وهو "مواجهة التغيّر المناخي".

وأوضح شكري أنّ "العمل الذي جرى في خلال أسبوعين بمؤتمر المناخ والنتائج التي توصّلنا إليها شهادة على إرادة جماعية (...) نحن أسرة للأمم، وقد عبّرنا برسالة واضحة حول العالم بأنّ هنا في القاعة على الرغم من الصعوبات واختلاف الرؤى والطموح (...) ملتزمون بمواجهة التغيّر المناخي من خلال الدبلوماسية متعدّدة الأطراف". وأكمل شكري: "هناك من شكّك في الوصول إلى نتائج وتراجع الإرادة"، لكن "تمكّنّا من الارتقاء بالجهود والمسؤوليات للاستجابة للجهود العالمية في ما يخصّ اتّخاذ القرار السياسي".

وصفّق المندوبون بعد إقرار إنشاء الصندوق خلال جلسة عامة ختامية، بعد أسبوعَين من المفاوضات الشاقة حول مطالبة الدول النامية بتعويضات من الدول الغنية الملوثة عن الأضرار الناجمة عن تداعيات التغيّر المناخي.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد رأى، في مؤتمر صحافي على هامش مشاركته في قمّة الفرنكوفونية في تونس، أمس السبت، أنّ إنشاء صندوق لتعويض الدول النامية عن "الخسائر والأضرار" التي تتكبّدها من جرّاء التغيّر المناخي حلّ "غير كافٍ إلى حدّ بعيد".

وقال ماكرون إنّ "فكرة إنشاء صندوق فقط هي في أسوأ الأحوال غير مناسبة، وفي أحسن الأحوال غير كافية إلى حدّ بعيد". وأضاف: "حالما نواجه مشكلة نستحدث صندوقاً (...) ماذا عن الحوكمة؟ من سيساهم بالأموال؟".

غوتيريس: مؤتمر المناخ فشل في وضع خطة "لخفض الانبعاثات جذرياً"

في المقابل، أسف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الأحد، لكون مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) في شرم الشيخ قد فشل في وضع خطة "لخفض الانبعاثات جذرياً".

وأكد غوتيريس: "كوكبنا لا يزال في قسم الطوارئ. نحتاج إلى خفض جذري للانبعاثات الآن، وهذه مسألة لم يعالجها مؤتمر المناخ هذا".

الاتحاد الأوروبي: خيبة أمل

إلى ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن خيبة أمله، الأحد، من الاتفاق حول الانبعاثات الذي جرى التوصل إليه في مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27).

وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس في الجلسة الختامية للمؤتمر: "ما لدينا ليس كافياً كخطوة للأمام (..) ولا يأتي بجهود إضافية من كبار الملوثين لزيادة خفض انبعاثاتهم وتسريعه"، وأكد أنه "خاب أملنا لعدم تحقيق ذلك".

وتعثر المؤتمر الذي كان مقرراً أن يختتم مساء الجمعة طويلاً حول مسألة تعويض الأضرار الناجمة عن التغير المناخي في ما بات يُسمى ملف "الخسائر والأضرار".

وبات موضوع الأضرار الناجمة عن التغير المناخي أكثر من أي وقت مضى في صلب النقاشات، بعد الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها باكستان ونيجيريا. وتشدد دول الجنوب منذ بداية هذا المؤتمر على إنشاء صندوق خاص مكرّس لتعويض هذه الأضرار.

وتحفظت الدول الغنية طيلة سنوات على فكرة إنشاء آلية خاصة لتمويل هذه الأضرار، خشية أن تواجه مسؤولية قانونية قد تفتح الباب أمام تعويضات لا تنتهي.

وكان الاتحاد الأوروبي قد سعى إلى حلحلة هذه العقدة بقبوله بشكل مفاجئ، الخميس الماضي، مبدأ إنشاء "صندوق استجابة للخسائر والأضرار"، شرط أن يكون موجهاً لأكثر الدول ضعفاً، وأن يمول من جانب "قاعدة واسعة من المانحين"، بدءاً بالصين والمملكة العربية السعودية.

وقال المبعوث الصيني الخاص، شي جينخوا، أمس السبت، إن الصندوق يجب أن يساعد كل الدول النامية، لكنه أقرّ بأنه ينبغي أن يوجه "في المقام الأول إلى الدول الضعيفة".

وأعطى هذا الإعلان أملاً جديداً باحتمال إنقاذ مؤتمر "كوب 27"، الذي كان على شفير الفشل، صباح السبت، إثر إعلان نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس: "نفضل عدم التوصل إلى نتيجة، على التوصل إلى نتيجة سيئة".

وأوضح أمام صحافيين، قائلاً: "نحن قلقون من أشياء رأيناها وسمعناها في الساعات الـ12 الأخيرة"، مضيفاً أن الأوروبيين يريدون إبقاء هدف حصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية "حيّاً"، وهو أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ (2015) طموحاً.

ونشرت الرئاسة المصرية للمؤتمر التي وُجّهت إليها انتقادات على بطء المفاوضات مسوّدة وثيقة ختامية جديدة كانت موضع ترقّب شديد. وأعادت الوثيقة تأكيد أهداف اتفاق باريس للمناخ.

نص اتفاق باريس الذي يشكّل الحجر الأساس في مكافحة التغيّر المناخي، على هدف حصر الاحترار دون درجتين مئويتين، وإن أمكن بحدود 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وأعيد تأكيد هذا الهدف خلال كوب 26 في غلاسكو العام الماضي.

وشدد النص المقترح على أن تداعيات التغير المناخي ستكون أقل بكثير مع 1.5 درجة مئوية، وعلى ضرورة مواصلة "الجهود" لاحترام هذا الحد.

على صعيد الطاقة، أكدت المسودة ضرورة وقف "الدعم غير المجدي للوقود الأحفوري" من دون الإشارة إلى التخلي التدريجي عن النفط والغاز. وأعادت تأكيد التخلي التدريجي عن الفحم الذي أُقرَّ العام الماضي في غلاسكو، لكن هذه المرة مع الدعوة إلى تسريع اعتماد الطاقة المتجددة خلال عقد.

إلا أن دولاً كثيرة كانت لا تزال تدفع، عصر السبت، باتجاه تعزيز الأهداف على صعيد خفض انبعاثات غازات الدفيئة.

وحذرت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية أنييس بانيه روناشيه، من أن "الشق المتعلق بتخفيف المخاطر ليس على مستوى الطموح المطلوب، ولا سيما بشأن استخدام الطاقة الأحفورية".

وقالت تينا ستيغه، مبعوثة المناخ لجزر مارشال: "علينا أن نخرج من كوب 27 بمجموعة قرارات تُبقي هدف 1,5 درجة مئوية حيّاً ويحمي أكثر الدول ضعفاً".

ولا تسمح الالتزامات الحالية للدول المختلفة بتاتاً بتحقيق هدف حصر الاحترار بـ1,5 درجة مئوية. وتفيد الأمم المتحدة بأنها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار بـ2,4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي.

المساهمون