منذ 25 يوماً، تنتظر عائلة وسيم أبو الهيجاء من مدينة طمرة بالداخل الفلسطيني تحرير جثمان ابنها الشهيد، الذي كان يبلغ من العمر 28 عاماً عندما سقط برصاص جنود الاحتلال في مدينة حيفا.
وكانت حياة عائلة وسيم أبو الهيجاء قد توقّفت عند استشهاده في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، في انتظار تسلّم جثمان ابنها لدفنه، في حين زعمت الشرطة الإسرائيلية أنّ وسيم نفّذ عملية دهس أدّت إلى إصابة جندي إسرائيلي بجروح خطرة بالقرب من قاعدة عسكرية بحرية في حيفا.
وفي هذا الإطار، منعت الشرطة عائلة أبو الهيجاء في طمرة من فتح بيت عزاء لابنها الشهيد، بالتزامن مع تحقيقات أجرتها مع جميع أفراد العائلة، علماً أنّها عمدت كذلك إلى اعتقال شقيقَيه لمدّة يومَين.
وفي التاسع من فبراير/ شباط الجاري، تقدّمت العائلة بالتماس أمام المحكمة العليا التي رفضته، مطالبةً المحامي حسين مناع بإحضار ردّ خطي من الشرطة الإسرائيلية لمعرفة سبب احتجاز جثمان وسيم أبو الهيجاء. وقد أوضح مناع لـ"العربي الجديد" بقوله: "نحن ما زلنا ننتظر الردّ الخطي من الشرطة الإسرائيلية".
وبعد نحو شهر من احتجاز جثمان وسيم، لجأت عائلة أبو الهيجاء إلى "مركز عدالة" (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) الذي يملك خبرة في هذا المجال، فهو سبق أن تابع ملفات تحرير جثامين محتجزة لدى الاحتلال تعود إلى فلسطينيين من الداخل.
وفي هذا السياق، قال مدير "مركز عدالة"، المحامي حسن جبارين، لـ"العربي الجديد" إنّ عائلة وسيم أبو الهيجاء وكّلت المركز أوّل من أمس، و"اليوم بعثنا برسالة رسمية إلى الشرطة للمطالبة بإعادة الجثمان". أضاف جبارين: "ونحن نجحنا في الأعوام العشرة الأخيرة في إعادة جثامين تعود إلى مواطنين عرب في داخل الخط الأخضر".
وأشار جبارين إلى أنّ القضيّة الأولى التي عمل عليها "مركز عدالة" في هذا المجال كانت احتجاز جثمان الشهيد يعقوب أبو القيعان من أم الحيران في النقب، و"قد توجّهنا إلى المحكمة العليا وطلبنا بعد وفاته بيوم واحد بتسليم جثمانه لعائلته من أجل دفنه بأسرع وقت، وبالفعل نجحنا في ذلك". وقد حُرّر جثمان يعقوب بعد يومَين فقط من احتجازه، علماً أنّه استشهد في 18 يناير 2017.
تحرير جثمان وسيم أبو الهيجاء مرتبط بالسابع من أكتوبر
وتابع جبارين يقول إنّ في عام 2017 كذلك، "نفّذ ثلاثة شبّان من أمّ الفحم عملية في المسجد الأقصى، وقد احتُجزت جثامينهم. وبعد أكثر من شهر توجّهنا إلى المحكمة العليا وكانت مداولات استمرّت لمدّة ثلاثة أيام، قبل أن توافق المحكمة في نهاية المطاف على ما تقدّمنا به، ومفاده أن لا صلاحية لدى الشرطة لاحتجاز جثامين".
يُذكر أنّ العملية وقعت في 14 يوليو/ تموز من عام 2017، والشبّان الثلاثة كانوا من عائلة جبارين.
وبيّن مدير "مركز عدالة" أنّ "بعد هذا القرار، أُدخل تعديل على القانون مفاده أنّ للشرطة الحقّ في وضع شروط من أجل تسليم الجثامين، وهي شروط أمنية تخصّ الجنازة"، مشدّداً على أنّ "القانون لا يسمح للشرطة باحتجاز جثامين مواطنين بصورة دائمة".
وأفاد جبارين بأنّ "بعد صدور هذا القرار، نفّذ شخصان من أم الفحم كذلك عملية في الخضيرة، وقد ادّعت الشرطة الإسرائيلية أنّهما ينتميان إلى تنظيم داعش. وقبل ذلك بمدّة وجيزة، نفّذ شاب من رهط عملية في بئر السبع، وقد ادّعت الشرطة كذلك أنّه ينتمي إلى داعش. وبعد مداولات مع الشرطة، تمكنّا من استرجاع جثامين هؤلاء، فيما وُضعت شروط لجنازاتهم وتوصّلنا إلى تسوية".
لكنّ جبارين لفت إلى أنّ الوضع القانوني اليوم يختلف عمّا كان عليه في خلال تلك الحالات، متحدّثاً إلى "عقبات سياسية بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (عملية طوفان الأقصى ثمّ شنّ إسرائيل حربها على قطاع غزة). فثمّة تغيّرات في التوجهات الإسرائيلية عملياً، على الرغم من أن لا تغيّرات في نصّ القانون".
وشدّد جبارين على "وجوب ألّا ننسى أنّنا اليوم نتحدّث عن شرطة تحت إدارة أكثر وزير عنصري في إسرائيل، إيتمار بن غفير"، شارحاً أنّ "هذه معوّقات تحرير جثمان وسيم أبو الهيجاء، علماً أنّ القانون واضح ويوجب إعادة الجثمان".
وأكد مدير "مركز عدالة" قائلاً: "نحن ننتظر، في الوقت الراهن، جواب الشرطة. ونتوقّع أن تردّ علينا في الأسبوع المقبل، ووفقاً للردّ نقرّر كيفية الاستمرار في الملفّ".
تجدر الإشارة إلى أنّ الشاب وسيم أبو الهيجاء كان قد تابع دراسته في الطبّ المخبري في الجامعة العبرية بالقدس، وهو الابن البكر للعائلة، وعمل سابقاً في مستشفى مائير بمدينة كفار سابا.