كازاخستان تضيق على الروس الفارين

كازاخستان تضيق على الروس الفارين

16 مارس 2023
عشرات الروس يتوافدون على كازاخستان (فرانس برس)
+ الخط -

بعد مرور عدة أشهر على استقبالها مئات آلاف الروس الفارين من التعبئة العسكرية الجزئية التي أعلنت في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، قررت كازاخستان تقليص فترة الإقامة من دون تأشيرة لمواطني بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والذي يضم روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزستان، إلى 90 يوماً خلال كل ستة أشهر. 
ويقضي القرار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، أن يغادر مواطنو الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي أراضيها بعد الإقامة لـ90 يوماً، وأن تتواصل فترة بقائهم خارجها مدة مماثلة، لتبطل قاعدة "Visa Run" التي كانت تصفر فترة الإقامة في حال مغادرة البلاد، ولو ليوم واحد. 
ووفق القرار الجديد، سيتعين على الراغبين في الإقامة في كازاخستان لفترة متواصلة تزيد عن ثلاثة أشهر، استخراج تأشيرة أو تصريح إقامة مؤقتة. 

ويلفت رئيس صندوق "ليبرتي" الاجتماعي الحقوقي في كازاخستان، غاليم أغيليؤوف، إلى أن تشديد إجراءات الهجرة لا يعني إغلاق كازاخستان أمام الروس الفارين من التعبئة الجزئية، أو دعم البلاد للحرب الروسية على أوكرانيا، بل إنها تفرض على من يرغب في البقاء لفترة طويلة تنظيم أوضاعه.   
ويقول أغيليؤوف في حديث لـ"العربي الجديد": "ترغم السلطات المغتربين الروس على استخراج أوراق الإقامة، مما يتطلب تأسيس منشأة، أو الالتحاق بوظيفة رسمية، وبالتالي دفع الضرائب. لا تحتاج كازاخستان إلى من لا يعمل، ويعيش على حساب التحويلات من روسيا. يبدو الأمر وكأنه يتم الدفع بهؤلاء للخروج من البلاد. أجزم أنه لن يتم إغلاق كازاخستان أمام الذكور الروس في حال إعلان مرحلة جديدة من التعبئة".
ويضيف: "في حال صدقت الشائعات، ستتدفق موجات جديدة من الروس إلى بلادنا، وسيتم استقبالهم، ولكن ليس مجاناً كما كان الحال أثناء هجرة الخريف الماضي. سيبقى السفر إلى كازاخستان متاحاً حتى يتجنب الشباب إيفادهم إلى الجبهة، ولا يمكن ترجمة الإجراءات الجديدة على أنها تحفيز على الحرب، أو دعم للكرملين".  
من جانب آخر، يرى رئيس المركز الأوراسي للتحليل في موسكو، نيكيتا ميندكوفيتش، أن تشديد إجراءات الهجرة في كازاخستان يستهدف بالدرجة الأولى الروس من أصحاب التوجهات المعارضة ممن يتلقون المعلومات من وسائل الإعلام الغربية والليبرالية، والذين قد يشكلون خطراً على الاستقرار السياسي في البلاد.  

الصورة
تتوقع كازاخستان تدفق موجات جديدة من الروس الفارين (كيريل قريايفيستيف/ فرانس برس)
تتوقع كازاخستان تدفق موجات جديدة من الروس الفارين (كيريل قريايفيستيف/ فرانس برس)

ويقول ميندكوفيتش في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "كازاخستان غير راضية عن هجرة الروس من أصحاب التوجهات المعارضة، خاصة وأن الجمهورية واجهت في بداية العام الماضي، محاولة ثورة ملونة بدعم غربي"، في إشارة إلى الاضطرابات وأعمال الشغب التي شهدتها البلاد خلال الأيام الأولى من عام 2022، على أثر الارتفاع الحاد لأسعار الغاز، حين أسفرت المواجهات في الشوارع عن مقتل أكثر من 200 شخص. 
وتقدر نسبة المعارضين بين الروس الذين هربوا إلى كازاخستان في العام الماضي بأكثر من 80 في المائة، ويشير ميندكوفيتش إلى أنه "لم يكن الإعلان عن التعبئة الجزئية عاملاً لاتخاذ قرار الهجرة للأغلبية الساحقة من الروس الذين اختاروا البقاء في بلادهم، باستثناء أولئك الذين يتلقون المعلومات من وسائل الإعلام الموالية للغرب، ويتأثرون بها، وهؤلاء باتت سلطات كازاخستان تنظر إليهم على أنهم عامل مزعزع للاستقرار نظراً لإمكانية تورطهم في أعمال تخريبية".  
وتشير بيانات وزارة الداخلية في كازاخستان إلى أن نحو 400 ألف مواطن روسي دخلوا إلى أراضي البلاد خلال الفترة من 21 إلى 30 سبتمبر/أيلول الماضي، في حين يقلل ميندكوفيتش من أهمية هذا الرقم، قائلاً إن "هذه الأرقام متعلقة بعدد حالات الدخول إلى كازاخستان، ولكنها لا تشمل إحصاءات المغادرة، وهي كبيرة أيضاً نظراً للحجم الكبير للتجارة البينية بين كازاخستان وروسيا، وهناك أصحاب مهن بعينها مثل سائقي الشاحنات الذين يعبرون الحدود عدة مرات شهرياً، والخلاصة أن عدد الروس الذين استقروا في كازاخستان لا يزيد على 100 ألف شخص". 
ومن اللافت أن تشديد إجراءات الهجرة في كازاخستان يأتي بالتزامن مع تزايد الشائعات حول احتمال إجراء روسيا مرحلة جديدة من التعبئة العسكرية لزيادة عدد الأفراد على جبهة القتال في شرقي أوكرانيا، خاصة وأن مرسوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن التعبئة، المؤرخ في 21 سبتمبر الماضي، لا يزال مفعوله سارياً.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ومع ذلك، جدد الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، في وقت سابق، تأكيده على انتهاء التعبئة بعد تجنيد العدد المطلوب من أفراد الاحتياط، والبالغ 300 ألف شخص، مرجعاً استمرار مفعول المرسوم إلى الإبقاء على صلاحيات أخرى لازمة لوزارة الدفاع الروسية.  
وبعد الإعلان عن التعبئة، احتشدت طوابير من السيارات على المعابر الحدودية الروسية، لاسيما مع تلك الدول التي لا تفرض تأشيرة دخول مسبقة على الروس، وفي مقدمتها كازاخستان وجورجيا وأرمينيا وأوزبكستان، وهرع مئات الآلاف من الذكور الذين تنطبق عليهم شروط التعبئة لمغادرة البلاد. 

المساهمون