غوتيريس: أزمة المناخ "فتحت أبواب الجحيم"

20 سبتمبر 2023
غوتيريس: سيتّخذ القادة إجراءات تفي بالتزاماتهم بموجب اتفاقية باريس للمناخ (Getty)
+ الخط -

استهلّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس اجتماعاً حول المناخ يغيب عنه ممثّلا الدولتَين الكبريَين المسؤولتَين عن الانبعاثات في العالم، الصين والولايات المتحدة الأميركية، بالقول إنّ إدمان البشرية الوقود الأحفوري "فتح أبواب الجحيم".

وبعد أن أشار غوتيريس في "قمّة الطموح المناخي"، اليوم الأربعاء، إلى درجات "الحرارة الرهيبة" و"الحرائق التاريخية" التي تغذّيها انبعاثات غازات الدفيئة، توجّه إلى المشاركين مؤكداً أنّ "المستقبل ليس ثابتاً، ويعود الأمر في كتابة فصوله لقادة مثلكم".

وشدّد المسؤول الأممي على أنّه ما زال من الممكن ضمان مستقبل البشرية وأنّ الوقت لم يفت بعد، وأنّه "ما زال في إمكاننا الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية لتبقى عند 1.5 درجة مئوية".

أضاف أنّه "ما زال في إمكاننا بناء عالم جوّه نظيف مع وظائف صديقة للبيئة وطاقة نظيفة ميسورة الكلفة بالنسبة إلى الجميع"، في إشارة إلى الهدف الذي يُعَدّ ضرورياً لتجنّب كارثة مناخية بعيدة الأمد".

وعلى الرغم من عدم حضور بكين وواشنطن، وصف غوتيريس القمّة بأنّها حدث "جاد" سيعلن فيه القادة أو الوزراء إجراءات محدّدة تفي بالتزاماتهم بموجب اتفاقية باريس للمناخ (2015).

وفي وقت تتزايد فيه الظواهر المناخية المتطرّفة وتسجّل درجات الحرارة العالمية مستويات قياسية، فإنّ ارتفاع مستوى انبعاثات غازات الدفيئة المسبّبة لتغيّر المناخ ما زال مستمراً، في ظلّ قيام شركات الوقود الأحفوري بجني أرباح جيدة.

وقد خصّص غوتيريس منصّة للقادة الذين وضعوا خططاً ملموسة لتحقيق صفر انبعاثات كربونية.

وبعد تلقّي أكثر من 100 طلب للمشاركة، أعلنت الأمم المتحدة، ليل أمس الثلاثاء الماضي، قائمة تضمّ 41 متحدثاً لم تشمل الصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة واليابان والهند.

وقال غوتيريس، أمس الثلاثاء: "غداً، سأرحّب بأصحاب الخطى الأولى والفاعلين الأوائل من ذوي المصداقية في قمّة الطموح المناخي".

الصورة
تظاهرات في نيويورك ومطالبة بحالة طوارئ مناخية (سبنسر بلات/ Getty)
مطالبات بإعلان حالة طوارئ مناخية في تظاهرات نيويورك الأخيرة (سبنسر بلات/ Getty)

يُذكر أنّ الجمعية العامة الـ78 للأمم المتحدة التأمت وسط غياب ملحوظ للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي برّر غيابه بكثرة انشغالاته، إلى جانب الرئيسَين، الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي ألقى كلمة أمام الجمعية العامة، أمس الثلاثاء، قد أوفد مبعوثه للمناخ جون كيري إلى الاجتماع، على الرغم من أنّه لن يُسمَح لكيري بالتحدّث.

في سياق متصل، قال ألدن ماير من مركز أبحاث المناخ "إي ثري جي" إنّ "غياب هذا العدد الكبير من زعماء الاقتصادات الكبرى والمسؤولة عن الانبعاثات في العالم سيكون له تأثير واضح في مخرجات القمّة".

