قمر الدين والعرقسوس يقهران العطش ويزينان مائدة فلسطين الرمضانية
يشكّل رمضان فرصة للعودة إلى المشروبات الشعبية التراثية المحلية في فلسطين، وأهمها مشروب قمر الدين والعرقسوس والتمر الهندي التي تزيّن المائدة الرمضانية طيلة شهر الصوم.
ويعتبر المهندس البيئي والباحث في مجال التغذية، عمر عاصي، أنّ "رمضان يجب أن يكون الشهر الذي نعود فيه إلى ذواتنا وغذائنا الشرقي التقليدي، والتوقف عن استهلاك الصناعات الغربية بما فيها المشروبات الغازية نظراً لضررها البالغ على الصحة".
ويقول لـ"العربي الجديد": "يهمني أن أتحدث عن قمر الدين، فبشرائنا له ندعم الزراعة والاقتصاد المحلي، كما أنّ علاقتنا به حُبلى بذكريات الماضي الجميل والطفولة، وأذكر أنّ جدّي كان يفضل هذا المشروب في وجبة السحور".
ويتابع: "هذا المشروب المصنوع من المشمش يمكن أيضا تحويله إلى مربى، وهو غني بالفيتامينات والمعادن، كما أنه سلاح فتاك في وجه العطش، إنه مشروب تراثي له جودة عالية حسب نوعية المشمش المستخدم فيه، فهناك أصناف كثيرة كالمستكاوي والكلابي، وبلدة بيت جالا مشهورة بالمشمش المستكاوي وجفنة قضاء رام الله معروفة بزراعة المشمش".
وتوقف عاصي أيضا عند قصة تسمية هذا المشروب، التي تدور حولها روايات عديدة منها إسناد أصل الاسم إلى الخليفة الذي كان معروفا باحتفاله مع قمر الدين عند رؤية الهلال في رمضان، وهناك رواية أخرى تقول إن موسم المشمش تزامن مع رؤية القمر الجديد الذي يمثل بداية شهر رمضان في العام الذي صُنع فيه قمر الدين.
وإلى جانب قمر الدين وفوائده الصحية، فإن مشروب العرقسوس لا يقلّ أهمية وحضوراً عنه خاصة في رمضان، فهو معروف بدوره في تحسين عمل الجهاز الهضمي، وتنشيط عملية الهضم، وعلاج العديد من المشاكل الصحية.
رمضان فرصة لتبني نمط غذائي صحي
ويوضح عاصي، أنّ شهر رمضان يمثل فرصة حقيقية لرفع الوعي وتبني النظام الغذائي الصحي، "صوموا تصحّوا"، فلينظر الإنسان إلى طعامه، ويشير إلى أن "زيادة مرضى السكري من فلسطينيي الداخل، بسبب أنماط التغذية السيئة والاستهلاك المفرط للمشروبات الغازية".
أما التمور التي يكسر بها الصائمون صومهم، فهي من العادات الغذائية الجيدة التي تم الحفاظ عليها لسنوات، ووفقاً لعاصي فإن الإفطار على التمر والحليب يسدّ حاجة الجسم الأولية ويمدّه بالطاقة، وقد كان التمر دائما موجوداً مع الرحالة والمسافرين لأنه مورد غني جدا وحمله خفيف.
ومن السلوكيات الغذائية التي ينصح عاصي باتباعها، تحلية المشروبات بالعسل بدل السكر، "فعندما نحلي الشاي والحليب بالعسل نقوم بالتشجيع على تربية العسل ونفيد المزارعين ونستهلك منتجاً محلياً وننفع الاقتصاد المحلي". ويوضح أنّ استهلاك المشروبات الصحية يجعلنا نحمي البيئة من القوارير البلاستيكية ونحافظ عليها أكثر.
داعياً الأسر إلى التوقف عن الإسراف في هذا الشهر، والاستهلاك بتعقّل، ووفق إحصائيات غير رسمية، فإن أكثر من 3500 شيكلا تذهب في التسوق، في حين أن 50 بالمائة من النفايات المنزلية هي بقايا طعام وفق بحث لجمعية الجليل، وهو ما لا ينسجم مع قيم شهر الصوم والعبادة والتضامن الاجتماعي.