قرنان من اللقاحات وانعدام الثقة قبل كورونا: مسيرة تقدّم وشكوك

27 ديسمبر 2020
تمّ القضاء رسمياً على شلل الأطفال في أغسطس 2020 في أفريقيا بفضل اللقاحات(توماس لونز/Getty)
+ الخط -

 

تبدأ حملات التطعيم، اليوم الأحد، في معظم دول الاتحاد الأوروبي، بالكاد بعد عام من ظهور كوفيد-19، وهي سرعة غير مسبوقة تبعث الأمل لكنها تغذي أيضاً عدم الثقة في اللقاحات. في ما يلي نظرة على أكثر من قرنين من التقدّم والشك.

 1796: فكرة جينير 

كان الجدري مع بثراته الشديدة العدوى، مرضاً رهيباً لقرون. في العام 1796، ابتكر الطبيب الإنكليزي، إدوارد جينير، فكرة حقن شكل خفيف من الجدري في جسد طفل لتحفيز الاستجابة المناعية. نجحت العملية وولد "اللقاح".

 1853: أول لقاح إلزامي

في المملكة المتحدة، أصبح لقاح الجدري إلزامياً للأطفال في العام 1853. وقد أثارت إلزامية التلقيح معارضة قوية. ويتذرّع المعارضون بـ"خطر" حقن منتجات مستحصلة من حيوانات أو "بدوافع دينية" أو "بالتعدي على الحريات الفردية". وفي 1898، أُدخل "شرط الضمير" أو "بنود الضمير" في القانون البريطاني للسماح للأشخاص المتمرّدين بعدم تلقي اللقاحات.

 1885: باستور وداء الكلَب

في نهاية القرن التاسع عشر، طوّر لويس باستور، لقاحاً ضد داء الكلَب من سلالة مخفّفة من الفيروس. وقد تمّ إجراء حقنة ناجحة في 1885 لجوزيف مايستر، وهو طفل عضّه كلب يُشتبه في إصابته بداء الكلَب.لكن تلك العملية أثارت شكوكاً. فقد اتُهم باستور بالرغبة في تحقيق أرباح من خلال إنتاج "داء كلَب مصنوع في المختبر".

عشرينيات القرن الماضي: لقاحات للسلّ والخناق والكزاز...

بعد تطوير لقاح ضدّ التيفوئيد في نهاية القرن التاسع عشر، شهدت عشرينيات القرن الماضي انتشاراً للّقاحات: ضدّ السل (1921) والخناق (1923) والكزاز (1926) والسعال الديكي (1926).كما شهدت عشرينيات القرن الماضي بدء استخدام أملاح الألومنيوم كمساعد لزيادة فعالية اللقاحات. وسيشكّل هذا الأمر في وقت لاحق، مصدر شبهات من جانب رافضي اللقاحات خصوصاً في فرنسا.

 1944: لقاح الأنفلونزا 

جرت أول حملة تطعيم ضدّ الأنفلونزا في العام 1944-1945 لحماية الجنود الأميركيين الذين قدموا للقتال في أوروبا. بعد ثلاثين عاماً، انتهت أول حملة تطعيم ضدّ الأنفلونزا في الولايات المتحدة عام 1976 بكارثة وفق ما قال المؤرّخ العلمي، لوران هنري فينيو، لوكالة فرانس برس. فقد أدّى تزايد أعراض "غييان باري"، وهو مرض نادر يضرب الجهاز العصبي، في صفوف متلقي اللقاح "إلى وقف حملة التطعيم".

1980: القضاء على الجدري 

شخّصت آخر إصابة بالجدري في الصومال في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1977. وأعلنت منظمة الصحة العالمية في 8 مايو/ أيار 1980 بفضل جهود التلقيح العالمية التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، القضاء على هذا المرض الذي أودى بحياة حوالي 300 مليون شخص في القرن العشرين، وهذه حصيلة أكبر من التي تسبّبت بها النزاعات المسلّحة.

 1998: دراسة كاذبة وانعدام ثقة 

في 1998، أفادت دراسة نُشرت في مجلة "ذي لانسيت" الطبية المرموقة، بوجود صلة بين اللقاح الثلاثي (الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية "إم إم آر") والتوحّد. وتبيّن أنّ الدراسة كانت "خدعة" لكاتبها، أندرو وايكفيلد. لكن لا النفي الرسمي للمجلة ولا العمل اللاحق الذي أظهر عدم وجود رابط بين اللقاح والتوحّد، نجح في القضاء على تلك المخاوف التي سبّبتها الدراسة. وما زال معارضو اللقاحات يستشهدون بهذه الدراسة بانتظام.

 2009: فشل التلقيح ضد "إتش وان أن وان"

في العام 2009، أثار فيروس "إتش وان إن وان" الناجم عن فيروس من سلالة الفيروسات المسبّبة لإنفلونزا 1918، قلق منظمة الصحة العالمية. وتمّ تنظيم حملات تطعيم لكن الوباء كان أقلّ خطورة ممّا كان متوقعاً وقد أودى بحياة 18500 شخص فقط. وبالتالي، وجب التخلّص من ملايين الجرعات. كما أنّ انتقاد سوء الإدارة عزّز عدم الثقة في التطعيم في العديد من البلدان حيث سلّط "معارضو اللقاحات" الضوء أيضاً على الآثار الجانبية التي ما زالت نادرة.

2020: شلل الأطفال ونظرية المؤامرة 

تمّ القضاء رسمياً على شلل الأطفال منذ أغسطس/آب 2020 في أفريقيا بفضل اللقاحات، إلاّ أنّ هذا المرض الذي يتسبّب في شلل الأطفال الصغار، ما زال موجوداً في باكستان وأفغانستان. ويُعزى فشل حملات التطعيم خصوصاً إلى عدم ثقة سكّان الأرياف باللقاحات والاعتقاد بصحة نظريات المؤامرة ضدّ المسلمين.

(فرانس برس)

المساهمون