طالبت عائلات ضحايا العنف البوليسي في تونس، اليوم الثلاثاء، بضرورة إظهار الحقيقة وكشف الانتهاكات التي تسببت في وفاة أبنائهم على أيدي أمنيين جراء مطاردات و ملاحقات أو سوء معاملة وتقصير.
وكشفت عائلات ضحايا العنف البوليسي في مؤتمر صحافي، أنها قد تلجأ إلى المحكمة الدولية لإظهار حقيقة وفاة أبنائها، مؤكدة أنه لا إفلات من العقاب.
عائلات ضحايا العنف يتمسكون بالعدالة
وقالت شافية السعفي والدة أسامة لعتر من جبنيانة، إن "ابنها، 19عاما، توفي إثر مطاردة أمنية في 23 ديسمبر 2018 عندما كان على متن دراجته النارية رفقة صديقه"، مضيفة لـ"العربي الجديد " أن "ابنها في مقتبل العمر، وكان يحلم بالعيش مثل بقية الشباب ولكن طارده أمنيون في الطريق، ليتم دهسه من الخلف وسقط في أسفل جسر على حافة الطريق، والغريب أنه لم يتم طلب الإسعاف ليفارق الحياة متأثرا بإصابته".
وقالت الأم الملتاعة "كان هناك إصرار من قبل بعض الأعوان في تلك الدورية على قتل ابنها لأنه كان بالإمكان إنقاذه ولكن بعض المتساكنين هم الذين أسعفوه، وبالتالي فقد كان القتل متعمدا وليس على وجه الخطأ كما يدعي هؤلاء"، مشيرة إلى أن "الشاب الذي كان رفقة ابنها أكد أنهما كانا خائفين لأن طريقة المطادرة لم تكن عادية وامتدت عدة كيلومترات ولذلك لم يتوقفا بالدراجة".
وطالبت المتحدثة بـ "ضرورة كشف الحقيقة، ومحاسبة المتسببين في قتل ابنها، مضيفة أن مطلبها الوحيد المحاسبة وتطبيق القانون".
منيرة بن صالح: رفع رئيس الجمهورية لشعار محاربة الفساد والمحاسبة غير كاف طالما لايتم إنصاف عائلات وضحايا العنف البوليسي
وبينت فوزية، والدة رامي التيس، الشاهد في هذه القضية، أن "ابنها يعاني إلى غاية اليوم من مخلفات الحادثة، فبالإضافة إلى الوضع النفسي الذي مر به وهو يشاهد صديقه يسقط في منعرج من الجسر فإن القضايا التي لفقت ضده لاحقا أتعبته ولم يتمكن من عيش حياته بصفة عادية، مبينة أنها قضايا كيدية وهدفها إسكات صوته لكي لا تظهر الحقيقة".
وقالت زكية العياري، والدة الشاب فادي الهراري، لـ"العربي الجديد" إنّ "حادثة تعرية جسد ابنها، ذلك الطفل الذي لم يتجاوز 15عاما في سيدي حسين، بتونس العاصمة، لا تزال في ذاكرة التونسيين، ولا تزال تسيطر على حياتهم، فقد غيّرت وضعهم وحولته إلى جحيم لا يطاق"، مشيرة إلى أنه "بتاريخ 10 يونيو 2021 ، تعرض ابنها إلى السحل والتعرية في الطريق وذلك بمجرد مروره بالقرب من دورية أمنية".
وأضافت المتحدثة أنه "منذ تلك الحادثة لم يعد طفلها كالسابق، فقد تغير سلوكه وأصبح أكثر انطواء ويميل إلى العزلة، ورغم بعض العلاج النفسي الذي خضع له حينها نظرا لفداحة ما حصل إلا أنه إلى اليوم يرفض البقاء في الشارع ويشعر بالذعر لمجرد رؤية أعوان أمن، كما أن شغله الشاغل هو مغادرة أرض الوطن".
