كل ما نعرفه عن سفينة المساعدات من قبرص إلى غزة... هذا مكان وصولها

12 مارس 2024
سفينة المساعدات قبل تحركها من ميناء لارنكا (اياكوفوس هاتزيستافرو/فرانس برس)
+ الخط -

أبحرت سفينة من ميناء لارنكا في قبرص، صباح الثلاثاء، وهي تسحب بارجة تحمل نحو 200 طن من الطحين والأرز والمعلبات، في تجربة لأول طريق بحري لإيصال المساعدات إلى سكان قطاع غزة الذين أصبحوا على شفا المجاعة. تتولى منظمة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية الأميركية، تنظيم المهمة، في حين تقوم مؤسسة "برواكتيفا أوبن آرمز" الخيرية الإسبانية بمهام إدارة السفينة.
وقال مؤسس المنظمة الأميركية، الطاهي الشهير خوسيه أندريس، والرئيسة التنفيذية للمنظمة، إيرين غور، في بيان: "هدفنا هو إطلاق طريق بحري للقوارب والبوارج المحملة بملايين الوجبات نحو غزة". وتعتزم المؤسستان الخيريتان نقل المساعدات مباشرة إلى القطاع المعزول عن العالم منذ بداية العدوان الإسرائيلي، ويتوقع أن تصل السفينة خلال يومين أو ثلاثة أيام. 
وفي ظل عدم وجود بنية تحتية لميناء، قالت المنظمة الخيرية الأميركية إنها تقوم بإنشاء رصيف في غزة بمواد من المباني المدمرة والأنقاض، وإنها نشرت فرقاً لتوزيع الطعام في غزة منذ بداية الحرب، كما جمعت 500 طن أخرى من المساعدات في قبرص، وسيتم إرسالها هي الأخرى.

إقامة رصيف بحري لاستقبال المساعدات في منطقة "البيدر" جنوب غربي مدينة غزة

وكشفت مصادر محلية في قطاع غزة أن المنطقة التي سيقام عليها الرصيف البحري لاستقبال المساعدات هي منطقة "البيدر" جنوب غربي مدينة غزة، والتي تقع بالقرب من حي الشيخ عجلين الذي يفصله شارع الرشيد عن شاطئ البحر، وتقع المنطقة حالياً تحت سيطرة إسرائيلية كاملة، وكانت تضم بعض المساكن والمطاعم التي دمرها الاحتلال، وإلى الشرق منها أراض زراعية ومساكن كرر جيش الاحتلال قصفها، كما أمر سكانها مراراً بالمغادرة، قبل أن يقيم بالقرب منها الشارع 749 الذي يفصل قطاع غزة إلى قسمين.
وتدور الشكوك حول اختيار المنطقة رغم أنها لا تصلح لإقامة ميناء نظراً لأنها قريبة من المناطق السكنية، وفيها شوارع لها امتداد طولي. يقول أحمد عبيد، وهو أحد سكان المنطقة النازحين إلى مخيم النصيرات، لـ"العربي الجديد": "كثف الاحتلال عملياته العسكرية في المنطقة خلال الشهرين الأخيرين، ويعتقد أنه أقام ثكنة عسكرية فيها، وربما اختارها لأنه يرغب في تفتيش المساعدات قبل توزيعها. المنطقة في الأساس سياحية، وكان في الشمال والشرق منها شاليهات، ويبدو أنه جرى اختيار مكان رصيف الميناء وفق مخطط شمل تدميرها كليّاً، وكونها تحت سيطرة الاحتلال".


وفي اليوم الثاني من شهر رمضان، حذرت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، من أن "الوقت ينفد" لتجنب المجاعة في شمالي قطاع غزة الذي يواجه "كارثة إنسانية" بسبب نقص المساعدات الغذائية.

وقال منظمو الرحلة البحرية إنه بمجرد اقتراب السفينة من غزة، ستقوم سفينتان صغيرتان بسحب السفينة إلى رصيف السفن الذي تقوم "وورلد سنترال كيتشن" ببنائه. وتخطط المنظمة بعد ذلك لتوزيع الشحنة من خلال 60 مطبخاً تديرها في جميع أنحاء غزة.
وقال الطاهي أندريس لـ"أسوشييتد برس"، خلال مقابلة قصيرة مساء السبت، إنهم يريدون الحفاظ على سرية موقع الرصيف البحري لمنع الحشود الضخمة من تعطيل عمليات التسليم.

