عندما تبعث أمّنا الأرض رسالة لنا.. فلنتحرّك

22 ابريل 2023
(Getty)
+ الخط -

تُخصّص الأمم المتحدة، على روزنامتها الخاصة بالأيام العالمية، مناسبات عدّة مرتبطة بالبيئة وقضاياها، لا سيّما المناخ. يأتي ذلك بالتزامن مع عقد مؤتمرات وقمم عالمية وإقليمية ومحلية تتمحور حول تغيّر المناخ خصوصاً وعناوين أخرى إمّا تساهم فيه وإمّا تنجم عنه.

ومن بين تلك المناسبات، يأتي اليوم العالمي لأمّنا الأرض، هذه "الأمّ" التي نُمعن نحن البشر في إلحاق الضرر بها على مختلف الصعد وفي انتهاك مواردها وخيراتها، فنبدو بذلك جاحدين لا نقدّر الحياة التي منحتها لنا كما منحتها للكائنات الأخرى التي تعيش على برّها وفي بحرها وجوّها.

لكنّ ثمّة من يعي جيّداً ما تعاني منه الأرض وما نرتكبه في حقّها والندوب التي نخلّفها في "جسدها"، فيعمد ناشطون من كلّ بقاعها إلى الدفاع عنها بطرق مختلفة قد تكون سلميّة فيما أخرى "عنفيّة". يُذكر أنّ التحرّكات الأخيرة التي يُبالَغ في وصفها "عنيفة"، في معظم الأحيان، تأتي بها مجوعات راديكالية "تبنّت القضية" أو ندرت نفسها لحماية أمّنا الأرض من "الأشرار".

وفي يوم أمّنا الأرض الذي يحلّ في 22 إبريل/ نيسان من كلّ عام، يشير القائمون على هذه المناسبة إلى أنّ أمّنا تلك تبعث إلينا "دعوة عاجلة" إلى التحرّك والعمل. ويشرحون أنّ الطبيعة تعاني، فالبلاستيك يملأ المحيطات التي يزيد معدّل حمضيتها، فيما درجات الحرارة ترتفع بطريقة مفرطة، إلى جانب حرائق الغابات والفيضانات التي تكثر، يُضاف إلى ذلك كلّه موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي الذي حطّم الرقم القياسي وألحق أضراراً بملايين الأفراد. ويتابع هؤلاء أنّه حتى يومنا هذا، ما زالت المحاولات مستمرّة للتعافي من أزمة كورونا الوبائية التي ترتبط بصحة نظامنا البيئي.

ويفيد المعنيون بإمكانية أن يؤدّي تغيّر المناخ إلى تسريع وتيرة تدمير كوكب الأرض، كذلك تفعل التغييرات التي يتسبّب فيها الإنسان في الطبيعة، والجرائم التي تعطّل التنوّع الحيوي من قبيل إزالة الغابات وتغيّر استخدام الأراضي والزراعة المكثّفة والإنتاج الحيواني أو التجارة المتزايدة والمُجرّمة بالأحياء البرية.

وبحسب بيانات أخيرة، فإنّ العالم يفقد 4.7 ملايين هكتار (أكبر من مساحة الدنمارك) من الغابات سنوياً، في حين يُقدَّر عدد الأنواع الحيوانية والنباتية المهدّدة بالانقراض حالياً بمليون نوع. كذلك يحمينا النظام الإيكولوجي السليم من الأمراض، لا سيّما الوبائية منها من قبيل كوفيد-19، إذ يمنع التنوّع الحيوي مسبّبات الأمراض من الانتشار السريع.

ويحتفل العالم باليوم العالمي لأمّنا الأرض، للعام الثاني على التوالي، من ضمن عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي، علماً أنّ الجمعية العامة للمنظمة كانت قد أقرّت في عام 2009 يوم 22 إبريل من كلّ عام مناسبة عالمية للاحتفاء بأمّنا الأرض، وقد انضمّت بذلك إلى مجموعات مدنية كانت قد احتفلت بيوم الأرض في وقت سابق.

وتؤكد المنظمة الأممية أنّ النظم البيئية تدعم كلّ أشكال الحياة على الأرض، وكلّما كانت نظمنا البيئية أكثر صحة كان الكوكب ومن عليه أكثر صحة. تضيف أنّ استعادة أنظمتنا البيئية المتضرّرة سوف تساعد في القضاء على الفقر ومكافحة تغيّر المناخ ومنع الانقراض الجماعي، لكنّها تشدّد على أنّ ذلك لن ينجح "إلا إذا اضطلع كلّ فرد بدوره".

ويدعو القائمون على هذا اليوم، في هذه المناسبة، إلى الانضمام إلى "الحركة العالمية لاستعادة عالمنا"، مشيرين إلى ضرورة أن "نذكّر أنفسنا بأنّنا في حاجة إلى التحوّل إلى اقتصاد أكثر استدامة يعمل لمصلحة الناس والكوكب.. فلنعزّز الانسجام مع الطبيعة والأرض".

وفي إطار الدعوة إلى "التحرّك الآن"، يُحكى عن خيارات توصَف بأنّها متعدّدة ومجدية وفعّالة من أجل تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو غازات الدفيئة والتكيّف مع تغيّر المناخ الذي يسببه الإنسان.

وبحسب التسلسل الزمني ذي الصلة المدوَّن، تعود بداية الوعي بقضية أمّنا الأرض إلى عام 1970، حين قامت احتجاجات في الولايات المتحدة الأميركية ضدّ تلوّث الهواء بسبب كميات الغاز المحتوي على رصاص والمنبعث من السيارات الضخمة وغير الفعّالة والصناعات غير المسؤولة، إذ لم تكن حماية البيئة من أولويات جدول الأعمال السياسية.

وبعد ذلك بعامَين، مثّل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية لعام 1972 في العاصمة السويدية استوكهولم بداية الوعي العالمي لإذكاء الوعي العالمي بالترابط ما بين البشر والأنواع الحيّة الأخرى وكوكبنا، بالإضافة إلى إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة في كينيا عقب مؤتمر استوكهولهم، وذلك قبل إطلاق يوم البيئة العالمي في الخامس من يونيو/ حزيران من عام 1973.

لكنّ الوعي بالبيئة وانتشار الحركة ذات الصلة عالمياً راح ينتشر خصوصاً في تسعينيات القرن الماضي، بانضمام أكثر من 140 دولة إلى المبادرة الأممية من خلال منصات بيئية مختلفة. وبعد ذلك، شهدت الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة نموّاً هائلاً وصولاً إلى يومنا هذا.

المساهمون