وبيّنت أن "فادي هو الإبن الوحيد لها، ولا ترغب في فقدانه في هجرة سرية، كما أنها لم تتمكن من إيجاد حل لإنقاذه فلا هو أكمل دراسته ولا واصل التكوين الذي اختاره لأن وضعه النفسي سيئ، ولا العدالة حاسبت الجناة ولا القانون انتصر ليظهر حقهم، مؤكدة أن مطلبهم الوحيد هو المحاسبة".
وقالت دلندة، والدة عبد السلام زيان، الذي توفي في سجن صفاقس بالوسط التونسي نتيجة عدم منحه جرعة أنسولين، إن "ابنها مصاب بالسكري وتوفي وهو في الإيقاف، وقد كان ذلك خلال فترة الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا في آذار 2021" ، موضحة أنه "تجاوز وشقيقه التوقيت المحدد من قبل السلطات بنصف ساعة، فقد كانا عائدين إلى البيت عندما أوقف أعوان أمن الشقيقين وهما في عربتهما".
وأضافت المتحدثة أن" عبد السلام هو الأخ الأكبر، وقد تمسك بمرافقة شقيقه الأصغر بعد مناوشة بينه وعون الأمن، وهناك في مركز المدينة تم الاحتفاظ بهما وقضيا ليلة تم خلالها الاعتداء عليهما ومنع الدواء عن عبد السلام ليتوفى لاحقا".
وقال نور الدين السليمي، والد مالك، إن "ابنه توفي إثر مطادرة أمنية عندما كان على متن دراجة نارية حيث ظل شهرا بالمستشفى ثم فارق الحياة في 12 أكتوبر 2022، مبينا أن المحكمة لم تنصفهم وإلى اليوم والقضية مفتوحة ولا جديد فيها"، مشيرا إلى أن "ابنه ترك الدراجة ولاذ بالفرار ولكن تمت مطادرته وعندما حاول القفز من جدار تم اللحاق به ليسقط في منحدر "حسب تأكيده.
وطالب المتحدث بـ "إظهار الحقيقة حول ملابسات وفاة ابنه، مبينا أنه يأمل التسريع بالحكم في القضية ومحاسبة الجناة".
وقالت والدة شهيد الملاعب كما يلقبونه، عمر العبيدي (18عاما)، لـ"العربي الجديد" إن "ابنها كان مغرما بالرياضة وأثناء توجهه إلى الملعب لمشاهدة مباراة فريقه المفضل لاحقته عناصر أمنية من الملعب الأولمبي برادس إلى وادي مليان بعد مواجهات بين جماهير النادي الأفريقي وقوات الأمن وذلك يوم 31 مارس 2018، ليسقط ويموت غرقا".
وانتشرت عبارة "تعلّم عوم" (تعلم السباحة) بين النشطاء والمدافعين على حقوق الإنسان وصفحات التواصل الإجتماعي إثر تلك الحادثة".
أضافت والدة العبيدي "مرت 6 سنوات على الحادثة ولكن لا جديد في القضية، فلا تمت المحاسبة ولا نال الجناة عقابهم".
وقالت الناشطة بالمجتمع المدني، والتي تتابع ملفات عديد الأسر من ذوي ضحايا العنف، منيرة بن صالح إنه "حان الوقت لنقول لا للإفلات من العقاب، و يكفي من تهميش الشباب ومعاملتهم بوحشية، فلا يكفي معاناة الأمهات في فقدان أبنائهن ليضاف إلى ذلك ألم عدم المحاسبة"، مشيرة إلى أنهم "يشعرون أنهم في دولة اللاقانون خاصة عندما يكون الخصم أمنيا".
ولفتت إلى أن "رفع رئيس الجمهورية لشعار محاربة الفساد والمحاسبة غير كاف طالما لايتم إنصاف عائلات وضحايا العنف البوليسي"، مبينة أن "السحل والتنكيل عمدا والموت المقصود لا يجب أن يظل دون محاسبة فالقانون يجب أن يطبق على الجميع".