برِجلٍ واحدة، يتنقّل الصحافي الفلسطيني حازم سليمان، البالغ من العمر 33 عاماً، على درّاجته الهوائية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة المحاصر والمستهدف، حاملاً بيده هاتفه الذي يوثّق به ما تُخلّفه الحرب الإسرائيلية على القطاع.
ويتنقّل سليمان بحذر شديد في الشوارع المنكوبة وبين أطلال مباني رفح، ويلتقط صوراً ويسجّل فيديوهات، ويستمع إلى شهادات ناجين من ويلات الحرب، وينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
لا يكترث الصحافي الفلسطيني لرجلِه التي بُترت بعد إصابة بطلق ناري من قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 2018، بل يسعى جاهداً إلى تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية التي يتعرّض لها أهالي قطاع غزة المنكوب، في ظلّ الحرب المتواصلة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومن موقع استهدفته آلة الحرب الإسرائيلية إلى آخر، يتنقّل سليمان بسرعة على درّاجته الهوائية، حاملاً هاتفه، كأنّه مستعدّ دائماً لتوثيق الأحداث بتفاصيلها الدقيقة.
جمال وبراءة طفولة في غزة
وبينما يوثّق الأحداث المأساوية في قطاع غزة، يسعى سليمان كذلك إلى التقاط صور تعكس جمال الحياة وبراءة الطفولة في مدينته رفح، بالإضافة إلى حياة النازحين في مخيماتها، والنشاط اليومي في شوارعها.
ويتطلّع سليمان أن يكون واحداً من الصحافيين الفلسطينيين الذين يساهمون في نقل صورة المعاناة التي يعيشها أهالي قطاع غزة في خلال الحرب الإسرائيلية القائمة.
يقول سليمان لوكالة الأناضول: "أُصبت برصاص الجيش الإسرائيلي في عام 2018 في خلال مسيرات العودة، الأمر الذي أدّى إلى بتر رجلي".
يُذكر أنّ مسيرات العودة كانت قد انطلقت في 30 مارس/ آذار 2018 واستمرّت 21 شهراً، وقد قُتل فيها أكثر من 200 فلسطيني، من بينهم أطفال ونساء ومسعفون، بحسب بيانات منظمات حقوقية.
لا بدّ من حفظ صور جرائم الاحتلال في غزة
ويشير سليمان إلى أنّ "التصوير كان حلمي منذ صغري، وإصابتي دفعتني لأعمل جاهداً من أجل توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الشعب الفلسطيني".
ويوضح الصحافي الفلسطيني أنّ "في خلال الحروب على غزة، أصوّر القصف الإسرائيلي وجرائم الاحتلال تجاه شعبنا، بالإضافة إلى جمال الحياة، ثمّ أنشر الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي".
ويؤكد سليمان أنّه يتجوّل في كلّ شوارع مدينة رفح على درّاجته الهوائية لتوثيق "الجرائم" التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، لافتاً إلى أنّ فضائيات إخبارية تحصل منه على تسجيلات فيديو التقطها وتنشرها.
وعبّر سليمان عن فخره بـ"نقل رسالة المعاناة وأنا من ذوي الإعاقة"، وشدّد على أنّه سوف يبقى "صامداً لنقل المعاناة إلى العالم أجمع". ويأتي ذلك وسط تصاعد التحذيرات الإقليمية والدولية بشأن استهداف إسرائيل رفح تحضيراً لاجتياحها براً، مع ما يرافق ذلك من مخاطر تطاول مئات آلاف النازحين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى هذه المدينة، الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، من الشمال والوسط وحتى من الجنوب وقد وجدوا فيها آخر ملاذ لهم .
(الأناضول، العربي الجديد)