قانون الجنسية الألماني الجديد يدخل حيز التنفيذ.. مرن وجذاب

27 يونيو 2024
تدريب لاجئين في شركة "بي إم دبليو" بميونخ (يورغ كوخ/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تم إقرار قانون الجنسية الجديد في ألمانيا لجذب العمال الماهرين، مقلصًا مدة الإقامة المطلوبة من ثماني سنوات إلى خمس ومسمحًا بالجنسية المزدوجة ومعطيًا الأولوية للمهارات الخاصة والاندماج الناجح.
- يواجه القانون اعتراضات من أحزاب المعارضة مثل "حزب البديل من أجل ألمانيا" وكتلة حزبية أخرى، مع تعهدات بإعادة النظر في التعديلات للحفاظ على قيمة الجنسية الألمانية.
- التقرير يشير إلى تحديات تنفيذ القانون بما في ذلك الضغوطات على الدوائر المعنية والتحديات البيروقراطية التي قد تعيق جذب المهارات العالية والاندماج الكامل، مؤكدًا على أهمية الصبر والإدارة الواقعية.

يدخل قانون الجنسية في ألمانيا الذي أقرّه البرلمان (بوندستاغ)، في يناير/ كانون الثاني الماضي، حيز التنفيذ اليوم، بعدما أدخل النواب إصلاحات وتعديلات عليه، وبات باعتقادهم أكثر جاذبية للعمال الماهرين والأجانب المقيمين في البلاد وفق شروط وقواعد واضحة وصارمة، في مقدمها الاندماج الناجح.
يأتي ذلك فيما لا يزال القانون يلقى اعتراضاً من "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، وأكبر كتلة للمعارضة في "البوندستاغ" التي تضم حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي. وأعلنت الكتلة أنه في حال تسلّمت الحكم ستُعيد النظر في بعض التعديلات، باعتبار أن "الجنسية الألمانية ليست للبيع، ولا يجب أن تمنح بسهولة".

وسيسمح القانون الجديد للشخص المقيم منذ أكثر من خمس سنوات فقط ويملك وظيفة ثابتة بالتقدم للحصول على الجنسية، بعدما كان حق التجنيس يتطلب الإقامة ثماني سنوات على الأقل في البلاد. كما سيمنح القانون الجديد، بشروط صارمة، أصحاب المهارات الخاصة حق الحصول على الجنسية خلال ثلاث سنوات.
إلى ذلك، بات يحق لطالب الجنسية الاحتفاظ بجنسيته، ما يعني أن الجنسية المزدوجة والمتعددة باتت من حق الجميع بموجب القانون الألماني، كما يمكن أن يحصل أطفال الوالدين الأجانب والذين ولدوا في ألمانيا على الجنسية تلقائياً إذا عاش أحد الوالدين لمدة خمس سنوات على الأقل في البلاد. وقد استبعد القانون مرتكبي الجرائم من حق الجنسية، وكذلك المصابين بأمراض مزمنة، وأولئك الأشخاص غير القادرين على إثبات المستوى المطلوب للغة.
على صعيد آخر، يجب أن يلبي مقدم الطلب متطلبات إضافية، من بينها أن يكون لديه تصريح إقامة دائمة والذي يحصل عليه عادة خلال ثلاث سنوات من وجوده في البلاد إذا كان قادراً على تأمين لقمة العيش لنفسه ولعائلته، ولا يتلقى أي إعانات اجتماعية، وأن يثبت امتلاكه مهارات اللغة الألمانية من مستوى "بي 2"، وينجح في اختبار التجنيس ويحقق أداءً وظيفياً جيداً، ويوافق على الالتزام بالقانون الأساسي. 
وتتحدث تقارير عن أن 86% من الأشخاص الذين يحاولون الحصول على الجنسية الألمانية يعملون في وظائف دائمة أو لحسابهم الخاص، و43% ممن أكملوا مؤهلاتهم التعليمية أو التدريبية، و70% ممن يملكون شهادة لغة ألمانية.

الصورة
استقطاب العمال الماهرين الهدف الأول لإصلاح قانون الجنسية في ألمانيا (Getty)
استقطاب العمال الماهرين الهدف الأول لإصلاح قانون الجنسية في ألمانيا (Getty)

وأسقطت الإصلاحات من القانون الجديد شرط التخلي عن الجنسية الأصلية للمتقدمين من أجل الحصول على الجنسية الألمانية. وسيجري قبول الجنسية المزدوجة، وأيضاً فترة السنوات الثماني التي كانت تعد شرطاً أساسياً إلا في حالات استثنائية بينها مزاولة أشخاص اختصاصات معينة أو تصنيفهم من ذوي الكفاءات العالية الذين أثبتوا جدارتهم واندماجهم في المجتمع، علماً أنه جرى تجنيس أكثر من 200 ألف شخص العام الماضي.
في السياق، تفيد تقارير بأن الدوائر المعنية بالجنسية في الولايات الألمانية تشهد ضغوطاً متزايدة، وباتت مثقلة بالأعباء مع تسجيل زيادات كبيرة في طلبات التجنيس واستفسارات كثيرة حول اللوائح والشروط الجديدة، من بينها طلبات للاجئين وصلوا إلى البلاد خلال الأعوام القليلة الماضية. 
ويعلّق كثيرون بأن "هذا الواقع سيتسبب في مرحلة أولى بإبطاء الإجراءات بدلاً من تسريعها، لذا يجب أن تضمن الحكومة الفيدرالية وجود إدارة واقعية في مقابل تحلي المتقدمين بالصبر". وشهدت ولاية شمال الراين (فستفاليا)، نحو 60% من الاستفسارات عن الجنسية، فيما لم تتجاوز هذه الاستفسارات نسبة 7% في باقي الولايات. 
وكان لافتاً تشديد وزيرة الداخلية نانسي فيزر على أن "أي شخص لا يشاركنا قيمنا لن يحصل على الجنسية الألمانية. وقد رسمنا خطاً أحمر واضحاً للغاية، وجعلنا القانون أكثر صرامة من السابق".

من جهة ثانية، اعتبر مراقبون أنه وبالرغم من أن حجر الزاوية في الإصلاحات والمزايا والامتيازات المعتمدة في القانون الذي صاغه الائتلاف الحاكم والذي يضم أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبرالي تهدف لاستقطاب أصحاب الكفاءات للبقاء في المنافسة العالمية على العمالة الماهرة من خلال فتح منظور أفضل للاندماج الكامل بما في ذلك جواز السفر الألماني، يبدو أن البيروقراطية المعتمدة في الإدارات والسفارات والقنصليات ستعرقل التنفيذ عملياً، ولا سيما أن التململ والإحباط يصيب أصحاب المهن الحرة من أطباء وصيادلة ومهندسين وفنيين وتقنين والذين حصلوا على عقود عمل أو قبول لدراسات عليا، وهو ما لن يخدم ألمانيا مستقبلاً اذا ما استمرت الإجراءات على هذا النحو.

المساهمون