قرية تيخت المغربية.. الزلزال يدمر كل شيء ويفتح طريقاً للجراح

11 سبتمبر 2023
تضررت العديد من القرى الجبلية جراء الزلزال المدمر (الأناضول)
+ الخط -

لم يكن يتوقع الشاب عمر آيت مبارك (25 عاما) أن حياة خطيبته ستنتهي بينما يحادثها عبر الهاتف، وأن القدر سيخصه بكلماتها الأخيرة، قبل أن يقضي الزلزال، الذي ضرب المغرب مساء الجمعة، على آماله في إتمام الزواج المخطط له خلال أسابيع قليلة، كما قضى على الكثير من الآمال ومظاهر الحياة في بلدته الصغيرة التي تبعد عن مراكش مسافة ساعتين بالسيارة.

كان يتحدث عمر ليلة الزلزال عبر الهاتف مع خطيبته مينا آيت بيهي، فسمع ضجيج أواني المطبخ تسقط على الأرض قبل أن ينقطع الخط. علم في الحين أنها رحلت وتركت خلفها خطا مفتوحا من الجراح.

محسن أكسوم: "انتهت الحياة هنا، ماتت القرية"

يقول مبارك بعد أن حمل عناصر الإنقاذ خطيبته في بطانيات إلى مقبرة مؤقتة دفن فيها 68 شخصا: "ماذا تريدونني أن أقول؟ قلبي مدمى". وعثر الرجال الذين أزالوا بأيديهم التربة التي كانت تغطيها على هاتفها وسلموه إلى الشاب.

تيخت... بقايا حطام قرية فقيرة

حول الزلزال قرية تيخت، التي تبعد كيلومترات قليلة من مركز الزلزال في جبال الأطلس، إلى حطام متداخل من الخشب والأبنية المنهارة والأطباق المكسورة والأحذية والسجاد.

يقول محسن أكسوم (33 عاما) الذي يقيم قسم من عائلته في هذه القرية الصغيرة: "انتهت الحياة هنا، ماتت القرية".

وعلى غرار العديد من القرى المتضررة بشدة، كانت تيخت بلدة صغيرة فيها الكثير من المباني المشيّدة بطريقة تقليدية باستخدام خليط من الحجارة والخشب والطين.

تجمع العشرات من السكان وأقرباء الضحايا والجنود، الأحد، وسط الانقاض، أكد كثيرون أنهم لا يتذكرون أي زلزال آخر في المنطقة.

وقال عبد الرحمن الدجال، وهو طالب يبلغ من العمر 23 عاماً فقد غالبية أفراد أسرته في الكارثة: "هذا أمر لم يفكر فيه الناس هنا حين بنوا منازلهم"، لكن نوعية مواد البناء ليست ما يشغل بال هذا الطالب الذي جلس على صخرة وسط أنقاض القرية المحاطة بالجبال.

كان عبد الرحمن خرج للتنزه بعد العشاء حين بدأت الهزّات، ورأى الناس يحاولون الهروب من منازلهم التي كانت تنهار، فأخرج والده من تحت أنقاض المنزل العائلي، لكن إصاباته كانت بالغة وتوفي فيما كان ابنه بجانبه.

مواشٍ نافقة.. كل ما يملكه الأهالي

عبّر أكسوم المتحدر من القرية، لكنه يقيم في الرباط، عن أسفه لقضاء الزلزال على القليل الذي كان يملكه الناس. يقول مشيرا إلى أنفه إن الرائحة المحيطة بالمكان مصدرها الماشية، الثروة الوحيدة لدى عدد من السكان، والتي بدأت بالتحلل مطمورة تحت الأنقاض.

أضاف: "الآن، الناس لديهم أقل من لا شيء". فيما كان شابان يرتديان ملابس ملطخة بالغبار الأبيض بسبب الأنقاض يبكيان جالسين على صخور من دون التفوه بكلمة.

كانت تُمكن رؤية خيم صفراء تستخدم كمراكز إيواء طارئة على الطريق المؤدي إلى المدينة، بينما ينقل أفراد من الدفاع المدني أسرّة من شاحنة عسكرية إلى الخيم.

وتنشط في المنطقة منظمات غير حكومية تعمل على تقييم الاحتياجات غير السكن والطعام والماء للسكان الذين بقوا في قرى مثل تيخت.

يقول العديد من السكان إنهم لا يعرفون ما يجب أن يفعلوا، حيث ما زالوا تحت وقع الصدمة حيال حجم الخسائر والأضرار، لكن عمر آيت مبارك عبر عن شيء واحد أكيد بقوله وهو يحمل هاتف خطيبته الراحلة المغطى بالغبار: "سأعيد بناء منزلي"، قبل أن يبتعد وسط الأنقاض.

(فرانس برس)

المساهمون