عايد غفري... فلسطيني يقاوم مطامع المستوطنين في الضفة الغربية

31 مارس 2024
أكد غفري عزمه على البقاء لحماية منزله (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في بلدة سنجل برام الله، تكثفت هجمات المستوطنين اليهود من مرات سنوية إلى شبه يومية، مما دفع عايد غفري للتفرغ لحماية أرضه ومنزله، مؤكداً على ثباته في ذكرى الـ48 ليوم الأرض.
- منزل غفري يقع في منطقة تماس مع المستوطنين، حيث تعرض لهجوم مباشر مما اضطر العائلة لإخراج الأب المسن والأطفال للحفاظ على سلامتهم، بينما يبقى هو للدفاع.
- غفري يواجه تحديات في حماية أرضه ومنزله من الاستيطان، مع تقديم شكاوى لشرطة الاحتلال دون جدوى، مبرراً تفانيه بمنع سيطرة المستوطنين وأهمية الصمود في وجه التهجير.

أصبحت وتيرة هجمات المستوطنين اليهود تتكرر بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً، وأحياناً تكون شبه يومية شمالي بلدة سنجل برام الله وسط الضفة الغربية، في حين كانت تحصل مرات سنوياً قبل الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة. ودفع ذلك عايد غفري (44 عاماً) إلى عدم التوجه إلى محله الخاص بإصلاح إطارات المركبات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من الماضي، وتركه العمل فيه لأشقائه، فهو ينفذ مهمة أكثر صعوبة تتمثل في حماية أرضه ومنزل العائلة من هجمات المستوطنين ومطامعهم.
يبقى عايد غفري في البلدة لحماية آلاف الدونمات من الأراضي من مطامع المستوطنين، وهو صامد فيها، ويؤكد رسوخه وثباته في ذكرى الـ48 ليوم الأرض اليوم السبت.

يضم موقع سكن غفري 15 منزلاً فلسطينياً تصنّف بأنها نقطة تماس مباشر مع المستوطنين كونها تقع على شارع يحدّ المنطقة السكنية من شمالي سنجل، والذي يطلق عليه الفلسطينيون اسم شارع "قوربات اللّبَنْ"، ويمر منه في الأساس سكان مستوطنتي "معاليه ليفونا" و"جفعات هرآيه" المشيّدتين على أراضي الفلسطينيين، وكلاهما مصدران لهجمات متكررة إلى جانب بؤرة استيطان ثالثة.

ولا تزال أربعة من هذه المنازل الـ15 مأهولة، بعدما انتقل أصحاب باقي المنازل إلى داخل البلدة تحت ضغط هجمات المستوطنين إثر اندلاع الحرب على غزة، وتكرار الاعتداءات عليهم بطريقة شبه يومية، وهم يزورونها لساعات يومياً فقط.

وقال غفري لـ"العربي الجديد": "اضطر والدي السبعيني مع أفراد عائلة شقيقيه إلى الانتقال، فبت أعيش وحيداً داخل منزل العائلة الذي يضم ثلاث شقق، ويقول: "بعد أيام من اندلاع الحرب على غزة كان يتناول والدي المريض بالقلب طعام العشاء مع عائلة شقيقي فهاجمهم أربعة مستوطنين دخلوا المنزل فجأة، وتحوّل المشهد إلى عراك بالأيدي بين شقيقي والمستوطنين، ولاحقاً بين أهالي البلدة والمستوطنين، حيث اندلعت مواجهات عنيفة أصيب خلالها شبان بالرصاص أحدهم في حال الخطر".

أضاف: "دفعت هذه الحادثة عائلتي إلى اتخاذ قرار إخراج أبي المسن وخمسة من أحفاده الصغار الذين لا نستطيع التضحية بهم فأخرجناهم للحفاظ على حياتهم وصحتهم النفسية، علماً أنه سبق أن عرضنا الأطفال على اختصاصيين نفسيين أخضعوهم لجلسات تفريغ نفسي من تأثيرات الاعتداءات المتكررة".

وحيداً 

وأكد غفري عزمه على البقاء لحماية منزله، علماً أنه ينشط ضد الاستيطان منذ سنوات، واستطاع مع أهالي بلدته إخراج بؤرة استيطانية من أرض يملكها شخصياً عام 2020، لكن المستوطنين نقلوا بؤرتهم حينها إلى أراضٍ مصادرة قبل إنشاء السلطة الفلسطينية قرب معسكر لجيش الاحتلال يحتمون به، والتي كانت تجمع فيها أغناماً، فتطورت وتوسّعت، وتحوّلت إلى تربية أبقار استخدمت في مهاجمة الأراضي بحجة الرعي.

