تدخل بلدة قصرة، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، موجة جديدة من استهدافها من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، بعدما أقام مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة، أمس الأحد، فوق أراضيها، ضمن حلقة جديدة بمسلسل الاستيطان الذي يسعى للإطباق على منطقة شمال الضفة الغربية وفصلها بشكل فعلي عن وسط الضفة الغربية.
وفي الوقت الذي شرعت فيه جرافات تابعة للمستوطنين بتجريف الأراضي في منطقة تعرف بـ"جبل الخارجة"، جنوب شرق قصرة، وأحاطتها بأسلاك شائكة، فإن المنطقة سبق أن شهدت قبل فترة أعمال تجريف وشق طرق، بهدف ربطها مع مستوطنة "مجدوليم" المقامة على مدخل البلدة من جهة، ومع سلسلة المستوطنات المقامة على أعالي الجبال الممتدة من نابلس حتى أطراف مدينة رام الله ويزيد عددها على ثلاثين مستوطنة وبؤرة استيطانية من جهة أخرى، ما يخنق أراضي الفلسطينيين ويسيطر عليها.
ويشير رئيس بلدية قصرة هاني عودة إلى أن ما جرى، أمس، هو الحلقة الأخيرة لوضع اللمسات النهائية لإنشاء البؤرة الاستيطانية التي قد تتحول خلال أشهر أو سنوات قليلة مقبلة إلى مستوطنة كبرى، لا سيما أنها تقع في موقع استراتيجي يطل على بلدات وقرى مثل الساوية واللُبن وقريوت وقصرة، جنوب نابلس، وترمسعيا والمغير في الشمال الشرقي لرام الله.
عودة: تشهد المنطقة تصاعداً في البناء الاستيطاني والاستيلاء على المزيد من الأراضي لربط المستوطنات بعضها ببعض
ويؤكد عودة لـ"العربي الجديد"، أن اختيار موقع البؤرة الاستيطانية الجديدة ليس عبثياً، وعدم التصدي لها يعني إطلاق رصاصة الرحمة على عشرات آلاف الدونمات الزراعية والسهلية لكل تلك القرى والبلدات، وليس فقط التابعة لبلدة قصرة.
ويلفت عودة إلى أن المنطقة تشهد تصاعداً في البناء الاستيطاني والاستيلاء على المزيد من الأراضي لربط المستوطنات بعضها ببعض، أولها في الأغوار وآخرها في منطقة رأس العين على حدود عام 1948 من جهة محافظة سلفيت، ما يشكل حزاماً استيطانياً متصلاً.
وتحيط ببلدة قصرة خمس مستوطنات مقامة على أراضي الفلسطينيين، أربع منها تقع جنوب غرب البلدة، وهي "ايش كوديش"، "يحيى"، "عادي عاد"، "كيدا"، فيما تقع إلى الشرق منها أكبر تلك المستوطنات وهي مستوطنة "مجداليم".
وطوال السنوات الماضية شهدت قصرة سلسلة لا تنتهي من الاعتداءات المتكررة للمستوطنين بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، راح ضحيتها فلسطينيان، أحدهما برصاص مستوطن في نهاية العام الماضي 2017، وحرق محاصيل زراعية ومركبات ومساجد وغيرها.
وكان الصدام الأشرس مع المستوطنين عام 2014، عندما تمكن الأهالي في قصرة من احتجاز مجموعة من المستوطنين وانهالوا عليهم بالضرب قبل تسليمهم لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ومن يومها والمستوطنون يحاولون الانتقام بشتى الطرق، وفق عودة، ومن أبرز تلك الخطوات التوسع الاستيطاني، لافتاً إلى أن قصرة خسرت معظم أراضيها الزراعية البالغة نحو 9 آلاف دونم، ما بين المصادرة ومنع الوصول إليها.
ووثق مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس نحو عشرين هجوماً تعرضت لها بلدة قصرة خلال الربعين الأول والثاني من العام الحالي، وأبرزها ما جرى في السابع من يونيو/حزيران الفائت، عندما منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدداً من المواطنين الفلسطينيين من استصلاح أراضيهم بالمنطقة الجنوبية من بلدة قصرة.
يقول دغلس لـ"العربي الجديد"، إنه أثناء وجوده برفقة الطواقم الهندسية والفنية لاستصلاح أراض للمواطنين، "اقتحمت (دائرة التنظيم والبناء) الإسرائيلية برفقة جيش الاحتلال المنطقة، وطالبت بوقف العمل والمغادرة، بحجة أنها واقعة بالمنطقة المصنفة (ج)، رغم أن الأراضي تقع بين منازل المواطنين وفي مناطق مصنفة (ب) وفق اتفاقية أوسلو، ويدعي الاحتلال أن تصنيفها (ج)، وهددت بالاستيلاء على المعدات في حال العمل بالأرض".
وتابع دغلس: "بعدها بيومين فقط، سلمت قوات الاحتلال الإسرائيلي إخطارات بوضع اليد ووقف العمل على ما يقارب 170 دونما جرى استصلاح 90% منها، في المنطقة الشرقية من قصرة".
وأشار دغلس إلى أن تلك الأراضي تضم غرفاً زراعية وآبار جمع مياه، إضافة إلى أنها مزروعة بأشجار الزيتون، مؤكداً خطورة القرار الذي يخنق البلدة من جهتها الشرقية.