قلق أممي إزاء تعرّض الفلسطينيات لانتهاكات إسرائيلية صارخة

19 فبراير 2024
استهدفت إسرائيل النساء الفلسطينيات بطرق مختلفة خلال حربها على غزة (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

عبّرت خبيرات لدى الأمم المتحدة عن قلقهنّ إزاء ادّعاءات موثوقة بشأن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان تتعرّض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية، وسط الحرب المتواصلة على غزة لليوم الـ136، علماً أنّ النساء في الحروب هنّ من الفئات الأكثر هشاشة ويُصار إلى استضعافهنّ أكثر فأكثر.

جاء ذلك في تقرير نشره مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الاثنين، نَقَل مخاوف سبع خبيرات لدى الأمم المتحدة إزاء ما تتعرّض له النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وسط الحرب المتواصلة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعدامات عشوائية في قطاع غزة

وأفادت هؤلاء الخبيرات بأنّ تقارير تحدّثت عن تعرّض نساء وفتيات فلسطينيات لإعدامات عشوائية في قطاع غزة، وفي غالب الأحيان مع أفراد أسرهنّ، بما في ذلك أطفالهنّ، بحسب المعلومات الواردة. وقالت الخبيرات: "لقد صدمتنا التقارير التي تتناول الاستهداف المتعمّد والقتل خارج الإجراءات القضائية للنساء والأطفال الفلسطينيين في الأماكن التي لجأوا إليها، أو في أثناء فرارهم"، مشيرات إلى أنّ "عدداً من هؤلاء كانوا يحملون قطعاً من القماش الأبيض عندما قُتلوا على يد الجيش الإسرائيلي أو القوات التابعة له".

كذلك عبّرت الخبيرات لدى الأمم المتحدة عن قلقهنّ البالغ إزاء الاعتقال التعسفي لمئات النساء والفتيات الفلسطينيات، بما في ذلك مدافعات عن حقوق الإنسان وصحافيات وعاملات في المجال الإنساني، في قطاع غزة والضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر. وبحسب ما نُقل، فقد تعرّض عديدات منهنّ لمعاملة غير إنسانية ومهينة، وحُرمنَ من الفوط النسائية الخاصة بالدورة الشهرية، ومن الغذاء والدواء، كما تعرّضنَ للضرب المبرح. وفي الإطار نفسه، لفتت الخبيرات إلى أنّ في مرّة واحدة على أقلّ تقدير، وُضعت النساء الفلسطينيات المحتجزات في قطاع غزة، بحسب ما نُقل، في قفص تحت المطر ووسط البرد ومن دون طعام.

من جهة أخرى، قالت الخبيرات: "نشعر بالأسى خصوصاً إزاء التقارير التي تفيد بأنّ النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرّضنَ كذلك لأنواع متعدّدة من الاعتداءات الجنسية، من قبيل تجريدهنّ من ملابسهنّ وتفتيشهنّ من قبل ضباط ذكور في الجيش الإسرائيلي". وأضافت الخبيرات أنّ "ما لا يقلّ عن محتجزتَين فلسطينيّتَين تعرّضتا للاغتصاب، في حين ورد تعرّض أخريات للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي". وأشارت الخبيرات في السياق نفسه إلى أنّ الجيش الإسرائيلي التقط صوراً للمحتجزات في ظروف مهينة، وقد نُشرت على شبكة الإنترنت.

وممّا أثار كذلك مخاوف الخبيرات لدى الأمم المتحدة، تقارير أفادت بأنّ عدداً غير معروف من النساء والأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك الفتيات، قد اختفوا بعدما كانوا على مقربة من الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وتحدّثت الخبيرات بأنّ "ثمّة تقارير مثيرة للقلق عن رضيعة واحدة، على أقلّ تقدير، نقلها الجيش الإسرائيلي قسراً إلى إسرائيل، وعن فصل أطفال عن ذويهم، وما زالت أماكن وجودهم مجهولة".

وبناءً على ما سلف، شدّدت هؤلاء الخبيرات قائلات: "نذكّر حكومة إسرائيل بالتزامها بحماية الحق في الحياة والسلامة والصحة والكرامة للنساء والفتيات الفلسطينيات، وضمان عدم تعرّض أيّ شخص للعنف أو التعذيب أو سوء المعاملة أو المعاملة المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي".

ودعت الخبيرات إلى إجراء تحقيق مستقل ونزيه وسريع وشامل وفعّال في هذه الادعاءات، وإلى تعاون إسرائيل مع هذه التحقيقات.

وخلصت الخبيرات لدى الأمم المتحدة إلى أنّ "هذه الأفعال المزعومة، مجتمعةً، تمثّل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتصل إلى مستوى الجرائم الخطرة، استناداً إلى القانون الجنائي الدولي، ويمكن مقاضاتها بموجب نظام روما الأساسي". وأضفنَ: "لا بدّ من محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم الواضحة، والإنصاف والعدالة الكاملة من حقّ الضحايا وأسرهنّ".

ومجموعة الخبيرات التي أعدّت هذا التقرير ضمّت كلاً من المقرّرة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد النساء والفتيات وأسبابه وعواقبه ريم السالم، والمقرّرة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فرانشيسكا ألبانيزيه، إلى جانب عضوات فريق العمل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات وهنّ دوروثي إسترادا تانك (رئيسة) وكلاوديا فلوريس وإيفانا كرستيتش وهاينا لو ولاورا نيرينكيندي.

وتأتي هؤلاء الخبيرات جزءاً من "الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان" التي تُعَدّ الهيئة الكبرى للخبراء المستقلين في نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي تغطي آليات تقصّي الحقائق والرصد المستقلة التابعة لمجلس حقوق الإنسان.

وتضمّ هذه الهيئة مجموعة خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان مكلّفين بولايات لرفع تقارير وتقديم المشورة بشأن حقوق الإنسان إمّا لمعالجة حالات قطرية محددة أو قضايا مواضيعية في كلّ أنحاء العالم. والخبراء المعنيّون يُنتخَبون لولاية تمتدّ لثلاثة أعوام، من الممكن تجديدها لمدة ثلاثة أعوام إضافية، لكنّهم لا يتقاضون أيّ أجر في مقابل عملهم، إذ إنّهم ليسوا موظّفين لدى الأمم المتحدة، كذلك هم مستقلون عن أيّ حكومة أو منظمة ويعملون بصفتهم الفردية.

وبدعم من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، يقوم عمل هؤلاء الخبراء، بحسب ما يوضح مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان، على "زيارات قطرية تتّخذ ما يلزم من تدابير بشأن حالات فردية متعلقة بانتهاكات مزعومة وشواغل هيكلية أوسع نطاقاً، عبر توجيه بلاغات إلى الدول وغيرها من الأطراف الأخرى تساهم في إعداد المعايير الدولية لحقوق الإنسان".

المساهمون