لم تتوقّع فردوس نصّار المعروفة بـ"أم علي"، والمقيمة في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، أن تعجز عن تأمين دواء لطفلتها. كانت ابنتها قد أصيبت بوعكة صحية واحتاجت خافض حرارة، إلا أنها وجدت أن الدواء مفقود في الصيدليات. تقول: "في ذلك اليوم، كتبت على عدد من المجموعات على تطبيق واتساب عن حاجتي إلى خافض حرارة لابنتي. وبالفعل، قدمت لي امرأة ما بقي لديها من الدواء (نحو ربع زجاجة) وأخريات كان في حوزتهن حتى تمكنت من تأمين الدواء لابنتي. من هنا، فكرت بضرورة جمع الأدوية لمن يحتاجها".
تتابع أم علي: "في بيتي خزانة خاصة بالأدوية فتحتها بعد شفاء ابنتي، وصرت أراقب تاريخ صلاحية الأدوية الموجودة لدي. رميت تلك التي انتهى تاريخ صلاحيتها. أما الأدوية الصالحة منها والتي لا أحتاجها، فشاركتها على واتساب ليتواصل معي من يحتاج إليها".
المقايضة لتأمين الاحتياجات
تضيف: "لم أتوقف هنا. العديد من الناس يحتاجون إلى الأدوية ولا يستطيعون تأمينها أو يعجزون عن شرائها بسبب ارتفاع أسعارها. أطلقت حملة وأشركت فيها ابني البالغ من العمر تسع سنوات وابنتي البالغة من العمر خمس سنوات، وصرنا نقصد البيوت في المخيم ونسأل قاطنيها إن كانت لديهم أدوية ليسوا في حاجة إليها لنعطيها لمن يحتاجها. وأنشأت مجموعة على واتساب لهذا الغرض، وبدأ الناس يتواصلون معي. فالأشخاص الذين لا يحتاجون إلى دواء يحضرونه إلى بيتي. ومن يحتاجه يأتي لأخذه. ومع الوقت، بدأ البعض يتبرع بمبالغ مالية من أجل شراء الحليب للأطفال والحفاضات. وتعاملنا مع مستوصف موجود في المخيم وعدد من الصيدليات. كما اعتمدنا المقايضة لتأمين احتياجات الناس".
وتقول أم علي: "في بعض الأحيان، يطلب أشخاص أدوية ليست موجودة لدي، فعمدت إلى التواصل مع الصيدليات من أجل تأمين ما تيسر للناس. من جهة أخرى، تواصل معنا بعض المقتدرين لتأمين الحليب والحفاضات للأطفال. في المقابل، كانوا يأخذون الأدوية التي يحتاجون إليها وغير المتوفرة في الصيدليات"، تضيف: "في الوقت الحالي، أعمل على جمع التبرعات لإطلاق بعض المبادرات بناء على احتياجات الناس". على سبيل المثال، تذكر أن الكثير من الناس لم يكونوا قادرين على شراء حليب الأطفال، حتى مع توفره، بسبب ارتفاع سعره.
حملة للملابس والأغطية
كما عملت مع شباب من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وأطلقت منذ فترة حملة لجمع الملابس والأغطية وغيرها للنازحين السوريين الذين يعيشون في الخيام في محافظة عكار (شمال لبنان)، وشملت مخيم برج البراجنة. وجمعت خلال خمس ساعات ملابس شتوية تم توزيعها على العائلات المحتاجة.
كما أطلقت مبادرة مع ولديها لتوزيع الشوكولاتة والعصائر على تلاميذ المدارس. وتقول: "أطلقت هذه الحملة بعدما رأيت طفلاً في دكان لبيع السكاكر يطلب من والده أن يشتري له العصير، فصرخ الأخير في وجهه، إذ يبدو أنه أحرج بسبب عدم قدرته على شرائه. ففكرت في هذه المبادرة التي اعتمدتها في كل يوم سبت. اخترت يوماً محدداً على اعتبار أن المبلغ الذي كان في حوزتي محدود". بداية، شمل التوزيع أربعين تلميذاً وتلميذة ثم ارتفع الرقم إلى تسعين تلميذاً. تضيف: "توقفت عن الأمر حالياً لأنني لم أعد أملك المال". وتذكر أنها رأت الفرحة ترتسم على وجوه الأطفال الذين كانوا ينتظرون يوم السبت بفارغ الصبر، "في هذا اليوم، صاروا يذهبون إلى المدرسة من دون مصروف، لعلمهم أن أم علي ستحضر وتجلب معها الحلويات والعصائر". تضيف أن "إبني وابنتي كانا يشاركانني هذا العمل من خلال توضيب الأغراض في الأكياس، وتوزيعها على التلاميذ".