عودة نشاط مهربي البشر في ليبيا

01 اغسطس 2021
مهاجرون أفارقة وصلوا إلى العاصمة الليبية طرابلس (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يزداد نشاط مهربي البشر، بحسب مسؤولين حكوميين، على الرغم من الجهود الحكومية الكبيرة لملاحقتهم على الطرقات والمسارب الصحراوية، وتكثيف الرقابة عند نقاط التهريب على الساحل الشمالي للبلاد. ويقول الضابط في جهاز مكافحة الهجرة السرية رمضان الشيباني، إن "النشاط المتزايد للمهربين يرتبط بحصولهم على دعم المليشيات المسلحة التي كانت تبحث عن مصادر جديدة للتمويل بعدما كانت تقتات على أموال الحرب التي يدفعها لهم أطراف الصراع المسلح.
ويوضح الشيباني، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن قرار وقف إطلاق النار انعكس سلباً على ملف الهجرة السرية في ظل عدم تطبيقه كاملاً ليشمل المجموعات المسلحة والمليشيات، الأمر الذي جعل مجموعات من الأخيرة تتحالف مع مهربي البشر، وتسهل لهم عمليات التهريب لتشاركهم أرباح هذه التجارة.
والأسبوع الماضي، أعلن خفر السواحل الليبي اعتراضه أكثر من 500 مهاجر سري في عرض البحر عند شواطئ في مناطق مختلفة (غرب البلاد)، كانوا على متن قوارب عدة. وبحسب منظمة الهجرة الدولية، فقد زاد عدد القتلى بسبب غرق قواربهم في الآونة الأخيرة. ففي وقت لقي ما لا يقل عن العشرين مهاجراً، بينهم نساء وأطفال، حتفهم قبيل عملية الاعتراض التي نفذها خفر السواحل الليبي، أكدت غرق 57 مهاجراً آخرين قبالة ساحل مدينة الخمس، غرب البلاد، يوم الخميس الماضي. وأوضحت المنظمة أن الناجين من حادث الغرق أبلغوا بوجود أكثر من عشرين طفلاً وامرأة بين الغرقى، مشيرة إلى أن عمليات البحث عن ناجين من قبل منظمات الإغاثة الدولية لا تزال قائمة.

وتشير إحصائيات البحرية الليبية إلى اعتراض خفر السواحل الليبي أكثر من 15 ألف مهاجر العام الجاري وذلك حتى نهاية يونيو/ حزيران الماضي، في مقابل 12 ألف في الفترة نفسها من العام الماضي، فيما قالت منظمة الهجرة الدولية إن عدد الغرقي في عرض البحر خلال العام الجاري زاد عن 250 مهاجراً، وبلع عدد المفقودين أكثر من 500 مهاجر.
وفي ظل الانتقادات الكبيرة التي وجهتها منظمات دولية للجهود الليبية لمكافحة تهريب البشر، تشير السلطات إلى أن أراضيها نقطة عبور، وتطالب بضرورة معالجة ملف الهجرة من الدول المصدرة للمهاجرين.
ومطلع مايو/ أيار الماضي، كانت وزيرة الخارجية في الحكومة، نجلاء المنقوش، قد أعلنت أثناء زيارتها للجنوب الليبي الذي يعد من أكبر بؤر تهريب البشر، أن "الليبيين لن يعملوا كحرس لحدود أوروبا، ولا يمكن أن تكون ليبيا معبراً للمعاناة والاضطهاد ضد إخواننا الأفارقة"، قبل أن تعلن منتصف الشهر نفسه عن اتفاق حكومتها مع إيطاليا ومالطا وممثل للاتحاد الأوروبي على "حماية الحدود الجنوبية" لبلادها. 
وإثر الإعلان عن الاتفاق، نشط جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الحكومي في ملاحقة المهربين، وأعلن اللواء 444 التابع لرئاسة أركان الحكومة عن تحرير أكثر من 110 مهاجرين غير شرعيين من جنسيات أفريقية مختلفة واقتحام 16 مقراً لعصابات تهريب البشر. وفي عملية أخرى، اقتحمت ستة مقرات أخرى لمهربي البشر في المنطقة نفسها.
وتعد منطقة بني وليد الواقعة إلى الجنوب الشرقي من طرابلس بنحو 190 كيلومتراً، من أهم مراكز التهريب حيث تتواجد فيها عشرات المخازن التي يتم احتجاز المهاجرين القادمين من الجنوب بداخلها. وزار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، برفقة عدد من وزراء حكومته، المدينة للوقوف على احتياجاتها سيما في الجانب الأمني.

الصورة
المهربون راكموا خبرات لتجاوز الملاحقات الأمنية (الأناضول)
المهربون راكموا خبرات لتجاوز الملاحقات الأمنية (الأناضول)

إلا أن الشيباني يشير إلى أن تأخر إنجاز الخطط الأمنية في الجنوب ودعم الدوريات الصحراوية التابعة لجهاز مكافحة الهجرة، شجع المهربين على النشاط مجدداً، مؤكداً أن عدم احتكار السلاح وبقاءه في أيدي المليشيات شكل عامل حماية للمهربين من الملاحقات الحكومية.
من جهته، يؤكد الناشط محيي الدين عرعارة، قبض مجموعات مسلحة عمليات على مهاجرين أفارقة في مدن عدة، أبرزها مدينة الزاوية غرب طرابلس، بهدف ابتزازهم مالياً أو تسليمهم للمهربين. وبحسب متابعته لملف الهجرة السرية في البلاد، يؤكد لـ "العربي الجديد" أن المهربين راكموا خبرات لتجاوز الملاحقات الأمنية، وأصبحت لديهم القدرة على تغيير مواقع إطلاق قوارب الهجرة على امتداد الشاطئ.
يتابع عرعارة أن المجموعات المسلحة التي ما زالت ترفض الانخراط في أجهزة الدولة تتحالف مع المهربين، وتوفر لهم تأميناً على طول الطرقات الصحراوية الرابطة بين الجنوب وأقصى الشمال.

وفي مطلع الشهر الماضي، أعلنت بلدية زوارة الحدودية مع تونس، إحدى أنشط مناطق تهريب البشر عبر البحر، إطلاق حملة أمنية واسعة للقبض على الأجانب غير النظاميين. وعللت البلدية، في بيان لها، قرارها بتزايد أعداد الأفارقة والمهاجرين من جنسيات أخرى، وخصوصاً في المدينة القديمة، وتزايد أعداد الجثث التي يبلغ الأهالي عن العثور عليها على شاطئ المدينة.

المساهمون