تستضيف روما اليوم الأحد قادة ومسؤولين من دول البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية، في مؤتمر دولي يهدف إلى توسيع الاتفاق الذي وقّعه الاتحاد الأوروبي مع تونس للحدّ من وصول المهاجرين إلى القارة العجوز.
ويحضر المؤتمر الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيس الوزراء المالطي روبرت أبيلا، ونظيره المصري مصطفى المدبولي، وأيضاً رؤساء وزراء الجزائر واليونان والأردن ولبنان، إضافة إلى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وكانت رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني، قد وعدت خلال الحملة الانتخابية التي أوصلتها إلى السلطة العام الماضي بوقف نزول المهاجرين في إيطاليا، ثم عرقلت حكومتها نشاط سفن المنظمات التي تنفذ مهمات إنقاذ إنسانية في البحر، لكن من دون أن تنجح في وقف وصول اللاجئين إلى بلدها.
وقالت الباحثة في مركز سياسة الهجرة التابع لمعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا، فيديريكا إنفانتينو: "لن يغيّر الاتفاق مع تونس الوضع، لأن رحلات الهجرة ليست مياهاً تخرج من صنبور يغلقه ويفتحه بعض السياسيين بحسب رغبتهم، لكن حتى إذا لم تتحقق الأهداف المعلنة لميلوني، يظل الملف قضية رمزية قوية لسياستها الداخلية".
وأحصت إيطاليا عبور حوالى 80 ألف مهاجر سرّي البحر المتوسط إلى سواحلها منذ بداية العام الحالي، مقابل 33 ألفاً خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وتقول إن معظمهم انطلقوا من سواحل تونس، لذا كثفت ميلوني والمفوضية الأوروبية، بدعم من دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي، الحوار مع تونس التي تعهدوا بمنحها تمويلاً كبيراً إذا التزمت مكافحة الهجرة في أراضيها، ما يساعدها في تلبية متطلبات صندوق النقد الدولي، وبينها تنفيذ إصلاحات كبيرة.
ووقعت بروكسل وروما سابقاً مذكرة تفاهم مع سعيّد لحظت تقديم مساعدة أوروبية قيمتها 116 مليون دولار بهدف تعزيز إجراءات تونس لمنع مغادرة قوارب المهاجرين ومحاربة المهربين، وأيضاً إعادة مزيد من المهاجرين السرّيين التونسيين في الاتحاد الأوروبي إلى بلدهم، وآخرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء من تونس إلى بلدانهم الأصلية.
وقالت ميلوني خلال زيارتها تونس برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لايين: "يجب أن تكون الشراكة مع تونس نموذجاً لبناء علاقات جديدة مع جيراننا في شمال أفريقيا".
وأكد مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي طلب عدم كشف هويته أن الاتحاد الأوروبي حريص على التفاوض في شأن شراكات مماثلة مع مصر والمغرب، فيما صرّح سفير دولة أوروبية في روما طلب عدم كشف هويته أيضاً بأنه "يجب أن نتعاون مع دول شمال أفريقيا، حتى لو وجب علينا أن نقبل أنها ليست ديمقراطيات مثالية، وأعضاء الاتحاد الاوروبي متفقون على هذا المبدأ".
لكن المنظمات غير الحكومية تعترض على سياسات الاتحاد الأوروبي التي وصفتها منظمة "سي ووتش" بأنها "عزلة قاتلة، في وقت لا يعتبر البحر المتوسط مجرد مقبرة، بل مسرحاً لجريمة".
ورأت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "أوروبا لم تتعلم شيئاً من تواطؤها في ارتكاب انتهاكات فظيعة ضد مهاجرين في ليبيا".
ويرى الباحث المستقل إيف باسكواو، أن وجود "قناة نقاش بين أوروبا ودول المغادرة أمر إيجابي، لكن من المقلق أن دول الجنوب أيضاً باتت تعتبر الهجرة مشكلة. وطالما بقيت سياسات الهجرة إحدى صلاحيات وزراء الداخلية الأوروبيين، سيستمر التعامل مع القضية من منظار أمني". تابع: "ما ينقص العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى هو التفكير طويل الأمد".
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مائة ألف مهاجر سرّي وصلوا إلى أوروبا في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي من طريق البحر من سواحل شمال أفريقيا وتركيا ولبنان، علماً أن عددهم زاد قليلاً على 189 الفاً العام الماضي.
(فرانس برس)