فيضانات وسط أوروبا وشرقها... كارثة القرن

16 سبتمبر 2024
إنقاذ مسنّة في قرية برومانيا (دانيال ميهايليسكو/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **فيضانات القرن في أوروبا**: تشهد وسط وشرق أوروبا فيضانات غير مسبوقة تحدث مرة كل 150-200 عام، تسببت بها العاصفة "بوريس"، مما أعاد إلى الأذهان فيضانات عام 2013.
- **الأضرار والتضامن الأوروبي**: الفيضانات خلفت أضراراً مادية وخسائر في الأرواح، مما دفع الاتحاد الأوروبي للتعبير عن تضامنه واستعداده لتقديم الدعم للدول المتضررة.
- **تحذيرات واستعدادات**: تحذيرات من فيضانات تهدد مدن مثل بودابست وغلوخولازي، مع استعدادات في ألمانيا لمواجهة ارتفاع منسوب نهر إلبا، وسط توقعات بزيادة الفيضانات مستقبلاً.

يمضي تغيّر المناخ في تهديد كوكب الأرض، ويُترجَم ذلك بكوارث وظواهر طبيعية، متطرّفة أحياناً، لم تعد توفّر أيّ بقعة من العالم. وفي هذا الإطار، تأتي الفيضانات العارمة التي تضرب وسط أوروبا وشرقها، والتي وُصفت بأنّها "فيضانات القرن". فخبراء أرصاد جوية في النمسا أشاروا، أخيراً، إلى أنّ هذه الفيضانات قد تكون حدثاً يُسجَّل لمرّة واحدة كلّ 150 إلى 200 عام. وقد عبّر هؤلاء، ونظراء لهم في دول أخرى، عن قلق بشأن نماذج الطقس الحالية التي تُظهر كميات من الأمطار الشديدة، نسقها "نادر"، في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، فيما عواقبها "وخيمة".
ومشاهد ذلك "الطوفان" غير المسبوق الذي تسبّبت فيه العاصفة "بوريس"، الواردة من البلدان المتضرّرة، أعادت إلى أذهان الأوروبيين الفيضانات المدمّرة التي ضربت المنطقة عام 2013. وتُظهر اللقطات والتسجيلات المتداولة التي تنشرها وتبثّها وسائل الإعلام، وكذلك تلك المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، فداحة الكارثة. وتظهر فيها المياه الموحلة وقد أغرقت المدن وشكّلت أنهراً جارفة راحت تبتلع كلّ ما يعترضها، سواء أكان ذلك بشراً أم مركبات أم أشجاراً أم أعمدة إنارة أم بيوتاً أم حيوانات أو غيرها.

والأضرار الكبرى التي خلّفتها الفيضانات الأخيرة في وسط أوروبا وشرقها، سواء المادية الهائلة أو الخسائر بالأرواح، دفعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين إلى التعبير عن تعاطفها وتضامنها مع المتضرّرين منها، وقد أكّدت أنّ "الضحايا وعائلاتهم في البال". يُذكر أنّ ثمّة أعداداً من المفقودين في البلدان المتضرّرة، التي فاضت أنهرها الأساسية نتيجة الأمطار الطوفانية الأخيرة، إلى جانب قتلى، من غير الممكن حصر أعدادهم الدقيقة قبل جلاء مصير المفقودين وإحصاء الأضرار المستجدّة.
وإذ أشارت المسؤولة الأوروبية إلى الخراب الذي خلّفته تلك الفيضانات في النمسا وجمهورية التشيك والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، من جرّاء العاصفة بوريس، شدّدت على أنّ الاتحاد الأوروبي مستعدّ لتقديم الدعم إلى الدول التي تحتاجه، على خلفية هذه الكارثة الطبيعية الأخيرة. فالأضرار المسجّلة حتى الآن جسيمة، وتتمثّل في انقطاع التيار الكهربائي بمناطق كثيرة، وفي عزل بلدات ومدن بعضها عن بعض بسبب انهيار طرقات أو غرق أخرى. ومن الأضرار كذلك سقوط جسور، وتعطّل حركة المرور على طرقات فرعية ورئيسية على حدّ سواء.

في مدينة ميكولوفيتشي بتشيكيا (غابرييل كوتشا/ Getty)
في مدينة ميكولوفيتشي بتشيكيا (غابرييل كوتشا/ Getty)

ووسط فيضان مزيد من الأنهر الأوروبية، حذّر عمدة العاصمة المجرية بودابست، غيرغلي كاراتشوني، السكان، أمس الاثنين، من أنّ أكبر الفيضانات المسجّلة منذ عقد من الزمن، تهدّد بضرب المدينة في وقت لاحق من هذا الأسبوع، إذ من المتوقّع أن تخترق مياه نهر الدانوب أرصفتها السفلية بحلول صباح اليوم الثلاثاء. وأوضح عمدة بودابست أنّهم سوف يستخدمون مليون كيس رمل لحماية أجزاء مختلفة منها، وطلب من السكان توخّي الحذر الإضافي عند الاقتراب من النهر.
ويبدو أنّ الغرق مصير مدن وبلدات أوروبية كثيرة في وسط القارة وشرقها، على خلفية الأمطار الطوفانية التي ترافق العاصفة بوريس. وفي بلدة غلوخولازي البولندية، الواقعة على الحدود مع جمهورية التشيك، صرّح رئيس البلدية أمام الصحافيين "نحن نغرق"، داعياً السكان إلى إخلاء المناطق المهدّدة بالفيضانات، بعد ارتفاع منسوب نهر بيالا غلوتشولاسكا الذي غمر وسط المدينة والأحياء الواقعة على ضفّتَيه.

وفي ألمانيا، تستعدّ المناطق الواقعة شرقي البلاد للفيضانات، وسط تهديدات الأمطار الطوفانية، التي خلّفت تداعياتها الكارثية لدى جيرانها. وقد أفاد السلطات في ولاية سكسونيا بأنّ منسوب نهر إلبا بالقرب من الحدود مع جمهورية التشيك، من المتوقّع أن يصل إلى ذروته بعد ظهر غدٍ الثلاثاء، الأمر الذي يستدعب حينها إعلان أعلى مستوى إنذار في المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ كانت قد أفادت، في تقرير نشرته في عام 2022، بأنّ الفيضانات المرتبطة بالأمطار الغزيرة سوف تزداد في أوروبا الوسطى مع ارتفاع الحرارة عالمياً 1.5 درجة مئوية في المتوسّط. ويعيد ذلك إلى تغير المناخ وتداعياته المدمّرة على كوكب الأرض.

المساهمون