الصورة
تكرر الإنزال الجوي للمساعدات على مدينة غزة (داود أبو القص/الأناضول)
تكرر الإنزال الجوي للمساعدات على مدينة غزة (داود أبو القص/الأناضول)

وقتل عدد من الفلسطينيين وأصيب عشرات، الثلاثاء، في هجوم إسرائيلي جديد استهدف مواطنين كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات إغاثية في منطقة "دوار الكويت" شمالي قطاع غزة. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن "الجريمة الجديدة" التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي "ترفع أعداد الشهداء الذين قتلهم وهم ينتظرون المساعدات في دوار الكويت وشارع الرشيد إلى أكثر من 400 شهيد و1300 مصاب". وفي 29 فبراير/ شباط، فتح الجيش الإسرائيلي النار على مئات الفلسطينيين لدى تجمعهم في شارع الرشيد بانتظار الحصول على مساعدات، ما خلف 118 قتيلاً و760 جريحاً، في إحدى أعنف عمليات الاستهداف التي تمارسها إسرائيل، والتي باتت تعرف باسم "مجزرة الطحين".
وذكرت منظمات إغاثية أن إيصال المساعدات إلى معظم أنحاء القطاع يكاد يكون مستحيلاً بسبب القيود الإسرائيلية، والأعمال العدائية المستمرة، وانهيار القانون والنظام بعد اختفاء عناصر شرطة غزة من الشوارع. وتسوء الأوضاع كثيراً في شمالي غزة، والذي تعرض لدمار واسع النطاق، وعزلته القوات الإسرائيلية عن الجنوب منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 300 ألف فلسطيني بقوا هناك على الرغم من أوامر الإخلاء الإسرائيلية، واضطر معظمهم إلى تناول علف الحيوانات خلال الأسابيع الماضية.
واصطف أطفال يوم الاثنين، الأول من شهر رمضان، حاملين أواني للحصول على طعام في مخيم جباليا للاجئين، وحصل كل منهم على كمية صغيرة من الجزر المطبوخ والبطاطا الحلوة من أجل تناول وجبة الإفطار بعد صيام يوم كامل. يقول المتطوع بسام الحو، لـ"الأناضول": "أطفالنا لا يجدون أي شيء يأكلونه. لا طعام ولا ماء ولا طحين".
وقبرص هي أقرب دول الاتحاد الأوروبي إلى قطاع غزة، وتقع على بعد نحو 370 كيلومتراً. وطرحت الحكومة القبرصية في البداية فكرة استخدام الدولة الجزيرة الواقعة في شرق البحر المتوسط قاعدةً لإرسال المساعدات إلى غزة عن طريق السفن.

وكتب الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليتس على منصة "إكس": "أبحرت السفينة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة. إنه شريان حياة للمدنيين، ويجري إنشاء رصيف المراكب الصغيرة. قد نفشل، لكن الفشل الأكبر هو عدم المحاولة. شكراً لكل من جعل هذا الأمر ممكناً. لنجعل هذه اللحظة فأل خير للسلام في الشرق الأوسط".
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين إن إبحار السفينة يبعث "على الأمل". وكتبت على منصة "إكس": "سنبذل جهوداً حثيثة من أجل أن يتبعها العديد من السفن، وسنبذل كل ما في وسعنا حتى تصل المساعدات إلى الفلسطينيين".
في السياق، غادرت سفينة عسكرية أميركية الولايات المتحدة، السبت، محملة بالمعدات اللازمة لبناء رصيف لتفريغ شحنات المساعدات، وهو ما قد يستغرق 60 يوماً. 
وأطلقت الولايات المتحدة ودول أخرى عمليات إنزال جوي للمساعدات في الأيام الأخيرة، لكن منظمات الإغاثة تقول إن هذه الجهود مكلفة ولا تلبي الاحتياجات، في حين تؤكد الأمم المتحدة أن إرسال المساعدات عن طريق البحر وعمليات الإنزال الجوي لا يمكن أن تحل محل الطريق البري.
(العربي الجديد)

المساهمون