بعدما ضاق بهم الحال في الفنادق، اختار بعض أهالي قرية عرب العرامشة في الداخل الفلسطيني، قرب الحدود اللبنانية، العودة إلى بيوتهم رغم استمرار الاشتباكات.
يعيش أهالي قرية عرب العرامشة في الداخل الفلسطيني حالة من الترقب والقلق منذ اندلاع الاشتباكات على الجبهة الشمالية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وتبعد قرية عرب العرامشة بضع مئات من الأمتار عن حدود لبنان، ويقطنها حوالي 1700 نسمة. والقرية بدوية، أصول أهلها من العراق ولبنان وسورية. وقبالة عرب العرامشة، أي خلف الجدار الحدودي مباشرة، تقع قرية الظهيرة اللبنانية، التي غادرها سكّانها بسبب الاشتباكات.
خلال الأسبوعين الأخيرين، عاد جزء من عائلات عرب العرامشة إلى قريتهم، بعدما كانوا قد أخلوها في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ونزحوا إلى فنادق في الناصرة. ومع استمرار الحرب إلى أكثر من مائة يوم، ضاقت الحياة على جزء من العائلات في الفنادق فعادوا إلى بيوتهم في عرب العرامشة على الرغم من استمرار الاشتباكات على الجبهة الشمالية.
ويقول رئيس لجنة عرب العرامشة صايل سعد: "نسمع صافرات الإنذار يومياً. أحياناً، نسمعها عشر مرات في اليوم أو أقل بحسب حدة الاشتباكات، وإذ ما كان هناك حدث أمني. لكننا نسمع صوت القصف والقذائف بشكل واضح يومياً". يضيف: "بقيت في القرية ولم أخرج من بيتي، فالإخلاء اختياري. بقي في البلدة 250 شخصاً من أصل 1700. الغالبية الساحقة غادرت، وخصوصاً تلك التي لديها أبناء طلاب. كما أن هناك أناساً يعملون خارج البلدة. أغلقت المدارس بشكل تام، وخشيت العائلات أن يخسر أبناؤها سنتهم الدراسية، فنقلتهم إلى مدارس أخرى في بلدات قريبة من الناصرة".
وعن عودة جزء من أهالي عرب العرامشة إلى القرية أخيراً، يقول: "عاد جزء منهم إلى القرية رغم استمرار الاشتباكات خلال الأسبوعين الأخيرين. العيش في الفنادق لمدة ثلاثة أشهر أمر صعب للغاية. الفندق هو سجن من ذهب. يعمل البعض في المنطقة ويملكون أراضي، فاختاروا العودة"، ويوضح أن الإخلاء ليس إجبارياً بل طوعياً، "إلا أن الدولة تتولى تغطية النفقات للراغبين بالإخلاء"، ويشير إلى أنه حتى اللحظة، لم يسقط ضحايا في القرية. وعن صعوبات البقاء والصمود في عرب العرامشة في ظل الحرب، يقول: "اخترت البقاء في القرية علماً أن الأهالي يشعرون بالقلق والخوف ويعانون من الاكتئاب. يعيشون كل لحظة وكل يوم بيومه، ولا يعرفون ماذا سيحدث يوم غد. ويخشون التصعيد والحرب مع حزب الله".
يضيف: "في بداية الحرب، كان الوضع صعباً وكانوا يوزعون علينا أغذية ووجبات ساخنة. لكن مع استمرار الحرب، تأقلم الناس وأصبحوا يطهون، وعاد البعض إلى أعمالهم"، يتابع أن الناس "يخرجون ويتجولون في البلدة. لكن عند سماع صفارات الإنذار، يدخل الجميع إلى الغرف الآمنة"، موضحاً أن "في البيوت غرفاً آمنة، وهناك ملاجئ عامة أيضاً"، ويقول إن "الحياة في ظل الحرب غير طبيعية بتاتاً، لكنني غير مستعد للخروج من البلدة رغم الصعوبات. أحياناً، أنتظر ساعتين وثلاث عند الحواجز العسكرية كي أتمكن من الدخول إلى القرية. أما أبنائي، فيتوجهون إلى المدرسة في قرية البعنة عند دار حماي حتى لا يخسروا عامهم الدراسي".
ويوضح أن عائلات كثيرة من عرب العرامشة لديها أقارب في قرية الظهيرة، وقد أخلوا بيوتهم ونزحوا منها، ويقول إنه يعمل في مكتب سياحي في المنطقة، علماً أن القطاع السياحي تضرر كلياً في الوقت الحالي. ويذكر أنه خلال حرب تموز/ يوليو عام 2006، سقط في القرية 3 أشخاص قتلى، علماً أن غالبية الناس أخلوا القرية. وفي حال التصعيد، "سيكون هناك إخلاء شبه كامل للقرية، لأن الناس ما زالوا يتذكرون ما حدث عام 2006 وسقوط ضحايا. نتابع الأخبار بقلق ونخشى التصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان. ما زلت أذكر صوت المدافع والدبابات خلال حرب 2006".
من جهته، يقول مدير المجتمع ورئيس فريق الطوارئ أديب مزعل: "أتنقل بين عرب العرامشة ومدينة الناصرة حيث أقيم في فندق. حصلنا على تمديد حتى 29 فبراير/ شباط المقبل في الفندق على نفقة الدولة، لكن يبدو أن الأمر سيطول"، ويوضح أن
"وزارة السياحة نشرت إعلانات تناشد الناس الذين أخلوا بيوتهم الانتقال من الفنادق إلى بيوت بالإيجار لتوفير المصاريف على الدولة. من الأفضل للوزارة أن تدفع 4 آلاف شيكل كل ثلاثة أسابيع بدلاً من 30 إلى 35 ألف شيكل". كما يتحدث عن صعوبات وتحديات كثيرة، منها البطالة التي يعيشها أصحاب الأعمال الحرة، "الذين لم يحصلوا على أي تعويض حتى اليوم. ومن كان يعمل في الزراعة وتربية المواشي بات عاطلاً من العمل. أحد الأصدقاء كانت لديه مزرعة مواشي فيها 70 بقرة، إلا أن الاشتباكات أدت إلى خسارتها". يضيف: "في الفترة الأخيرة عاد كثيرون إلى القرية، الأمر الذي يعرض أبناءهم للخطر. نحاول أن نشرح لهم أن الأمر خطير لأنهم يعرضون أبناءهم لصعوبات كثيرة. أحياناً يتم إغلاق الشارع الرئيسي في حال حصول أي حدث أمني لعدة ساعات، وينقطع التيار الكهربائي من وقت إلى آخر".