تعمّ مظاهر الفرح مدينة تعز وسط اليمن، في الأيام الأولى لعيد الفطر، على الرغم من سنوات الحرب التي زادت عن ثمانٍ. وتبدو الحياة مغايرة لجهة الحركة والأمكنة والناس فيها، مقارنة بما هي عليه يوميات اليمنيين وسط الحصار القائم.
وفي هذه المدينة التي تُعَدّ من أكثر مدن اليمن فقراً مع نسبة بطالة مرتفعة وسط غلاء في الأسعار وتدهور خدمي، في حين يكثر فيها الدمار والنزوح والضحايا، يحتفي اليمنيون بالعيد بطريقهم الخاصة وقد خرجوا إلى الشوارع وأماكن العبادة والتنزّه بثيابهم الجديدة.
ويتبادل أهالي المدينة المعايدات والزيارات، في حين يقدّمون لمن يقصدهم في العيد ما يتوفّر لديهم من حلويات ومشروبات ومكسّرات وزبيب وكعك وغيرها من الأصناف التي يشتهر اليمن بتقديمها في مثل هذه المناسبة.
ويحاولون تخطّي الأزمات التي يعيشونها بابتسامات، فيما يقدّمون "عسْب العيد" (العيدية) لأطفال العائلة والجيران، وهي مبالغ مالية رمزية. كذلك ينظّمون أنشطة مختلفة ويشاركون في إحياء طقوس وعادات وتقاليد. هم يصرّون على تجاوز الحزن والموت وتردّي الأوضاع الإنسانية وتواضع الإمكانات وتدهور الأوضاع المعيشية وانهيار قيمة العملة المحلية وغيرها من العوامل التي ترهقهم.
ومظاهر العيد بالنسبة إلى اليمنيين في تعز تعني "الحياة"، على الرغم من أنّ هذه المنطقة تعاني من جرّاء الحرب والحصار منذ سنوات، مع كلّ ما نجم عنهما. ويخرج كثيرون منهم مع عائلاتهم إلى جبل صبر ووادي الضباب وقلعة القاهرة التاريخية وغيرها من المواقع للاحتفال.
يقول أحمد محمد الوهباني لـ"العربي الجديد" إنّ أبناء تعز جميعهم يحتفلون بعيد الفطر. وهم يجعلون من العيد محطة للبهجة والتسامح ولمّ الشمل والألفة ونفض غبار الحرب والهروب من الهموم اليومية والأحزان وغيرها من المشكلات التي تثقلهم في الأيام العادية.
بدوره يؤكد سعيد الوهباني لـ"العربي الجديد" أنّ "العيد في تعز ابتسامة وفرحة وتراحم وتعاطف وإنسانية ومحبة وإخاء كما كان دائماً". يضيف أنّه "على الرغم ممّا تعيشه تعز من أوجاع ومنغّصات، فإنّها تظهر في عيد الفطر بصورة مغايرة".
أمّا فؤاد القدسي فيوضح لـ"العربي الحديد" أنّ "الفرحة بالعيد تخيّم على تعز منذ صباح أوّل أيام العيد مع التكبيرات"، مشيراً إلى أنّ ما زاد الأمر بهجة هو "إطلاق أطراف الصراع مئات الأسرى الذين عادوا إلى أحضان عائلاتهم وأفرحوا اليمنيين جميعاً في كلّ أنحاء البلاد".
إذاً تبدو الحركة نشطة في تعز في خلال العيد، بخلاف ما قد يتوقّعه كثيرون. ويلفت عبد الجليل شريان لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الفرحة كبيرة ومظاهرها متعدّدة، من صلاة العيد إلى زيارة الأهل والأقارب" وغير ذلك. يضيف أنّهم حرصوا على "تزيين المنازل وتنظيفها وتبخيرها لتهيئتها من أجل استقبال الزائرين المهنئين بعيد الفطر".