وألقى ماير اللوم على ما يشغل الساحة الدولية من قضايا متنافسة، مثل الحرب الأوكرانية والتوتّرات بين الولايات المتحدة الأميركية والصين وما يشهده العالم من غموض حول مستقبل الاقتصاد.

وعلى الرغم من ذلك، يعتقد ماير أنّ البلدان الغائبة عن القمّة تشهد "معارضة من قبل قطاع الوقود الأحفوري وسواه للتحوّلات (البيئية) المطلوبة"، في إشارة إلى تخفيض الانبعاثات.

من جهتها، قالت المديرة التنفيذية للمنظمة غير الربحية "ديستينيشن زيرو" كاثرين أبرو إنّه "قد يكون خبرًا جيدًا أن نرى بايدن لا يُمنح فرصة التحدث خلال القمّة"، مشيرة إلى مواصلة الإدارة الأميركية توسيع مشاريع الوقود الأحفوري في وقت تحقّق فيه إنجازاً في مجال الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجدّدة.

وتابعت أبرو: "أعتقد أنّ هذا بمثابة تصحيح لقمم سابقة مُنح في خلالها زعماء فرصة لإدارة ملف المناخ على الساحة الدولية، فيما يواصلون متابعة خطط تطوير الوقود الأحفوري ويستمرّون في دفع أزمة المناخ إلى الوراء في بلدانهم".

وبينما لم تُمنَح الولايات المتحدة الأميركية فرصة الجلوس في المنصة، فإنّ حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم حاضر، كذلك يمثّل رئيس بلدية لندن فيها صادق خان المملكة المتحدة.

ويُعَدّ هذا الحدث أكبر قمّة مناخية تُعقَد في نيويورك منذ عام 2019، عندما ألقت الناشطة البيئية السويدية الشابة غريتا تونبرغ كلمتها الشهيرة تحت عنوان "كيف تجرؤ؟" أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

الصورة
تظاهرات خاصة بالمناخ في نيويورك في 17 سبتمبر 2023 (سبنسر بلات/ Getty)
من التظاهرات الأخيرة المندّدة بالوقود الأحفوري في نيويورك (سبنسر بلات/ Getty)

ويوم الأحد الماضي، تظاهر عشرات الآلاف في نيويورك للمطالبة بتعزيز إجراءات مكافحة تغيّر المناخ قبيل افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ورفع مشاركون من نحو 700 منظمة بيئية لافتات، في خلال التظاهرة، كُتب عليها: "بايدن أوقف الوقود الأحفوري" و"الوقود الأحفوري يقتلنا" و"أنا لم أصوّت للحرائق والفيضانات"، في أعقاب صيف شهد كوارث طبيعية مرتبطة بتغيّر المناخ.

وعشيّة هذه القمّة، راحت الأنظار تتّجه إلى ما سوف يحمله كلّ من رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين من رؤى بشأن أهدافهما الخاصة والتزامات التمويل للدول النامية.

ولطالما كان عدم وفاء الدول المتطوّرة، المسؤولة عن النسبة الأكبر من الانبعاثات في العالم، بوعودها تجاه الدول الفقيرة الأكثر تضرّراً من تغيّر المناخ، من البنود الحساسة على أجندة محادثات المناخ.

لكنّ ثمّة نقاطاً إيجابية في هذه القمّة، من قبيل إعلان كولومبيا وبنما انضمامهما إلى تحالف دولي لمناهضة استخدام الفحم، وهو ما يُعَدّ خطوة إلى الأمام في هذا الملف، خصوصاً أنّ كولومبيا تحتلّ المركز السادس عالمياً في تصدير الفحم.

وتأتي قمّة اليوم الأربعاء قبل أسابيع من المؤتمر الثامن والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 28) التي ستُعقد في الإمارات، وتشمل الأهداف منها مضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرّات بحلول عام 2030، وإنهاء توليد طاقة الوقود الأحفوري التي "لا تتضاءل" بحلول عام 2050 بواسطة تكنولوجيا احتجاز الكربون.

(فرانس برس)

المساهمون