تسود الخشية في الأوساط الفلسطينية من إقرار مشروع قانون بشأن ضريبة القيمة المضافة لسنة 2022، سيتقدم به مجلس الوزراء الفلسطيني للرئيس محمود عباس، يمنح وزير المالية سلطة المنع من التنقل "السفر"، والمس بالسرية المصرفية، الأمر الذي تؤكد فيه مؤسسات حقوقية أن ذلك يعني قيام السلطة التنفيذية بمهام قضائية تمس حقوقاً أساسية للمواطن الفلسطيني.
وقال المدير التنفيذي للهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون ماجد العاروري، وهو خبير بالشأن القضائي، في حديث لـ"العربي الجديد": "إن مشروع القانون فيه تعدٍ على القانون الأساسي الفلسطيني، الذي ربط صلاحية ذلك بالسلطة القضائية، حيث يمنع المس بقضية السفر والمنع منه إلا بموجب أمر قضائي، وكذلك الأمر بما يتعلق بمنع الكشف المصرفي إلا بموجب أمر قضائي".
وتابع العاروري: "كما أن التحفّظ على أموال أي مواطن يتطلب قراراً من المحاكم وليس من وزير المالية أو السلطة التنفيذية، حيث إن ذلك من شأنه أن يستخدم لأغراض سياسية، وكل مواطن فلسطيني له ملف ضريبي، وفي حال إقرار القانون، فإن ذلك يفتح باب التدخل بشؤون المواطنين وحقوقهم الأساسية".
العاروري: التحفظ على أموال أي مواطن يتطلب قراراً من المحاكم وليس من وزير المالية أو السلطة التنفيذية
وأكد العاروري أنه في أي نوع من الجرائم، فإن الوضع الطبيعي أن تتم محاكمة المتهمين وأن يدانوا، وليس فرض إجراءات ضد الناس. وشدد العاروري على أن الهدف من محاولات إقرار هذا المشروع هو إضعاف القضاء.
وبحسب العاروري، فإن مشروع القانون لم يوقع من قبل الرئيس عباس، وهو مسودة مشروع بمراحله النهائية من قبل مجلس الوزراء، وهنالك فرصة للتصويب، وهو ما يتطلب العمل على إزالة النصوص المتعلقة بالتدخل بحريات المواطنين، وعدم منح السلطة التنفيذية صلاحية المنع من السفر والأمور الأخرى التي تمس بحقوق المواطنين وحرياتهم العامة والخاصة، وأن لا يتم السماح لهذا المشروع بالتعدي على اختصاص القضاء.
وكانت الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون "استقلال" قد أكدت في بيان صحافي، أن مسودة القانون تحمل اعتداءً صريحاً على اختصاصات السلطة القضائية الفلسطينية، بمنح وزير المالية سلطة المنع من التنقل (السفر) بما يخالف أحكام المادة 11 من القانون الأساسي، التي تلزم الحصول على أمر قضائي في أي من حالات المنع من التنقل، الأمر الذي يعني قيام السلطة التنفيذية بمهام قضائية تمس حقوقاً أساسية للمواطن الفلسطيني.
وأشار بيان "استقلال" إلى أن المادة 95، وفي باب تدابير احترازية، نصّت في الفقرة 1: "على الرغم مما ورد في أي قانون آخر، لمفوض عام الإيرادات إصدار قرار بإلقاء الحجز التحفظي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لأي مكلف أو ملزم بالضريبة، ومنعه من السفر بموافقة الوزير، إذا كانت الدائرة تطالبه بدفع الضريبة أو أي مبالغ أخرى تزيد على عشرة آلاف دينار ترتبت بموجب أحكام هذا القانون ووجدت دلائل كافية لدى الدائرة بأن هذا المكلف قد يقوم بتهريب أمواله أو التصرف بها بقصد منع التنفيذ عليها بأي شكل من الأشكال، أو في حال وجود دلائل كافية تشير إلى أن المكلف يعتزم مغادرة البلاد"، كما نصت في الفقرة 2: "لمفوض عام الإيرادات رفع إشارة الحجز التحفظي أو المنع من السفر إذا تقدم المكلف بضمانات كافية يقبلها".
ورأت "استقلال" أنَّ ما جاء في نص المادة 102 من مشروع القانون "2. لمفوض عام الإيرادات طلب المعلومات المصرفية الخاصة بأي مكلف أو ملزم بالضريبة مشتبه بارتكابه جريمة ضريبية خلافاً لأحكام هذا القانون، وذلك بموجب طلب خطي يوجه لوحدة المتابعة المالية وفقاً للنموذج المعتمد لذلك"، يمثل مساً خطيراً بالسرية المصرفية وما جاء به قانون المصارف الفلسطيني وقانون غسل الأموال.
وطالبت "استقلال" بضرورة إزالة أيَّ مواد من شأنها أنْ تشكل مساً بحقوق المواطن، كمنعه من التنقل والسفر أو التحفظ على أمواله دون قرار قضائي، وإعادة النظر بالنص المتعلق بطلب المعلومات، بما يراعي الاحتفاظ بالسرية المصرفية، وبما ينسجم مع التشريعيات الوطنية والدولية، وضرورة أن يتصدى مجلس القضاء الأعلى لأيّ مسٍ يتعلق باختصاصات المحاكم والقضاء، بما فيها تقييد تنقل المواطنين وسفرهم أو التحفظ على أملاكهم.