محاولات تهجير 

ويتحدث غفري عن أن المشادات الكلامية التي ترافق اعتداءات المستوطنين توضح حقيقة أهدافهم، ويُخبر أن ضابطاً سابقاً في وحدة جولاني كانت بترت رجله في إحدى الحروب على غزة، وهو أيضاً زوج إحدى مؤسسات هذه البؤرة الاستيطانية، قال له مرة: "أنتم العرب ليس لكم سوى أحد مكانين: القبر أو صحراء الأردن، هذه أرض صهيون، أرض بني إسرائيل". ويعلّق غفري بأن هذا الحوار جزء بسيط مما يقوله المستوطنون.

والأسبوع الماضي، استخدم مستوطنون سلماً لدخول باحة منزل غفري وتحطيم كاميرات مراقبة فتنبه لهم وخرج لطردهم فهربوا. وبعدما تواصل مع الارتباط الفلسطيني جرى إبلاغ شرطة الاحتلال عن الهجوم فقدم جيش الاحتلال بعد دقائق ليس للتحقيق بالهجوم، بل لتوقيف عم غفري ونساء في منزلهم، والتحقيق معهم بتهمة إلقاء حجارة.

وأكد غفري أن الجنود أنفسهم هم المستوطنون وجنود احتياط، وأنه يعرف أسماءهم ووجوههم ووثق صورهم مع الأهالي، وذلك بعد نحو خمسة أعوام من مواجهتهم. ويُخبر أيضاً أنهم يدأبون في الاعتداء على الأراضي مرتدين ألبسة مدنية، ثم يعودون إلى اقتحام المنازل بلباس عسكري.

والأسبوع الماضي أيضاً، اعتقل الجيش الإسرائيلي غفري من منزله، واقتاده إلى معسكر أوقف فيه من الساعة السادسة مساء حتى الثالثة فجراً بحجة إلقائه حجارة قرب منزله. وقال إن ضابطاً خاطبه عبر الهاتف قائلاً: "من لا يأتي معنا بعصا موسى سنجلبه بعصا فرعون"، وهذه رسالة تهديد واضحة.

شكاوى 

وسبق  أن قدم غفري بعض الشكاوى إلى شرطة الاحتلال، في إجراء ينفذه بالتعاون مع مؤسسات حقوقية وأخرى دولية، لكنها لم تثمر عن نتائج، بل عرّضته لمضايقات وإهانات.

ويذكر أن شرطة الاحتلال وجيشه صنّفاه بأنه "محظور أمنياً"، ما عرّضه لمزيد من المضايقات خلال محاولته الوصول إلى مركز شرطة بنيامين. وهو اضطر قبل أيام إلى تقديم شكوى تنفيذاً لنصيحة تلقاها من مؤسسات حقوقية، بعدما وثّق صورة لاستخدام مستوطنين مركبة عسكرية في تنفيذ هجوم، ففي العادة تسجل الشكاوى ضد مجهول، لكن المعتدين لم يكونوا مجهولين هذه المرة.

وحين وصل غفري إلى مركز الشرطة، أوقف لمدة 40 دقيقة تحت المطر، وجرى التعامل معه بوصفه مجرماً بعدما أجبر على خلع معطفه، ورفع بلوزته إلى أعلى، ثم أدخلته مركبة إلى المقر حيث قدم الشكوى التي رفض المحققون تدوين كلمة مستوطنين في محضرها، وحاولوا تحويلها إلى قضية جنائية وترك ثغرات فيها.

حارس الأراضي 

ويبرر غفري تمضيته غالب وقته في المنزل أو الأراضي الزراعية القريبة بعدما ترك عمله لأشقائه، بمحاولة منع المستوطنين من السيطرة على منزله والمنازل المجاورة، ثم اقترابهم أكثر من بلدة سنجل ومنازلها الذي سيؤثر على حياة الأهالي، خصوصاً على صعيد قطع طريق وصولهم إلى نحو 12 ألف دونم من أراضيهم شمال البلدة. وهذه الأراضي مصنّفة "ج" وفق اتفاق أوسلو، ما يعني أن الاحتلال يسيطر عليها أمنياً ومدنياً، وليس السلطة الفلسطينية.

لكن السيطرة على هذه الأراضي أو على الأقل قطع الطريق عنها خطة تنفذ فعلاً عبر حفريات استيطانية متواصلة، ما يعني أن سنجل مهددة بفقدان نحو 70 في المائة من أراضيها.

ويوثق غفري باعتباره ناشطاً ضد الاستيطان عمليات التجريف، التي تعمل بمجملها لشق طرق استيطانية ستقطع الطريق بين الفلسطينيين وأراضيهم، ويقول إن الأهالي أبلغوا الارتباط الفلسطيني والمؤسسات الدولية والصليب الأحمر عن التجريف الذي زعم الاحتلال أنه أوقفه، لكنه لا يزال مستمراً على الأرض.

المساهمون