يُوافق اليوم السبت 17 إبريل/ نيسان اليوم الوطني لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والذي أقرّه المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974، خلال دورته العادية. وتمّ اعتبار تاريخ 17 إبريل/ نيسان يوماً لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرة الأسرى، ودعم حقّهم المشروع بالحرية، ويمرّ هذا اليوم، بينما تعتقل إسرائيل في سجونها نحو 4500 أسير وأسيرة فلسطينية، يقبعون في 23 سجناً ومركز توقيف وتحقيق.
ووفق تقرير أعدّته مؤسسات الأسرى: "هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين"، "نادي الأسير" الفلسطيني، مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات"، و"مركز وادي حلوة – القدس"، فإنّ بين أولئك الأسرى المعتقلين 41 أسيرة، و140 طفلاً لم يتجاوزوا الـ18 عاماً، يواجهون أجهزة الاحتلال بمختلف مستوياتها، ورغم ما يواجهه العالم من استمرار لانتشار الوباء، وبما يرافقه من تحديات، إلّا أنّ الاحتلال الإسرائيلي، صعّد من انتهاكاته وحوّل وباء كورونا إلى أداة جديدة للتّنكيل بالأسرى الفلسطينيين.
وأقدم الأسرى هم الذين اعتُقلوا قبل توقيع اتفاقية أوسلو، وعددهم 25 أسيراً، وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس، المعتقلان بشكلٍ متواصل منذ عام 1983. هذا إضافة إلى عدد من الأسرى المحرّرين في صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم وهم من قدامى الأسرى، أبرزهم الأسير، نائل البرغوثي، الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، والتي وصل مجموعها إلى 41 عاماً، قضى منها 34 عاماً بشكل متواصل، إضافة إلى مجموعة من رفاقه، نذكر منهم علاء البازيان، ونضال زلوم، وسامر المحروم.
ويبلغ عدد الأسرى الذين مضى على اعتقالهم 20 عاماً بشكلٍ متواصل 62 أسيراً وهم يُعرفون بعمداء الأسرى، بينما عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكام بالسّجن المؤبد 543 أسيراً، وأعلى حكم أسير من بينهم هو للأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبداً.
أمّا شهداء الحركة الأسيرة فقد بلغ عددهم 226 شهيداً، وذلك منذ عام 1967، بالإضافة إلى مئات الأسرى الذين استُشهدوا بعد تحرّرهم متأثرين بأمراض ورثوها من السجون. من بين الشهداء الأسرى 75 أسيراً ارتقوا نتيجة القتل العمد، و73 استُشهدوا جرّاء التعذيب، و7 بعد إطلاق النار عليهم مباشرة، و71 نتيجة لسياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، وخلال العام المنصرم 2020، ارتقى أربعة أسرى شهداء داخل السجون جرّاء الإهمال الطبي، والتعذيب وهم: نور الدين البرغوثي، وسعدي الغرابلي، وداوود الخطيب، وكمال أبو وعر.
والأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم هم 7، وهم: أنيس دولة، الذي استُشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات منذ عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم استُشهدوا خلال عام 2019، وسعدي الغرابلي، وكمال أبو وعر خلال العام المنصرم 2020.
بينما الأسرى المرضى هم قرابة 550 أسيراً، يعانون من أمراض بدرجات مختلفة وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثة، وعلى الأقل هناك عشرة أسرى مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي 82 عاماً، وهو أكبر الأسرى سناً، في حين اقترب عدد المعتقلين الإداريين إلى 440 معتقلاً إدارياً بينهم قاصران و3 أسيرات، والاعتقال الإداري سياسة احتلالية ممنهجة وخطيرة، ومنذ مطلع العام الجاري، أصدر الاحتلال أكثر من 280 أمر اعتقال إداريّ.
ومنذ مطلع العام الجاري 2021، واصلت سلطات الاحتلال عمليات الاعتقال الممنهجة، ولم تستثنِ فيها أيّاً من فئات المجتمع الفلسطيني، حيث تمّ اعتقال قرابة 1400 فلسطيني منذ شهر يناير/ كانون الثاني 2021، وأصدرت مخابرات الاحتلال أكثر من 280 أمر اعتقال إداريّ، وكانت أعلى نسبة اعتقالات في القدس، حيث وصل عدد حالات الاعتقال إلى 500، بينها 144 طفلاً، و28 امرأة.
وتفيد دراسات الرصد والتوثيق بأنّ سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 16 ألف امرأة فلسطينية منذ عام 1967، وكانت أول أسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية هي الأسيرة فاطمة برناوي، من القدس، وقد اعتُقلت عام 1967، وحُكم عليها بالسّجن المؤبد، وأُفرج عنها عام 1977.
