أطلق نشطاء تونسيون حملة "كن إنسان" لجمع تبرّعات لمصلحة المهاجرين المرحّلين من مدينة صفاقس، وذلك بهدف توفير مواد أساسية للعيش. وتشكّلت مبادرة "كن إنسان" بعد أن وجد مئات المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء أنفسهم في وضع صعب بمناطق صحرواية جنوبي تونس أو في الساحات العامة بمدينة صفاقس، عقب طردهم جماعياً وإرسال جزء منهم إلى المنطقة الحدودية مع ليبيا.
ومن أجل جمع التبرّعات، أنشأ القائمون على حملة "كن إنسان" منصّة على شكل حصّالة إلكترونية توضع فيها المبالغ المالية، من أجل توفير مستلزمات حياتية للمهاجرين المنتشرين في محافظات تونسية مختلفة، لا سيّما في منطقة الجنوب الصحراوية.
وقال الناشط لؤي الشارني إنّ الغاية الأساسية من حملة "كن إنسان" هي "حماية أرواح مهاجرين يواجهون ظروفاً صعبة وسط درجات حرارة قياسية، فثمّة أطفال ونساء حوامل في الشوارع من دون مأوى فيما آخرون في الصحراء".
وأوضح الشارني لـ"العربي الجديد" أنّ "الحملة لاقت تفاعلاً كبيراً من قبل التونسيين بعد فتح باب التبرّعات، وقد حقّقت في ساعاتها الأولى أكثر من الأهداف المرسومة لها، الأمر الذي يدلّ على الحسّ الإنساني للتونسيين ورفضهم الممارسات العنصرية ضدّ مهاجري جنوب الصحراء".
وتُظهر البيانات على موقع الحملة أنّ عدد المتبرّعين زاد أكثر من 350 في المائة عن الأهداف المحدّدة، وقد جُمع حتى ظهيرة اليوم الاثنين ما يزيد عن 35 ألف دينار تونسي (نحو 11.3 ألف دولار أميركي) تبرّع بها نحو 440 مشاركاً في الحملة.
وأفاد الشارني بأنّ "التبرّعات سوف تُخصَّص لشراء المستلزمات الحياتية الأساسية للمهاجرين، من بينها الطعام والمياه والأدوية والحليب والحفاضات للرضّع". ولفت إلى أنّ مستلزمات سوف توفَّر كذلك من أجل "علاج المتضرّرين من ضربات الشمس والحروق الناجمة عن التعرّض لدرجات حرارة عالية".
وشدّد على أنّ "الحملة تهدف كذلك إلى تحسين الانطباع السيّئ نتيجة طرد المهاجرين في ظروف قاسية وترحيلهم نحو الحدود الليبية من دون أدنى حماية".
من جهتها، دعت التنسيقية الوطنية للحركات الاجتماعية التونسيين عموماً إلى مساعدة المتضرّرين بما تيسّر من مواد غذائية بالإضافة إلى إسعاف الجرحى والمرضى أينما وُجدوا. كذلك طالبت في بيان أصدرته اليوم الاثنين بتأليف "لجنة وطنية للإغاثة الإنسانية".
وأفادت التنسيقية بأنّ "أزمة أفارقة جنوب الصحراء في تونس أزمة إنسانية بامتياز لا تتطلّب في هذه المرحلة سوى تضافر جهود أبناء الوطن في إطار التضامن الإنساني، وإنقاذ الأرواح البشرية، والدفاع عن أسمى حقّ من حقوق الإنسان وهو الحقّ في الحياة".
وكانت أعمال العنف التي استهدفت مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء قد تصاعدت يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيَين، بعدما قُتل أحد سكان صفاقس. وقد أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان لها أصدرته يوم الجمعة الماضي، بأنّ قوات الأمن التونسية عمدت إلى "طرد جماعي طاول مئات من المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة السود، بمن فيهم الأطفال والنساء الحوامل، منذ الثاني من يوليو/ تموز الجاري، إلى منطقة معزولة نائية وعسكرية عند الحدود التونسية-الليبية".
وبسبب وضع إقامتهم الصعب في تونس، يواصل مهاجرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء محاولات الوصول إلى إيطاليا بحراً.
واليوم الاثنين، أفادت مصادر أمنية إيطالية بأنّ قوارب هجرة تدفّقت على جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في الليلة الماضية، مشيرة إلى أنّ عدداً منها انطلق من صفاقس.