نسي الطفل الفلسطيني محمد مؤيّد العلامي (12 عاماً)، وهو من قرية بيت أمر شمال الخليل إلى الجنوب من الضفة الغربية، شراء غرض من الدكان في البلدة، التي قصدها بصحبة والده مؤيد العلامي (35 عاماً) وشقيقته عنان (9 أعوام) وشقيقه أحمد (5 أعوام). فطلب من والده العودة إلى الدكان. وما إن استدار والده بالسيارة حتى أمطرهم جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزون قرب المقبرة القديمة في بلدة بيت أمر بالرصاص، ما أدى لإصابة محمد بنحو خمس رصاصات في الصدر، وأدت إلى استشهاده مساء أول من أمس.
لم يكترث جنود الاحتلال إلى أنّ محمد الجالس في السيارة، والذي كان محاطاً فقط بأكياس الخبز والخضار والفاكهة والبطاطس المقرمشة وغيرها، لا يشكل أي خطرٍ عليهم، فأردوه شهيداً. ويقول عم الشهيد أشرف العلامي لـ "العربي الجديد": "اعتاد شقيقي مؤيد اصطحاب أطفاله إلى الدكان للتبضع. وعندما عاد إلى منزله الواقع قرب المقبرة، تذكّر طفله الشهيد شراء أحد الأغراض، وما إن رآه جنود الاحتلال عائداً بالسيارة حتى أمطروه بالرصاص".
يقع منزل عم الشهيد بالقرب من المقبرة، لذا فقد رأى أشرف العلامي مشهد قتل ابن أخيه كاملاً. يقول: "جننت عندما أيقنت أنّ السيارة تعود لأخي. جنود الاحتلال لم يعطوه أي فرصة للتوقف. كما لم يطلقوا النار لتحذيره. توقعت أن جميع من كان في السيارة، أي شقيقي وأولاده، قد استشهدوا. نزلت من بيتي فوجدت أن شقيقي، ومن شدة خوفه على أطفاله من الموت، كان قد عاد مسرعاً بالسيارة أثناء إطلاق النار مسافة كيلومتر تقريباً إلى الخلف، حتى وصل إلى الشارع الرئيسي للبلدة. ثم راح يتفقد أطفاله وقد ظن أنّ جميعهم بخير على الرغم من الرصاصات الـ 14 التي استهدفت سيارته، ليلاحظ أن الدم يخرج من فم محمد على كتف شقيقته عنان. كان يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو جالس بين الأكياس".
ويقول أشرف: "عندما وصل أخي، كان يصرخ: قتلوا محمد... قتلوا محمد. ثار الناس وتجمهروا في بلدة بيت أمر ونقلوا محمد إلى أحد المستوصفات في البلدة، قبل تحويله إلى المستشفى الأهلي الخاص في مدينة الخليل، ويعلن الأطباء هناك عن استشهاده".
وتزامناً مع إصابة الطفل محمد العلامي، نبش جنود الاحتلال قبر رضيعة عمرها يوم واحد فقط، دفنها والدها في مقبرة البلدة الواقعة بالقرب من منزل الشهيد الطفل محمد بادعاء الاشتباه بدفن أحدهم شيئاً غير الموتى في المقبرة. وتبين بعد نبشهم القبر أن فيه رضيعة دفنها والدها قبل قتل محمد بقليل. وكل ما فعله جنود الاحتلال هو إجبار والدها على دفنها مرة أُخرى، غير آبهين أنهم أعادوا للقبر طفلين بعد قتل محمد".
يصف أشرف العلامي حال والدة الشهيد محمد، سمر العلامي (30 عاماً)، بالصعب بعد قتل ابنها البكر على يد جنود الاحتلال من دون أي مبرر. ويقول: "الله يعينها... الله يعينها". أما عن محمد الذي لم يتجاوز صفه السادس، فتصفه عائلته بأنه "متدين، وتوقع استشهاده قبل ساعتين من قتله فقط".
ويقول: "أخبر محمد رحمه الله وأعان عائلته وأعاننا، ابني أمجد بأنه حلم أنه في بحر أبيض جميل جداً وواسع للغاية وقد استشهد فيه". ساعتان فقط فصلت بين قصة حلم أمجد واستشهاده. شقيقته عنان طلبت منه أن يصبر إلى حين عودتهم إلى المنزل لتفسير الحلم. وقالت له: "اصبر يا محمد بس نرجع ع الدار بفسرلك إياها عالنت (الإنترنت) هاذي الحلمة".
وأعلنت بلدية بيت أمر الخميس الماضي يوم حداد عام وإضراب يتم فيه تعطيل البلدية باستثناء أعمال الطوارئ، حداداً على روح الطفل الشهيد محمد العلامي، وقد شيّع جثمانه مئات الفلسطينيين في القرية.