غلاسكو تستعدّ لاستضافة مؤتمر المناخ "كوب 26" على وقع الاحتجاجات

30 أكتوبر 2021
+ الخط -

تستعدّ مدينة غلاسكو الاسكتلندية لاستقبال قادة من حول العالم بمناسبة انعقاد الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) الذي يُعَدّ حاسماً لتحديد مصير كوكب الأرض، فيما تتوالى تحرّكات الناشطين المدافعين عن المناخ.

وتحت المطر، أطلق ناشطون أميركيون قنابل دخانية لتوجيه رسالة إلى أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة يُنتظر حضورهم للمشاركة في "كوب 26" ابتداءً من غدٍ الأحد 31 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري وحتى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. فالاحتجاجات تزداد مع وصول المندوبين الذين يحضرون المؤتمر في غلاسكو، في حين تُسجَّل محاولات للعودة إلى الحياة الطبيعية بعد الإغلاق الذي فُرض بسبب أزمة كورونا.

إيزابيل باركلي من بين المتظاهرين في ساحة "جورج سكوير" في وسط المدينة، تقول: "أنا فخورة جدًا بأنّ كوب 26 تُقام في غلاسكو". وتشير باركلي إلى أنّ هذه الساحة شهدت خطابات لنيلسون مانديلا وتجمّعات لا تُحصى للمطالبة باستقلال اسكتلندا وتظاهرات لحركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود مهمّة). ومن المتوقّع أن تمثّل هذه الساحة في الأسبوعَين المقبلَين ملتقى لناشطي المناخ الذين قد يصل عددهم إلى 100 ألف في تظاهرة حاشدة تُنظَّم في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل بحسب تقديرات المنظّمين. تضيف باركلي: "نحن بحاجة إلى أن نكون إيجابيين ونتذكّر أنّنا جميعاً قادرون على القيام بشيء ما... تناول لحوم أقلّ وشراء بلاستيك أقلّ".

وقد هطلت أمطار غزيرة غمرت شوارع عدّة في وسط المدينة، كأنّما هي تذكير بأنّ تهديد المناخ قائم فعلاً. وضربت الشرطة في إجراء احترازي طوقاً أمنياً واسعاً حول "سكوتيش كامبس إيفينت" حيث يُنظَّم الحدث، بالقرب من ضفة نهر كلايد، الأمر الذي من شأنه عرقلة حياة السكان اليومية.

يأتي ذلك في حين أنّ ثمّة مراقبين ومعنيّين يعبّرون عن خشيتهم من أن يؤدّي الحدث إلى ارتفاع في عدد الإصابات بكوفيد-19. وفي هذا الإطار، ترى أستاذة الصحة العامة في جامعة إدنبرة ديفي سريدهار، وهي عضو المجموعة المكلفة بتقديم المشورة للحكومة الاسكتلندية بشأن كوفيد-19، أنّ مؤتمر الأطراف يُعقَد في أسوأ الفترات، وهو سوف يستضيف 25 ألف مندوب من 200 بلد، وقد يتسبّب في فورة وبائية جديدة وعودة القيود هذا الشتاء. وتقول: "قد أكون مخطئة (وأتمنى ذلك)" لكنّ "حدثاً جماهيرياً (مع أشخاص يأتون ويذهبون) في ظلّ تفشّي فيروس مُعدٍ سوف يؤدّي إلى زيادة الإصابات". أضافت أنّ تفاقم تفشّي الوباء "سوف يؤثّر على الخدمات الصحية" و"سوف يتطلب قيوداً جديدة".

من حهته، يتوقّع شون كليركن الذي يقطن في غلاسكو وهو ينظر إلى المتظاهرين الأميركيين الذين رموا القنابل الدخانية، "الأسوأ". يقول: "لأكن صريحاً، أظن أنّ كوب 26 سوف يفشل"، لافتاً إلى أنّ "المنظمين يتعدّون على الحياة اليومية للسكان ويعزلون الزائرين عن المشكلات الاجتماعية الحقيقية للمدينة. يضيف كليركن: "لدينا مشرّدون في شوارعنا، لدينا أشخاص كثيرون يعيشون في مساكن مؤقّتة وفنادق ونزل. إنهم يعيشون في منشآت لا تتوفّر فيها المعايير (المطلوبة). لكنّ البلدية تريد أن تخفي المشرّدين والفقراء عن عيون مندوبي المؤتمر".

أمّا بالنسبة إلى المتظاهرين في ساحة "جورج سكويرز"، فأملوا أن ينجح المؤتمر. ويقول منظّم التظاهرة أندرو نازدين (33 عاماً): "النتيجة التي سوف تصدر عن كوب 26 في غلاسكو هي مسألة حياة أو موت لسكان العالم"، مؤكداً أنّه "يتوجّب على قادة العالم كلّه أن يتحرّكوا". ويرى أنّ أمام رؤساء الدول والحكومات فرصة ذهبية للتحرّك وسوف يكون المتظاهرون حاضرين لتذكيرهم بهذه الرسالة "بصوت عال وواضح".

من جهة أخرى، أطلق نشطاء يافعون شباب مدافعون عن البيئة، أمس الجمعة، سلسلة من التحرّكات تستهدف مصارف في حيّ المال والأعمال في لندن، احتجاجاً على دور تلك المؤسسات في الأزمة المناخية قبيل انطلاق مؤتمر "كوب 26". وقد شاركت الشابة السويدية غريتا ثونبرغ في واحد من تلك التحرّكات. وظهرت ثونبرغ البالغة من العمر 18 عاماً والتي تُعَدّ الوجه البارز لحركة "فرايدايز فور فيوتشر" إلى جانب عشرات من النشطاء المحتشدين أمام المقرّ الرئيسي لمصرف "ستاندرد تشارترد"، وسرعان ما أحاطت بها مجموعة من المصوّرين، لكنّها غادرت الموقع من دون الإدلاء بأيّ تصريح.

وفي وقت لاحق، أشارت ثونبرغ على حسابها على موقع "تويتر" إلى أنّها تطلب من هذه المؤسسة المالية (ستاندرد تشارترد) "التوقّف عن تمويل انهيارنا". وكتبت: "ما زالت المصارف تضخّ مبالغ طائلة في مصادر الطاقة الأحفورية التي تزعزع أسس كوكبنا وتضع أرواحاً كثيرة في خطر". ومن المرتقب أن تحضر ثونبرغ إلى غلاسكو للمشاركة في المسيرة الكبيرة من أجل المناخ التي تُنظّم في الخامس من نوفمبر.

يُذكر أنّ ثونبرغ كانت قد حذّرت في تصريحات أدلت بها لوكالة "فرانس برس" في منتصف هذا الشهر من أنّه "في حال استمرّ الوضع على هذه الحال، فإنّ مؤتمر الأطراف هذا لن يؤدّي إلى تغيّرات كبيرة".

(فرانس برس)

المساهمون