شهدت الأيام القليلة الماضية عودة مئات الشبان وبعض العائلات من تركيا إلى المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة السورية في محافظة إدلب ومحيطها، شمال غرب سورية، عبر بوابة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمال إدلب، وذلك عقب قرار الحكومة التركية بفرض الحظر والإغلاق في جميع الولايات التركية لمدة 20 يوماً، ما أدى إلى توقف أعمال العديد من الشبان المياومين، بسبب تفشي وباءكورونا في الآونة الأخيرة.
وقال مسؤول العلاقات الإعلامية في معبر باب الهوى الحدودي، مازن علوش، لـ "العربي الجديد"، إن إدارة معبر باب الهوى سجلت خلال 72 الساعة الماضية وحتى مساء اليوم الخميس، عودة 700 شخص من تركيا إلى الداخل السوري غالبيتهم شبان، اختاروا "العودة الطوعية" بعد تسليم بطاقة الحماية المؤقتة (كملك) في مبنى دائرة الهجرة في منطقة نارلجا ضمن ولاية هاتاي التركية الحدودية.
وأوضح علوش أن الـ 700 شخص الذين عادوا إلى منطقة إدلب، بينهم 60 إمرأة و40 طفلاً تقريباً والبقية شبان، هم الذين توقفت أعمالهم ضمن الولايات التركية. ولفت إلى أن العودة الطوعية والترحيل لا يتوقفان على مدار العام، لكن تصاعدت وتيرة العودة في الأيام الثلاثة الماضية، مشيراً إلى أنه تم إغلاق المعبر مساء اليوم في وجه المسافرين، بالتزامن مع بدء حظر التجول الذي فرضته الحكومة التركية داخل البلاد.
وكانت الحكومة التركية قد أعلنت مساء الإثنين الماضي حظراً كلياً مع استثناءات بسيطة لبعض العاملين، لمدة ثلاثة أسابيع، مساء اليوم الخميس، ومتد حتى 17 مايو/ أيار المقبل في عموم البلاد، في إطار إجراءات مكافحة فيروس كورونا.
إلى ذلك، قال محمود العمران، أحد العائدين بشكلٍ طوعي إلى سورية، أن إجراءات الحظر لهذه المدة الطويلة هي أحد أسباب عودته إلى الداخل السوري، وتحديداً محافظة إدلب، بعد تسليم بطاقة الحماية المؤقتة، التي تخوله البقاء على الأراضي التركية. وأوضح لـ "العربي الجديد" أن إجراءات الحظر ليست فقط السبب الوحيد، مشيراً إلى تخفيض أجور العمال بعد تقليل ساعات العمل، وغلاء الأسعار، وارتفاع بدلات إيجار المنازل، وفرض إجراءات حظر خلال الأشهر الماضية. وهذه الأسباب مجتمعة أدت إلى تدهور الوضع المعيشي بالنسبة لمئات العائلات السورية المقيمة في تركيا.
وأشار العمران إلى أن العائد المالي الذي تقاضاه خلال الأربعة أشهر الماضية لقاء عمله بأحد معامل الخياطة بولاية أزمير في تركيا، لم يكن كافياً سوى لدفع بدل إيجار منزله وفواتير المياه والكهرباء والغاز والانترنت، وكان شقيقه المقيم في إحدى دول الخليج يرسل إليه المال لتأمين الطعام والشراب. وقال إنه في حال لم يجد عملاً في إدلب، يستطيع تدبر أمره مع عائلته بـ 150 دولاراً، وهو ما لا يمكن فعله في تركيا.
وكان معبر باب الهوى قد أصدر بياناً أكد فيه أنه المعبر سيكون مغلقاً أمام حركة المسافرين من وإلى تركيا طوال فترة حظر التجول التي فرضتها الحكومة التركية، باستثناء الشاحنات التجارية والغذائية.
ويقيم في تركيا نحو 3.5 مليون سوري، معظمهم يعتمد على نفسه بالعمل في الأسواق التركية، وإن بأجور مخفضة، فيما يقدم الاتحاد الأوروبي عبر الهلال الأحمر التركي مساعدات مالية لعائلات سورية لها وضع خاص، عن طريق ما يسمى كرت الهلال الأحمر.
ومع تفشي فيروس كورونا في تركيا، اضطرت الحكومة التركية إلى فرض إجراءات الإغلاق مرات عدة في عموم البلاد، ما أدى إلى تفشي البطالة في صفوف العمال السوريين المياومين، الملقى على عاتقهم أعباء مالية كبيرة، في مقدمتها بدلات إيجار المنازل، فضلاً عن المصاريف الأخرى.