بدأت إسبانيا العام الجديد بفضيحة هزّت الرأي العام، تمثلت في استغلال فتيات يُقمن في مركز لرعاية الأطفال على أيدي عصابات إجرامية. وتمّ استغلال هؤلاء الفتيات جنسياً واستخدامهن في تصوير أفلام إباحية وترويج المخدرات. هذه التفاصيل تكشفت في السادس من الشهر الجاري. وتبيّن أن بعض عناصر الشبكات الإجرامية هي من أصول مهاجرة، وتحديداً من جمهورية الدومينيكان والمغرب.
وبحسب الصحافة الإسبانية، فإن القضية اكتشفت بالصدفة، حين أوقفت دورية شرطة فتاة في السادسة عشرة من عمرها كانت تحت تأثير المخدرات وبدا أنها ترتجف خوفاً. وروت للضباط قصتها، وهي واحدة من أخريات استدرجن على وسائل التواصل الاجتماعي بوعود عمل لكسب المال، إلا أنه تم توريطهن بالإدمان على مخدّر كراك الكوكايين، ثم احتجازهن وإجبارهن على تنفيذ طلبات عناصر الشبكة. وهؤلاء الفتيات، وفقاً لما كشفته الصحافة الإسبانية، ومن بينها صحيفة "إل باييس"، أودعن في مركز لرعاية الأطفال جراء وجود مشاكل في بيوت عائلاتهم.
ما روته الفتاة ساهم في اعتقال 37 شخصاً، هم جزء من شبكة إجرامية كانت شرطة مدريد تعمل على تفكيكها منذ 8 أشهر. ونشرت الشرطة الإسبانية شريط فيديو يتضمن توقيفها أعضاء في الشبكة. وبحسب صحيفة "إل موندو ديبورتيفو"، لم يكن موظفو مركز الإيواء يعلمون باستغلال عشر فتيات تتراوح أعمارهن بين 15 و16 عاماً. وكانت البداية في توريطهن بالإدمان على مخدّر الكراك (كراك الكوكايين)، ثم طلب منهن نقله من مكان إلى آخر من خلال استخدام الدراجات الكهربائية، كما تم استغلالهن جنسياً لجني المزيد من المال. وكشفت تحقيقات الشرطة أنّ أحد أشهر مغني الراب، سايمول فيلي، شارك في إجبار الفتيات على الظهور في فيديو كليبات. وبحسب البيان الأمني، اعتقل فيلي بسبب علاقته بالشبكة.
وكشفت التحقيقات أنه "تمت الإساءة للفتيات بشكل ممنهج وبوسائل عدة". وتشير وسائل إعلامية محلية إلى أنّ أساليب عمل الشبكة "تشبه عمل المافيا".
فتيات أخريات جرى إنقاذهن أخبرن صحيفة "بوبليكو" عن توريطهن بسرعة وإجبارهن على العمل في نقل المخدرات وممارسة الجنس. كما احتجزت فتاة مدة ثلاثة أيام أسفل صالون تصفيف شعر، حيث نصبت كاميرات وأجبرت على ممارسة الجنس لإنتاج أفلام إباحية، بحسب صحيفة "إل باييس"، التي أرفقت الموضوع بصور عن المكان.
ما تعرضت له الفتيات أثار غضب المواطنين، بسبب الفشل في حماية هذه المراكز التي تستقبل الأطفال. وعلى الرغم من أنّ بعض الأهل يتحملون جزءاً من المسؤولية والتقصير في مراقبة نشاطات أولادهم على وسائل التواصل، يقول ساسة محليون إن ما حدث يثير أزمة في البلاد. وجرى تداول أخبار لفتت إلى أن أحد المراكز أنذر الشرطة الوطنية الإسبانية باستغلال فتيات. وتسعى مستشارة الأسرة والشباب والسياسة الاجتماعية كونسبسيون دانكوزا لإيجاد تفسيرات للانتهكات التي وصفتها بالممنهجة.
كشفت تحقيقات الشرطة أنّ أحد أشهر مغني الراب سايمول فيلي شارك في إجبار الفتيات على الظهور في فيديو كليبات
في البداية، أنكرت السلطات الإقليمية في مدريد، المسؤولة عن مؤسسات اجتماعية لرعاية الأطفال، ما حدث. وحتى يوم الاثنين الماضي، أصدرت بياناً جاء فيه أنّ "معلومات الشرطة المتعلقة بارتكاب جرائم بحقهن غير صحيحة". وفي اليوم التالي، اضطرت السلطات إلى الاعتراف بأنّ الشرطة كانت على حق.
ووُجهت انتقادات لاذعة إلى السلطات بعدما كشفت وسائل إعلام أنّ الفتيات، وهن من خلفيات إثنية متعددة، لم يخضعن للعلاج من "أعراض ما بعد الصدمة".
وأعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية في مدريد أنّها ستجري تحقيقاً شاملاً في ظل تقاعس السلطات عن حماية الأطفال. وقال الحزب الاشتراكي العمالي إن "الافتقار إلى حماية القصر فضيحة"، مشيراً إلى استجواب دانكوزا والسلطات المحلية للتوصل إلى تفسيرات واضحة حول كيفية حماية القاصرات ومساعدة رجال الشرطة. كما يصف تعامل السلطات مع الفتيات بعد اكتشاف ما حدث لهن بـ "الفضيحة"، في ظل بقاء بعضهن في مراكز الإيواء نفسها، التي أهملت أساساً مراقبتهن وحمايتهن، ولم تعمد إلى توفير العلاج لهن.
يشار إلى أنّ هذه ليست الحادثة الأولى التي تجسّد إهمال النظام الاجتماعي في إسبانيا للأطفال والقاصرات. فقبل نحو 12 عاماً، أجري تحقيق عن مراكز الإيواء، ليتبين أنّ الصغار يتعرضون لعقوبات قاسية. وكشفت التحقيقات أنّ الطفل كان يحتجز أحياناً أكثر من 3 أيام في غرفته. وعلى الرغم من نفي المراكز سوء معاملة الصغار، أظهرت تحقيقات نشرت عام 2019 إساءة معاملة الفتيات اللواتي يعشن في مراكز إيواء في جزر البليار (شرق إسبانيا)، عدا عن شكوك بـ"استغلال القاصرات جنسياً".