استعدت عائلات نازحة في مخيمات شمال سورية لعيد الأضحى بتحضير الكعك والحلويات، بحسب الإمكانات التي تملكها، فالمناسبة تبعث الأمل لديهم بأيام مقبلة أفضل، فيما توجد الظروف المادية حواجز كبيرة بين عائلات كثيرة والتحضيرات المطلوبة للعيد، بسبب ضيق الحال وعدم توفر الدخل.
"من لا يخرج للعمل في العتالة (التحميل) ينام بلا عشاء"، بهذه العبارة يختصر عمار المحمد، الذي يقيم في مخيم "غطاء الرحمة" للنازحين قرب بلدة أطمة، حال سكان المخيم مع اقتراب عيد الأضحى، ويقول لـ"العربي الجديد": "وضعنا مأساوي في المخيمات. لم نعّد أي شيء للعيد. يستنزف فصل الشتاء وتكاليف مواد التدفئة كل إمكانات النازحين الذين يضطرون إلى استدانة الأموال أيضاً. لا عمل حالياً، ولم أستطع شراء الملابس لأطفالي مع اقتراب موعد العيد. بعدما انتهى فصل الشتاء حل شهر رمضان واستقبلنا عيد الفطر. نعيش على العمل في العتالة، وحال الناس تتشابه هنا".
ويتحدث محمود عثمان، النازح من بلدة الشريعة بريف حماة الغربي، والذي يقيم في المخيم ذاته، لـ"العربي الجديد"، عن أن غالبية النازحين لم تحضّر أي شيء للعيد لأن أفرادها بلا عمل، "فمن يريد الاستعداد للعيد يجب أن يملك المال، ويشتري ملابس لأطفاله. ليس بمقدوري فعل ذلك لأن الأوقات الصعبة استنزفت قدراتنا".
ويشير مدير المخيم محمد أبو شام، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن عائلات قليلة واكبت تحضيرات العيد، وبينها الكعك والحلويات، فبعضها لا تملك قوت يومها، ولا حول ولا قوة لها، ونسبة العائلات التي تحضّر للعيد لا تتجاوز 20 في المائة.
وبعض من اشترى ملابس لأطفاله خلال عيد الفطر لن يكرر ذلك في عيد الأضحى، وقد أبقيت الملابس السابقة بعيدة عن متناول الأطفال كي تظل جديدة ويرتدونها مجدداً في عيد الأضحى، فشراء ملابس للعيدين غير ممكن.
هذا ما فعلته فاطمة، أم خالد، التي تقول لـ"العربي الجديد": "كانت ملابس عيد الفطر مكلفة، وأسعار تلك في عيد الأضحى الحالي للأطفال خيالية، خصوصاً ملابس البنات مرتفعة للغاية، فسعر الفستان يتجاوز 400 ليرة تركية (23.5 دولاراً)، وشراء فستان لابنتي الكبرى في الصف الخامس الابتدائي والصغيرة بعمر 3 سنوات وملابس لطفلي الآخرين سيكلّف أكثر من 1200 ليرة تركية (70 دولاراً)، ودخلنا لا يسمح بذلك، لذلك احتفظنا بملابس عيد الفطر كي يلبسوها مع حلول عيد الأضحى".
تتابع: "سأحضر بعض حلويات العيد، منها الكعك والمعمول التي يحبها الأطفال. وهذه فرصة جيدة للتعاون مع قريباتي قبل العيد، إذ نجتمع لإعداد حلويات لأكثر من عائلة كما جرت العادة، وسيحصل ذلك خلال المساء حين تكون درجات الحرارة أقل من النهار، حيث سنستطيع خبز المعمول وتجنيبه الذوبان بسبب الحرارة عند وضعه في القالب، قبل أن نعدّه للخبز في الفرن".
وفيما تنفطر قلوب الأمهات اللواتي لا حول لهنّ ولا قوة من حزن الأطفال الذين حرموا من ملابس العيد، ويحاولن الهرب من وجوه أطفالهنّ وأسئلتهم حول ملابس العيد، تقول النازحة سوسن محمود الأحمد، النازحة التي تقيم في مخيم "غطاء الرحمة"، لـ"العربي الجديد": "لا أملك ليرة واحدة. نحن ثلاث عائلات لا تحصل على سلال غذائية. يظهر الحزن الشديد للأطفال من عدم توفر ملابس للعيد على وجوههم. سيتحدثون عن أن رفاقهم يلبسون ثياباً جديدة، ويسألونني لماذا لم يحصلوا على ثياب".
وينعكس ضعف الاستجابة وتراجع المساعدات الإنسانية سلباً على واقع سكان مخيمات الشمال السوري، علماً أن عيد الأضحى يتزامن مع عقد مجلس الأمن جلسة خاصة بتجديد القرار رقم 2585 الخاص بإدخال مساعدات من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ويقول الناشط الإعلامي خضر الحمصي، لـ"العربي الجديد": "العائلات التي كانت تحصل على سلة غذائية شهرية، ودأبت على بيع مواد تتضمنها السلة تزيد عن احتياجاتها، لم تعد تستطيع فعل ذلك بعد خفض كميات المساعدات أخيراً".
ويذكر النازح عامر أبو حمزة، الذي يقيم في مخيمات أطمة، لـ"العربي الجديد"، أنه جهّز عيديات الليرات التركية التي سيوزعها على الأطفال خلال تبادل الزيارات بينه وبين أشقائه، و"هذا كل ما سنفعله، أما أكثر ما نفتقده خلال العيد فهو اجتماع العائلة. لدي شقيق في تركيا وآخر في هولندا، ويقيم أفراد من عائلتنا في لبنان. نحن مشتتون في كل مكان، ولن يكون بعض أفراد العائلة معنا في العيد إلا عبر شاشات الهواتف الخليوية".
ويقدر فريق "منسقو استجابة سورية" عدد سكان المخيمات في الشمال السوري بنحو 1.5 مليون شخص تضمهم أكثر من 328 ألف عائلة، وتبلغ نسبة الأطفال 56 في المائة، والنساء 23 في المائة، وذوي الاحتياجات الخاصة 2.85 في المائة.