أبو خضير يروي لـ"العربي الجديد" كيف منع شباب القدس الاحتلال من إسقاط تابوت أبو عاقلة

17 مايو 2022
حُمل نعش أبو عاقلة على أكتاف الشباب المقدسيين وسواعدهم (حازم بادر/فرانس برس)
+ الخط -

لم تمض سوى أيام على استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة حتى داهم جنود الاحتلال الإسرائيلي، كما كان متوقعاً، منزل المقدسي عمرو أبو خضير في بلدة شعفاط شمال القدس عند الساعة الثانية والنصف من فجر اليوم الثلاثاء، واعتقلوه واقتادوه إلى غرف التحقيق في سجن المسكوبية سيئ السمعة، بتهمة غريبة هي المشاركة في تشييع جثمان الشهيدة أبو عاقلة.

"حارس التابوت"

لقد بات عمرو أبو خضير، بعد ظهوره في مقاطع فيديو وهو يحمي تابوت الشهيدة شيرين أبو عاقلة من السقوط في موكب تشييع جثمانها، على إثر اعتداء جنود الاحتلال على حامليه، أشهر من نار على علم، وبات يلقب لدى كثيرين بـ"حارس التابوت وحاميه"، وهو من رفع شعار "إلا التابوت".

"العربي الجديد" التقى عمرو أول أمس الأحد، قبل أن يتم اعتقاله، ليحدثه عن تلك اللحظات الحاسمة وهو يحمل نعش الشهيدة أبو عاقلة ليمنع سقوطه، رغم ما تعرض له من ضرب بالهراوات، فلم يجد إلا ذراعيه ليحميه.

وما زالت تفاصيل يوم تشييع أبو عاقلة، الذي حُملت فيه على أكتاف الشباب المقدسيين وسواعدهم، حاضرة في أذهان من كان له شرف أن يمنع التابوت من السقوط، وأن يحفظ "كرامة" الشهيدة.

كان عمرو أبو خضير الشاب المقدسي من الشباب الذين حملوا النعش وواجهوا عنف الاحتلال ووحشية جنوده.

كانوا يريدوننا أن نسقط ويسقط معنا نعش الشهيدة، لكننا كنا صفاً مرصوصاً وكانت صرختنا جميعا (إلا التابوت، إلا التابوت)

يقول عمرو، في حديثه لـ"العربي الجديد: "لقد أصرّ شباب القدس أن يحملوا نعش شيرين على أكتافهم، لينطلقوا به نحو البلدة القديمة من القدس، ومن هناك إلى المثوى الأخير للشهيدة.. لقد حملناه على أكتافنا، وما إن سرنا به مسافة عشرين متراً داخل باحات المستشفى الفرنسي في حي الشيخ جراح، بعد أن صلينا على روح الشهيدة صلاة الغائب، واتبعنا إخواننا المسيحيين بصلاتهم على روحها، حتى داهمتنا القوات الخاصة وضباط شرطة الاحتلال وانهالوا على سيقاننا وأرجلنا بهراواتهم".

"إلا التابوت"

ويتابع عمرو: "كانوا يريدوننا أن نسقط ويسقط معنا نعش الشهيدة، لكننا كنا صفاً مرصوصاً، وكانت صرختنا جميعا (إلا التابوت، إلا التابوت)، و(يا شباب احموا روسكم من الضرب، إلا التابوت)، لقد تحمل الشباب الضرب العنيف، وبتيسير من الرحمان صمدنا وبقينا واقفين تتناول أكفنا النعش، ومن بيننا كان أحد الشبان الذين ناله من الضرب الكثير، ورغم ذلك نهض بعزيمة وقوة ومنع التابوت أن يسقط بعد أن كاد يلامس الأرض".

يستذكر عمرو أبو خضير تلك اللحظات قائلاً: "رسالتنا كانت ولا تزال وستبقى ولن تتغير، نحن أصحاب الحق والأرض والكلمة، والقرار لنا، ولن نسير وفق برنامج وضعه الاحتلال ليقول لنا كيف نشيع شهداءنا، أو كيف نستقبل أسرانا، ويحدد لنا كم من شخص يشيع النعش، أو الطريق الذي يجب أن نسير فيها لنصل إلى المقبرة".

"لو سقط النعش لتحكموا بنا وبمسار النعش، وسيزيدون حزننا على الشهيدة غما وإحباطا لمعنوياتنا، وبحفاظنا عليه مرفوعا نحافظ على كرامة الشهيد ومكانته، فلم يكن هناك مجال لأن نفرط أو نتهاون بمثل هذه المواقف، لا أحد تهون عليه كرامته وشرفه"، يقول عمرو أبو خضير.

ويؤكد أبو خضير أنه مهما تحدث عن تصرفات قوات الاحتلال، فإنه سوف يكون مقصرا، متسائلاً: "كيف سأصفهم وهم يعتدون على جثمان شهيد، لا توجد كلمات تعبر عن وحشيتهم، مهما وصفت، ولن أصف واحدا بالمائة من همجيتهم".

ويتابع: "الحمد لله وصول النعش بالطريقة المهيبة لمثواه الأخير، وحسبما أراد شباب القدس، كان انتصاراً، ستتذكره الأجيال من بعدنا". لكن حارس التابوت اليوم لا يزال بمواجهة سجانيه.

يذكر أنّ الصحافية شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة الجزيرة الفضائية، استشهدت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيتها عدوان الاحتلال على مخيم جنين شمال الضفة الغربية في الحادي عشر من الشهر الجاري، فيما شهد موكب تشييعها في كل مكان يصل إليه مشاركة شعبية ورسمية لافتة، إلى أن وصل الجثمان إلى القدس وقمعت قوات الاحتلال المشيعين واعتدت عليهم، ثم ووري جثمانها الثرى في القدس، وبعد ذلك شهد عزاؤها إقبالاً كبيرا من قبل الفلسطينيين.

المساهمون