"عطلة الأبوة" في المغرب: حق مع وقف التنفيذ

16 مارس 2023
القانون المغربي يمنح الرجال الموظفين عطلة أبوّة (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر أحمد المرجاني، أستاذ التعليم الابتدائي في المغرب، منذ ما يربو عن الشهر، أن تثمر مساعيه موافقة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة تافيلالت، على "رخصة الأبوة" حتى يتمكن من مرافقة زوجته بعد ولادة ابنه البكر. لكن يبدو، أن انتظاره سيطول في ظل التزام مصالح الأكاديمية الصمت إلى حد الساعة بخصوص طلبه، كما يقول لـ"العربي الجديد".

وعن تجربته، يروي المرجاني: "استبشرنا خيراً بعد إقرار رخصة الأبوة، وكنت أعتقد أن ذلك سيزيح عن كاهلي هماً كبيراً وسيسمح لي بالتفرغ للأسرة وللوقوف بجانب زوجتي ومد يد العون لها في فترة حساسة من حياتنا الزوجية، إلا أنني لم أحصل على رد على طلبي".

ويوضح أنه "رغم اتباعي لكل الحيثيات التي تفرضها مسطرة الحصول على رخصة الأبوة إلا أن لا شيء تحقق منذ أكثر من شهر عن ولادة ابني، إذ أواجه من قبل مسؤولي الموارد البشرية بالأكاديمية بأنه لم يتم بعد تفعيل هذا الحق".

حالة المرجاني واحدة من بين مئات الحالات التي دفعت المستشار  البرلماني عن مجموعة "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب" (اتحاد عمالي) خالد السطي، إلى مساءلة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، أخيراً، من خلال توجيه سؤال كتابي، بشأن الإجراءات والتدابير التي يعتزم اتخاذها من أجل ضمان استفادة الموظف الرجل الذي ولد له طفل من "رخصة الأبوة"، التي كانت قد دخلت حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد إقرارها بالإجماع من قبل البرلمان المغربي، وبموجبها يمنح الموظف أو المستخدم في القطاع العام 15 يوماً إجازة مدفوعة الأجر.

يقول المستشار البرلماني، لـ"العربي الجديد"، إن المصالح الخارجية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تمتنع عن منح الموظفين هذه الرخصة بداعي عدم وجود السند القانوني الذي يخولها ذلك.

ويلفت السطي إلى أن "تفعيل منح الموظفين رخصة الأبوة لا يتطلب اعتمادات مالية قد تعيق تنفيذه، وإنما فقط تسريع إجراءات إدارية وهو ما تحقق في عدد من الوزارات خلافاً لما عليه الأمر في الوزارة الوصية على قطاع التعليم".

كما يعرب عن استغرابه من أن "بعض القوانين تجد طريقها للتنفيذ بشكل سريع، في حين يلاحظ أن تنفيذ قانون رخصة الأبوة الذي مر في البرلمان بإجماع جميع مكوناته، وكان موضوع اتفاق في الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات، يواجه تطبيقه صعوبات تؤخر استفادة الأساتذة منه بدعوى عدم وجود سند قانوني".

وفي وقت يقر فيه وزير التربية الوطنية المغربي، في رده على سؤال المستشار البرلماني، بتأخر الاستفادة من رخصة الأبوة، يلفت إلى أنه "حتى يتسنى للوزارة تنزيل هذا المقتضى الجديد لفائدة موظفيها، تم الشروع في ترتيب التدابير والإجراءات التي تسمح بتنفيذه في إطار ثقافة اللاتركيز المعتمدة من طرف الوزارة".

ويوضح المسؤول الحكومي، في الرد أنه "حيث تم تتميم القرار رقم 460.18 الصادر في 12 فبراير/شباط 2018، بتفويض بعض الاختصاصات للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذي نصت مادته الأولى على جملة من الاختصاصات ذات الصلة بمجال الموارد البشرية من بينها الرخصة الممنوحة عن الأبوة والرخصة الممنوحة عن الكفالة"، مؤكداً أنه سيتم العمل بالقرار المذكور، حال استكمال المساطر المرتبطة بنشره في الجريدة الرسمية.

وكان مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) قد صدق في 25 يوليو /تموز الماضي، بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بتعديل "النظام الأساسي للوظيفة العمومية" (قانون ينظّم أوضاع الموظفين الحكوميين)، بهدف السماح للموظفين الرجال بالحصول على إجازة أبوّة حينما تُرزَق الأسرة مولوداً جديداً.

وهذا الإجراء بصيغته هذه هو الأوّل من نوعه في المغرب والعالم العربي، ويأتي تنفيذاً لاتفاق إبريل/ نيسان الماضي ما بين حكومة عزيز أخنوش والنقابات (الاتحادات العمالية) المغربية، الذي تضمّن التزاماً حكومياً بمنح الرجال الموظفين عطلة أبوّة مدّتها 15 يوماً.

ويهدف القانون إلى تمكين "الموظف الرجل من المشاركة في الحياة الأسرية وتأمين الرعاية اللازمة للأمّ وللمولود الجديد أو للطفل المتكفَّل به، ولا سيّما خلال الأيام الأولى من عمره".

ويستفيد "الموظف المعنيّ من هذه الرخصة بناءً على طلبه وخلال الفترة الممتدة من تاريخ ولادة الطفل أو إسناد الكفالة إلى أن يبلغ المولود أو المتكفّل به سنّ 14 أسبوعاً"، بحسب القانون.

وكان الاتفاق الاجتماعي بين الحكومة والاتحادات العمالية قد رأى أنّ هذه الخطوة "تندرج في إطار الانسجام مع مبدأ التوفيق ما بين الحياة المهنية والحياة الخاصة، والإقرار بالمسؤولية المشتركة التي تقوم عليها الأسرة المغربية في القانون الوطني، وكذلك تطبيق الاتفاقية الدولية رقم 183 بشأن مراجعة اتفاقية حماية الأمومة المصدّق عليها من قبل المغرب في 13 إبريل من عام 2011".

ويبقى أنّ من بين أبرز غايات اعتماد هذا الإجراء، بحسب الاتفاق الثلاثي، دعم آليات التوفيق ما بين الحياة المهنية والحياة الخاصة للموظفين، وخصوصاً النساء، من خلال تقاسم المسؤولية الأسرية وتخفيف العبء عنهنّ.

المساهمون