علماء يختارون التحرك الميداني لإحداث تغيير "جذري" من أجل المناخ

30 أكتوبر 2022
من تحرّكات علماء مجموعة "ساينتست ريبيليون" في ألمانيا دفاعاً عن المناخ (فيسبوك)
+ الخط -

لم يعد علماء كثر يكتفون بأدوارهم في المختبرات، بل باتوا مقتنعين بضرورة أن يتحوّلوا كذلك إلى ناشطين بيئيين ميدانيين في وجه تغيّر المناخ، وهي حال نحو ألف منهم من مختلف الجنسيات اتّخذوا اسم "ساينتيست ريبيليون" (تمرّد العلماء)، وراحوا ينفّذون تحرّكات على الأرض.

العالمة الفرنسية لوران غاتو، البالغة من العمر 34 عاماً، والمتخصصة في البيئة الاستوائية، من بين هؤلاء العلماء، إذ توصّلت إلى قناعة مفادها أنّ حالة الطوارئ المناخية تتطلب التزاماً جذرياً أكبر لا يتحقّق من خلال ملازمة مختبرها. بالتالي، توجّهت إلى مدينة ميونخ في جنوب ألمانيا قبل أيام لملاقاة ناشطين آخرين من أعضاء مجموعة "ساينتيست ريبيليون".

واختار هؤلاء نقطة التجمّع بعناية بين صالات العرض الجذابة لماركتَي السيارات "مرسيدس-بينز" و"كوبرا" في ثاني أكبر مدينة ألمانية. وببزّاتهم البيضاء، اندفع نحو 15 من العلماء الآتين من الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا وإسبانيا في الشارع، بمجرّد تحوّل إشارة المشاة الضوئية إلى اللون الأخضر، قبل وضع الغراء على أيديهم وإلصاقها بالأرض لمنع حركة المرور على مدى ساعات في أحد أكثر الشوارع ازدحاماً.

"استمعوا إلى العلم"

وتُعَدّ هذه الخطوة غير مسبوقة للعالمة الفرنسية، فتقول غاتو ملصقة إحدى يديها بالأرض فيما تحمل في الثانية لافتة كُتب عليها: "لم أكن أرغب في أن أكون هنا، أخشى العواقب (...) لكنّنا يائسون". يُذكر أنّ غاتو تركت قبل عام وظيفتها لتكرّس نفسها لمكافحة الاحترار المناخي. وتوضح "تحوّلت مهمتي إلى عدّ الأشجار الميتة، فيما كنت أحصي حالات الجفاف والفيضانات. لا أريد أن أفعل ذلك!".

تضيف الناشطة الثلاثينية: "كناشطين بيئيين، لم يعد أمامنا سوى إحصاء ما هو ميت أو هكتارات الأراضي المحترقة. هذا غير ممكن، يجب أن نوقف ذلك قبل أن ينهار كوكبنا بأكمله". وعلى مرأى من عشرات عناصر الشرطة، يرفع العلماء بشجاعة شعارات مختارة بعناية، من بينها "لا يمكنكم التفاوض مع الفيزياء!" و"استمعوا إلى العلم".

وكانت مجموعة "ساينتيست ريبيليون" قد أُسّست في عام 2020 على يد اثنَين من طلاب الدكتوراه في الفيزياء من كلية "سانت أندروز" في اسكتلندا، وذلك على شاكلة الناشطين "إكستنكشن ريبيليون" الذين يثيرون ضجة منذ سنوات بفعل تحرّكاتهم للعصيان المدني.

في ألمانيا، ازدادت عمليات قطع الطرقات والاعتصامات في الشوارع في العام الماضي، وتسارعت الوتيرة أكثر مع اقتراب مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) الذي يُعقَد في مدينة شرم الشيخ المصرية، ما بين السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل و18 منه.

فمنذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، نفّذ العلماء تحرّكات عدّة، من بينها تنظيمهم تظاهرة أمام وزارة المالية في برلين، واقتحامهم فترة وجيزة بهو شركة إدارة الأصول "بلاك روك" في ميونخ، وتمضيتهم نحو 48 ساعة ملتصقين بالمركبات في صالة عرض تابعة لمصنع سيارات "بورشه" في فولفسبورغ، مهد مجموعة "فولكس فاغن".

ويوم الأحد الماضي، رشّ ناشطان من مجموعة أخرى تطلق على نفسها اسم "لاست جينيريشن" (الجيل الأخير) البطاطا المهروسة على زجاج حماية لوحة للرسام كلود مونيه في متحف على مقربة من برلين.

إجازات للكفاح

واضعاً حقيبة ظهر بجانبه، يسمح سيلفان كوبيل البالغ من العمر 36 عاماً لاثنَين من ضباط الشرطة بسكب الماء والصابون على يده لإزالة الغراء عنها. هذا المتخصص الفرنسي في الدورة المائية حصل على إجازة لأيام عدّة من معهد الأبحاث، حيث يعمل للمشاركة في أنشطة احتجاجية في ألمانيا.

وفي مواجهة حالة الطوارئ المناخية، يقول كوبيل: "أنا خائف ممّا سوف يحدث لنا أكثر بكثير" من المخاوف من عواقب هذه الأعمال. يضيف وهو على وشك البكاء: "كإنسان، لا يمكنني إلا أن أشعر بالرعب".

على الرصيف، يجلس ألكسندر غريفيل البالغ من العمر 34 عاماً، مراقباً المشهد. فقد علّق عالم الكيمياء الحيوية الألماني مسيرته الأكاديمية، وشارك في ذلك اليوم في تنظيم عملية قطع الطريق. يقول إنّ "تأسيس حزب سياسي جديد يستغرق وقتاً طويلاً، والعصيان المدني هو أفضل طريقة لإسماع صوتنا"، مستفيداً من تجربته كمرشح في الانتخابات الإقليمية الأخيرة بألمانيا. يضيف: "لم يتبقّ لدينا كثير من الوقت".

(فرانس برس)

المساهمون