عيد المغرب: إصرار على الفرحة والاحتفال رغم الغلاء وكورونا

09 يوليو 2022
لم يمنع غلاء الأضاحي المغاربة من الاحتفال بـ"لعيد لكبير" (العربي الجديد)
+ الخط -

اعتاد عبد الله أوترحوت البالغ من العمر 36 عاماً، الذي يعمل في أحد مطاعم العاصمة المغربية الرباط، أن يخصّص في عيد الأضحى من كلّ سنة ما يزيد عن 500 درهم مغربي (نحو 50 دولاراً أميركياً) كموازنة لسفره من مدينة الرباط إلى قريته في محافظة أكادير، جنوب غربي المغرب. لكنّه وجد نفسه هذه السنة، من جرّاء انتعاش نشاط سماسرة تذاكر السفر عبر الحافلات وارتفاع أسعار المحروقات، مضطراً إلى زيادة أكثر من 200 درهم (نحو 20 دولاراً) لقضاء أيام العيد وسط عائلته وأقاربه والاستمتاع بالأجواء الخاصة التي يصنعها المغاربة في خلال هذه المناسبة الدينية في البيوت والشوارع والمتنزّهات.

يقول أوترحوت لـ"العربي الجديد" إنّ "لعيد الأضحى طعماً خاصاً في مسقط الرأس وبين الأسرة والأحباب، ولا يمكنني البقاء بعيداً عنهم بسبب الارتفاع الصاروخي في أسعار تذاكر الحافلات مقارنة بالأيام العادية، لذا قرّرت أن أدفع أكثر في حال تطلب الأمر ذلك منّي".

ولمّا كانت لعيد الأضحى مكانة خاصة عند المسلمين في كلّ بقاع العالم، فإنّ له في المغرب طقوساً وعادات خاصة، كذلك هو فرصة لتبادل المعايدات والزيارات العائلية، وإحدى المناسبات القليلة في السنة للمّ شمل أفراد العائلة التي تفرّق أبناؤها في داخل البلاد وخارجها.

وبحسب أوترحوت، فإنّ "عيد الأضحى يمثل خصوصاً فرصة للقاطنين بعيداً عن الأهل، لاقتناص أوقات فرح معهم. فلا مثيل لأجواء عيد الأضحى، ولعلّ الأكثر تميّزاً فيها هو لقاء أفراد العائلة الذين يضربون موعداً سنوياً لاجتماعهم، ونحر الأضحية، والالتفاف حول أكلتَي بولفاف والتقلية".

وخلافاً لما كان عليه الأمر في خلال أزمة كورونا الوبائية، استعاد عيد الأضحى هذه السنة نكهته وهويته، مع عودة صلاة العيد في المصليات والمساجد وساحاتها الخارجية، وما يرافق ذلك من أجواء روحية مفعمة بمعاني التلاحم والتضامن، الأمر الذي من شأنه أن يترك أثراً كبيراً في نفوس كثيرين".

من جهته، يقول المرشد الديني أحمد الفيلالي لـ"العربي الجديد" إنّ "عيد الأضحى من أكثر المناسبات الدينية قدسيّة لدى المغاربة، وهو مناسبة للتآخي والتسامح وتبادل التبريكات في ما بينهم قبل أن ينصرفوا إلى بيوتهم لنحر الأضاحي في أجواء عائلية". يضيف: "ديننا الحنيف يأمرنا بأن نفرح وننشر مظاهر البهجة في العيد، لذلك يُعَدّ عيد الأضحى مناسبة للراحة والتقاط الأنفاس ونثر الفرحة في البيوت، فيتعيّن على الجميع اغتنامها على الرغم من مصاعب الحياة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

تجدر الإشارة إلى أنّه قبل حلول عيد الأضحى بأيام، اعتاد المغاربة الإقبال الكثيف على الأسواق من أجل التبضّع لإعداد حلويات العيد، واقتناء الملابس التقليدية وكذلك ملابس الأطفال، غير أنّه بدا لافتاً هذه السنة أنّ حجم الإقبال تأثّر بلهيب أسعار الذي طاول كثيراً من السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية، الأمر الذي أثّر سلباً على الباعة.

وفي هذا الإطار، يقول رشيد الركراكي وهو بائع في السوق الشعبي الكبير بمدينة سلا القريبة من العاصمة المغربية الرباط، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العيد هذه السنة يختلف عن الأعياد الماضية من جرّاء زيادات الأسعار التي تسبّبت في ضرب القدرة الشرائية للمغاربة، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والمعوزين، وفي جعلهم غير قادرين على تحمّل نفقات متطلبات العيد من أضحية ومستلزماتها وتوابل وفواكه وخضراوات وملابس".

ويوضح الركراكي أنّ "مواطنين كثيرين وجدوا أنفسهم في وضع لا يُحسَدون عليه بعدما لم يعد في مقدورهم شراء كلّ ما يريدون. ففي الوقت الذي اكتووا فيه بلهيب أسعار الأضاحي التي عرفت هذه السنة ارتفاعاً كبيراً من جرّاء غلاء الأعلاف وتأخّر المتساقطات، زاد ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية من محنتهم. وكلّ ذلك انعكس سلباً على مداخيلنا، لكنّه لم يمنعنا من الاحتفاء بالعيد".

وبينما يحتفل المغاربة بالعيد، يصرّ فيروس كورونا الجديد على الحضور بينهم، وسط مخاوف السلطات الصحية من انعكاسات موجة رابعة من الوباء تعرفها البلاد منذ أيام. وعلى الرغم من الأزمة الصحية هذه ومن الظروف الاقتصادية التي تلقي بظلالها على احتفال المغاربة بعيد الأضحى أو "لعيد لكبير" كما يسمّونه، يصرّ كثيرون على الفرحة والاحتفال بكلّ ما تحمله ذاكرتهم من طقوس وعادات.

المساهمون