بعدما فشلت اتصالات التنسيق التي أجراها قادة المجموعات القبلية في سيناء مع مسؤولي الجيش المصري وجهاز الاستخبارات، لتأمين مستلزمات الحياة الأساسية من كهرباء ومياه في المناطق المحررة من تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي جنوبي مدينة رفح، والشيخ زويد، لجأ هؤلاء إلى مواقع التواصل الاجتماعي لـ"استجداء" الجيش من أجل توفير المياه والكهرباء، ما يسمح باستمرار عملها بعدما لعبت الدور الأبرز في طرد "داعش"، لكنهم لم يتلقّوا أي ردود إيجابية ملموسة على أرض الواقع.
وطالب قادة قبليون، بينهم موسى المنيعي ومحمد المنيعي وعقيد ترابين البرث وعبد الفتاح الأطرش، بإيصال الكهرباء إلى مناطقهم "لشحن الأجهزة الخليوية واللاسلكية من أجل ضمان استمرار التواصل مع الجهات الأمنية، ومتابعة تحركات "داعش"، وكذلك توفير مياه الشرب التي تؤمن حالياً عبر شراء عبوات من محلات في مدينتي العريش والشيخ زويد".
وكتب مسؤول القوة العسكرية لقبيلة السواركة موسى سالم المنيعي، على "فيسبوك": "لا تجد قرى جنوب رفح المحررة من داعش قطرة ماء، في وقت يهتم محافظ شمال سيناء بترتيب مقر نادي الهجن غرب العريش، ولا يبعث لهم صهاريج مياه عذبة أو يفتح طريقاً لتأمين المياه، وهذا عيب".
وقال مسؤول قبلي آخر لم يكشف اسمه لـ"العربي الجديد": "نشتري عبوات مياه من محلات تجارية منذ شهرين، ونقطع مسافات طويلة جداً لنقلها عبر سيارات اتحاد قبائل سيناء من العريش والشيخ زويد إلى قرى جنوب رفح، والتي تعبر طرقاً خطرة أيضاً تتضمن كمائن لداعش أو ألغاماً، علماً أن صهاريج المياه التي توصل المياه إلى الجيش في رفح والشيخ زويد ترفض نقل المياه إلى المجموعات القبلية، بحجة أنها لم تتلقَ تعليمات في هذا الشأن". أضاف: "استطاع مشايخ إدخال كميات من المياه عبر شاحنات خاصة تابعة لشركة مقاولات تعمل في سيناء، لكن ذلك حصل مرة واحدة فقط حتى الآن، وبالطبع انتهت الكمية بعد أيام قليلة بسبب كثرة عدد المقاتلين، وحاجتهم الماسة إلى مياه الشرب في ظلّ الأجواء الحارة التي تشهدها مدن شمال سيناء خلال ساعات النهار، وكذلك بسبب عودة عشرات المواطنين إلى مناطقهم استجابة للدعوة التي أطلقها قادة المجموعات القبلية. ومن البديهي أن يزداد الضغط على المسؤولين لتوفير أساسيات الحياة للمقاتلين والعائدين إلى المنطقة".
وكانت المجموعات القبلية قد فقدت عشرات من مقاتليها في المعارك مع "داعش"، لكنّ الجهات الرسمية المصرية والإعلام يتجاهلان قتلى هذه المجموعات وأفراد عائلاتها، وينقلان فقط أخبار ضحايا الجيش والقوات النظامية عموماً، ما يشير إلى حال من عدم الاهتمام الرسمي بأفراد المجموعات القبلية، أكانوا أحياءً أو أمواتاً".
معاملة "الأرقام"
ويعلّق باحثٌ في شؤون سيناء، رفض كشف اسمه، بالقول لـ"العربي الجديد": "تتعامل قوات الأمن مع العاملين معها من أبناء سيناء المنضمين إلى المجموعات القبلية التي تساند المهمات العسكرية على أنهم أرقام، وأشخاص جرى تجميعهم لأداء مهمات محددة، وتتجاهل ربط بقائهم أحياءً بأي كلفة حتى الشراب والطعام على حساب مسؤولي هذه المجموعات. وفي حال موتهم، تكون قوات الأمن قد انتهت منهم، وخففت عددهم في ظل تكريس النظرة الأمنية التاريخية تجاه أبناء سيناء التي تعتبر أنه من البديهي ألا تهتم قوات الجيش بهم، ووضعهم في مقدمة عمليات الاقتحام التي تنفذ ضد معاقل داعش. من هنا تتعرض صفوفهم لخسائر فادحة خلال عمليات التمشيط جنوب رفح والشيخ زويد".
ويرى أن عدم توفير مياه وكهرباء لمئات من مقاتلي قبائل الترابين والسواركة والأرميلات يعني عدم احترام إنسانيتهم. لكن مسؤولي المجموعات القبلية الذين يستفيدون من استمرار المعركة والدخول فيها يحاولون قدر المستطاع السيطرة على الوضع، وتدارك تجاهل المؤسسة الأمنية والعسكرية لهم، من خلال شراء كميات من المياه من المحلات التجارية، وإيصالها إلى نقاط التجمع والاشتباك، فيما تبقى معضلة عدم توفير الكهرباء لهم والتي يحاولون معالجتها عبر الاعتماد على وسائل مختلفة، بينها الطاقة الشمسية. ويقلّل ذلك عزيمة المقاتلين ويؤثر على نشاطهم، وهو ما يظهر من خلال تراجع أداء المجموعات القبلية، وعدم تحقيق مزيد من التقدم نحو المناطق التي يوجد فيها "داعش".