كشفت السلطات الأمنية العراقية، عن عصابات تُتاجر بالأطفال، لاستخدامهم في عمليات التسوّل، في ظل تأكيدات حكومية على إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة هذه الظاهرة التي تفشّت في المجتمع، وسط دعوات متواصلة لإيجاد حلول ومعالجات لها.
وتسببت الظروف التي يمرّ بها العراق منذ سنوات، من حروب وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية، وما أفرزته من عمليات تهجير طاولت العديد من المحافظات، بتفشي ظاهرة التسول، بين فئتي الشباب والأطفال من كلا الجنسين، وقد تم استغلال هؤلاء من قبل عصابات مختصة.
تفشي ظاهرة التسول، بين فئتي الشباب والأطفال من كلا الجنسين، وقد تم استغلال هؤلاء من قبل عصابات مختصة.
ووفقا لمدير عام الشرطة المجتمعية بوزارة الداخلية العراقية ببغداد، العميد غالب العطية، فإنّ "المديرية سجّلت حالات لعصابات تقوم بتأجير الأطفال في عمليات التسول، وهذه تعدّ جريمة منظمة"، مبينا في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "هذه العصابات تعاقب وفق القانون، بتهمة الاتجار بالبشر".
وأضاف أن "القانون ساعد القوات الأمنية في مواجهة هذه الحالة، والسجون اليوم امتلأت بتلك العصابات"، مؤكدا أن "العمل على هذا الملف مستمر من قبل الشرطة المجتمعية وبعض المؤسسات الأمنية".
وأشار إلى أن "مداخل ومخارج العاصمة بغداد، هي من أكثر الأماكن التي رُصد فيها نشاط هذه العصابات، فضلا عن مناطق المزارات الدينية في محافظتي النجف وكربلاء".
من جهته، أكد مدير قسم مكافحة التسول والتشرد، في وزارة الداخلية، هيثم عادل، أنه "عند القبض على تجار الأطفال، يعرض الطفل أمام القاضي ويتم البت في موضوع نقله إلى دور الإيواء، كما تتم محاسبة من يتاجر به، وفق الضوابط والتعليمات، والقوانين والمواد المنصوص عليها بقانون الاتجار بالبشر أو قانون العقوبات"، مشيرا في تصريح صحافي، إلى أن "قسم مكافحة التسول يعمل على وضع آلية عمل لمكافحة التسول، وتسليمها إلى اللجان المسؤولة في المحافظات للعمل بها".
وأوضح أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وجّه أخيرا بإعداد السياسة الوطنية لمكافحة التسول، ويتم حاليا العمل على ذلك".
ويحذر مختصون من تنامي ظاهرة الاتجار بالأطفال، وزجّهم في عمليات التسول، وأثر ذلك على المجتمع.
وقال الناشط في مجال حقوق الإنسان، علي الفضلي، لـ"العربي الجديد"، إن "نشاط عصابات الاتجار بالأطفال بدأ يتصاعد خلال الفترة الأخيرة، إذ سجلت حوادث عدة في أغلب المحافظات العراقية"، مشيرا إلى أن "الملف يحتاج إلى عقوبات رادعة من قبل الحكومة، وعمليات ملاحقة مستمرة للمتسولين للوصول إلى تلك العصابات".
وأكد الفضلي أن "تلك العصابات من الممكن أن تستغل الأطفال في جرائم عدة، أو تقوم أيضا ببيعهم لجهات إجرامية مختلفة، الأمر الذي يستدعي عمليات ملاحقة لإنهاء تلك العصابات الخطيرة، ومحاسبتها قانونيا".
يشار إلى أن الحكومات العراقية المتعاقبة تعرضت لانتقادات كبيرة، بسبب تقصيرها في متابعة الملف الذي يعد من أخطر الملفات تأثيرا على المجتمع، ما دفع الحكومة الحالية إلى التوجه نحو خطة جديدة.