وتتعرّض الأسيرات الفلسطينيات لكافة أنواع التّنكيل والتعذيب، بدءاً من عمليات الاعتقال من المنازل وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقاً احتجازهنّ في السجون.
ومع انتشار وباء كورونا، منذ العام الماضي، تصاعدت حدّة المخاوف على مصير الأسرى الفلسطينيين، وما يزال هذا الخوف قائماً، لا سيما على المرضى منهم، مع جملة الإجراءات التي فُرضت عليهم. وتحاول إدارة سجون الاحتلال تحويل العديد من الإجراءات التي ارتبطت بانتشار الوباء من حالة استثنائية إلى سياسات دائمة، فيما تشير الإحصائيات إلى أنّ عدد الأسرى الذين أُصيبوا بفيروس كورونا منذ بداية انتشار الوباء هو 368 أسيراً، كان من بينهم مرضى، وكبار في السّن، وأطفال.
ولم تتوقف سياسة التعذيب الجسدي والنفسي التي تنتهجها سلطات الاحتلال وهي من أخطر السياسات على مصير الأسرى، كما لم تعد تقتصر على مفهوم التعذيب داخل أقبية التحقيق، بل ابتكرت هذه السلطات المزيد من الأدوات والسياسات الجديدة للتعذيب، ولفرض المزيد من السيطرة والرقابة على الأسرى. إذ تصاعدت عمليات التعذيب منذ عام 2019، فيما تُشكّل سياسة العزل الانفرادي إحدى أخطر السياسات على مصير الأسرى، وكذلك سياسة العقاب الجماعي، والاقتحامات والتفتيشات المتكررة للأقسام التي يقبع فيها الأسرى.
وعمل الأسرى على مدار العقود الماضية على ترسيخ أدواتهم الخاصّة في مواجهة إدارة سجون الاحتلال وسياساتها، وتمكّن الأسرى بأمعائهم الخاوية، وبخطواتهم النضالية سواء الجماعية أو الفردية، من ترسيخ فعاليتهم في حمل رسالتهم وفي الدفاع عن حقوقهم وحقوق شعبهم، كما تمكّن العديد منهم من استكمال دراستهم.
وشدّدت مؤسسات الأسرى على أنّ قرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية حول الولاية الإقليمية للمحكمة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، والذي يؤذن بفتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، "خطوة مهمة نحو محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه"، وأنّ هذا القرار "فرصة مهمة لوضع قضية الأسرى في سجون الاحتلال في صدارة القضايا التي يتناولها التحقيق، لما تعرّضوا له من جرائم ممنهجة، وعلى رأسها قضية التعذيب".
من جانب آخر، فإنّ سلطات الاحتلال تعتقل الأطفال بشكلٍ يومي، في محاولة لضرب مستقبلهم ومصيرهم، ولا تختلف أدواتها العنيفة المُستخدمة بحقّ الأطفال في مستواها عن أدواتها بحقّ المعتقلين الكبار، وتبدأ هذه الإجراءات منذ لحظة الاعتقال الأولى لهم، حتى احتجازهم في السجون.
وفي السياق، قالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، في بيان لها، اليوم السبت، "إنّ أعداد الأسرى الأطفال في المعتقلات لا تعكس رقماً فحسب؛ بل تمثّل قصص معاناة، ونماذج للعذاب اليومي، وقتل للبراءة، واعتداء على أبسط الحقوق، وضرب بعرض الحائط لاتفاقيات دولية؛ وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل".
وناشدت التربية الفلسطينية دول العالم ومؤسساته الحقوقية والدولية والإنسانية الإفراج العاجل والفوري عن الأسرى الطلبة والأطفال القابعين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما في ظلّ الأخطار المحدقة بهم؛ نتيجة جائحة كورونا، وما يشكّله الاحتلال من انتهاك صارخ لحقوقهم التي كفلتها المواثيق والأعراف.
وتطرّقت إلى المعاناة التي يعيشها الأطفال والطلبة نتيجة حرمانهم من استكمال تعليمهم، ونيل حقوقهم أسوة بأطفال العالم، مذكرةً بسياسة الحبس المنزلي التي تستهدف أطفال القدس وغيرها من الممارسات القمعية والمجحفة التي يتعرّضون لها بشكل دائم.
وأكّدت الوزارة التزامها بقضية الأسرى العادلة ودفاعها عن هذه القضية، وضمان حقوق الأسرى والمعتقلين؛ خاصة عبر توفير التعليم لهم، وإبراز نضالاتهم وتضحياتهم في المناهج المدرسية والفعاليات والنشاطات الصفية واللامنهجية التربوية، وأكدت الوزارة التزامها بالعمل "على توثيق الانتهاكات بحق أطفالنا وإيصالها للعالم المطالب بتحمّل مسؤولياته تجاه حق أطفال فلسطين في الحياة والحرية والعدالة".