استمع إلى الملخص
- الحصار يهدد بتوقف المستشفيات عن العمل بسبب نقص الوقود للمولدات الكهربائية، مما يحرم المرضى من الخدمات الطبية اللازمة.
- وزارة الصحة في غزة ومنظمات دولية تطالب بفتح المعابر لتسهيل خروج المرضى للعلاج خارج القطاع، بينما تتجاهل إسرائيل الدعوات الدولية لتحسين الوضع الإنساني.
في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، الواقعة وسط قطاع غزة، استشهد الرضيع الفلسطيني فايز أبو عطايا البالغ من العمر سبعة أشهر، بسبب سوء التغذية ونقص الإمدادات الطبية، اليوم الخميس، وذلك في ظلّ الحرب والحصار المحكم اللذَين يفرضهما الاحتلال الإسرائيلي. وقع ذلك في اليوم الـ237 من العدوان المتواصل على الفلسطينيين في القطاع، الذي أدّى إلى سقوط 36 ألفاً و224 شهيداً إلى جانب 81 ألفاً و777 جريحاً، في حين أنّ أكثر من 10 آلاف آخرين مفقودون، علماً أنّ الضحايا بمعظمهم من الأطفال والنساء، بحسب البيانات الأخيرة التي نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الخميس.
فايز أبو عطايا.. القتل بالجوع والحرمان من العلاج
وأفاد مصدر طبي وكالة الأناضول بأنّ "الرضيع فايز أبو عطايا توفي نتيجة سوء التغذية ونقص العلاج في دير البلح". وأوضح أنّ "فايز ولد خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (انطلقت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023) وعانى من جرّاء نقص في العلاج بسبب إغلاق الاحتلال المعابر المؤدية إلى القطاع". يُذكر أنّ مستشفى شهداء الأقصى مهدّد بالتوقّف عن العمل، من جرّاء منع الاحتلال الوقود عنه، علماً أنّ الوقود ضروري من أجل تشغيل المولدات الكهربائية بهدف توفير الخدمات اللازمة للمرضى والجرحى.
ولفت المصدر الطبي نفسه إلى أنّ الصغير فايز أبو عطايا كان "بحاجة إلى حليب خاص وإلى علاج لمرضه (لم يحدّده) لم يتوفّر في قطاع غزة بسبب الحرب". وقد التقطت وكالة الأناضول صوراً مؤلمة لجثة الرضيع الشهيد في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، وقد ظهر هيكله العظمي بارزاً بوضوح تحت جلده، فيما احتضن الوالد ابنه باكياً.
وكانت إسرائيل، في إطار حربها المدمّرة على قطاع غزة، قد شدّدت حصارها القائم منذ نحو 17 عاماً، فمنعت إدخال الدواء والغذاء والوقود ومستلزمات الحياة الأخرى، فيما قطعت المياه عن الفلسطينيين العالقين في القطاع. كذلك، منعت نقل المرضى والجرحى الذين يحتاجون إلى تدخلات طبية غير متوفّرة في غزة، باستثناء حالات معدودة مع موافقة مسبقة من قبل سلطات الاحتلال. لكنّ ذلك كان قبل العملية البرية التي بدأت تشنّها قوات الاحتلال على مدينة رفح، أقصى جنوبي القطاع، في السادس من مايو الجاري، وسيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، الذي كانت تدخل منه قوافل المساعدات الضئيلة جداً مقارنة باحتياجات أهل غزة.
وفي بيان أصدرته وزارة الصحة في غزة، طالبت كلّ المؤسسات الدولية والجهات المعنية بضرورة فتح معابر قطاع غزة وتسهيل خروج المرضى والجرحى للعلاج في الخارج. وأشارت إلى أنّ ذلك يأتي "في ظلّ انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة، وحاجة آلاف المرضى إلى العلاج في الخارج، مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على المعابر وإغلاقها".
يُذكر أنّ جهات عديدة أيضاً كانت قد طالبت بفتح المعابر والسماح لمن يحتاج إلى علاج بالخروج من القطاع، لعلّ أبرزها منظمة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، بالإضافة إلى منظمات دولية تُعنى بالشؤون الإنسانية والصحية والحقوقية من قبيل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود وغيرهما.
في سياق متصل، تشهد مدينة دير البلح في وسط قطاع غزة تدفّقاً كبيراً من النازحين الفلسطينيين الذين كانوا قد هُجّروا في الأشهر الماضية إلى الجنوب، وكذلك إلى أقصاه بفعل آلة الحرب الإسرائيلية، غير أنّ الأخيرة عادت لتشرّدهم من جديد بعد عملية اجتياح رفح برياً، فكانت دير البلح وجهة هؤلاء الرئيسية، في حين أنّ الشمال معزول كلياً عن الوسط والجنوب ومهدّد بمجاعة محتّمة. وتأتي عمليات النزوح التي انخرط فيها نحو مليونَي فلسطيني من أصل 2.3 مليون نسمة في القطاع وسط أوضاع كارثية، إذ ثمّة شحّ كبير في المياه والغذاء والدواء وما إلى ذلك من متطلبات العيش.
وتواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة على الرغم من الأوامر الأخيرة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم البري على رفح فوراً، واتّخاذ تدابير فورية لتحسين الوضع الإنساني المزري في القطاع ومنع وقوع أعمال "إبادة جماعية". كذلك، تتجاهل إسرائيل اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحقّ رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، بناءً على مسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضدّ الإنسانية" في قطاع غزة.
(الأناضول، العربي الجديد)