ظواهر غريبة تُنسَب إلى تغيّر المناخ

ظواهر غريبة تُنسَب إلى تغيّر المناخ

01 يونيو 2023
تطير وسط الضباب (لويس روبايو/ فرانس برس)
+ الخط -

عندما نكون في الطائرة نصادف مطبات بين الفينة والأخرى، فيطلب منا ربط الأحزمة والبقاء في المقاعد. اعتدنا هذا الأمر، ولكننا سمعنا منذ حوالى عام أو أكثر بروس لاندسبيرج من المجلس الوطني الأميركي لسلامة النقل (NTSB)، يقول لـ"بلومبيرغ" إنه بسبب تغير المناخ أصبح من الصعب التنبوء بأنماط دوران الهواء، الأمر الذي أدى إلى الكثير من الرحلات الجوية الوعرة، لدرجة أن الاضطراب أصبح السبب الأكثر شيوعاً لحوادث الطيران. 
أكثر من 65 في المائة من الإصابات الخطرة على متن الطائرات، التي سجلها محققو الحوادث الأميركيون في 2017-2020 كانت نتيجة دخول الطائرات في سماء ذات مطبات متقطعة. ولا حل لهذه المعضلة سوى الاستفادة من استشعار الطيور للمطبات الهوائية وتخفيف أثر هذه الأخيرة على إنسيابية الطيران. وهذا الأمر ليس بالجديد. فعلم الطيران كسب من الطيور الكثير، مثل تجوف العظام وامتلائها بالهواء ووجود أكياس هوائية على جانبي الرقبة والصدر والبطن، ووجود ريش أيضاً أجوف، والتغوط قبل الانطلاق من أجل ضمان خفة وطيران أسرع، وطريقة تحريك الذيل وأطراف الأجنحة للتخفيف من أثر المطبات الهوائية التي تكثر فوق الوديان التي تقصدها الطيور، لأن الصواعد الهوائية الدافئة التي تحمل الطيور تكثر في هذه الأمكنة. 
من جهة أخرى، لا بد لنا من توجيه الإصبع نحو البرق الذي لم يتوقف، على الأقل في لبنان، طوال النهار والليل في بداية شهر إبريل/ نيسان الماضي، إذ كان الطقس دافئاً ومحتفظاً بالمزيد من الرطوبة، أي إن الطقس كان مهيّأً لاستقبال نشاط الصواعق. كل ذلك يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ. 
ما حصل في أوائل هذا الشهر ليس سوى مثال على ما يمكن أن يحصل بنسبة أكبر في أماكن أخرى من العالم، حيث يدرسون كل شيء ولا يعيبهم إحصاء عدد الصواعق التي تضرب الكرة الأرضية والتي بلغت حوالى 8 ملايين مرة في اليوم. لكن هذا الرقم قد يرتفع كثيراً مع تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري. إذ قدرت إحدى الدراسات أن كل درجة مئوية من الاحترار يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع بنسبة 12 في المائة في ضربات الصواعق. وهذا يعني أنّ من المحتمل أن يزداد الضرر الناجم عن البرق. وتشمل الآثار المحتملة المزيد من حرائق الغابات، ويمكن أن يسبب البرق نشوب حرائق بين النباتات الجافة، وفي البساتين والأحراج، وإلحاق أضرار جسيمة بالمعدات الكهربائية وشبكات الطاقة.

والجدير ذكره أن ضربات الصواعق تضاعفت في القطب الشمالي منذ عامين، كما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن خبراء في تغير المناخ. ولا بد من الإشارة إلى أن الإنسانية لم تمتلك خبرة سابقة عن عواقب تغير المناخ، لأن هذا لم يحصل من قبل، وأن بداياته كانت مع بداية الثورة الصناعية. لذلك، نجد أن ما يحصل حالياً، وما سيحصل في المستقبل القريب، يعتبر من المفاجآت التي يسببها تغيّر المناخ. وكلها مفاجآت غير سارة تدعو للخوف من المجهول، فمستويات سطح البحر آخذة في الارتفاع، والمحيطات تزداد دفئاً وحموضة، بينما تهدد فترات الجفاف الأطول والأكثر حدة المحاصيل والحياة البرية وإمدادات المياه العذبة. من الدببة القطبية في القطب الشمالي إلى السلاحف البحرية قبالة سواحل أفريقيا، يتعرض تنوع الحياة على كوكبنا لخطر تغير المناخ. ويشكل تغير المناخ تهديداً أساسياً للأماكن والأنواع وسبل عيش الناس.
ولمعالجة هذه الأزمة بشكل مناسب، يجب تخفيض تلوث الكربون بشكل عاجل والاستعداد لعواقب الاحتباس الحراري التي نشهدها بالفعل. بدأنا نسمع عن محاصيل زراعية ستختفي بسبب تغير نظام حرارة البيئة التي تعيش فيها، ما يؤثر في الاقتصاد. ونسمع عن عوكرة مياه البحر التي تسببها السيول الناتجة من الأمطار الجارفة على اليابسة، الأمر الذي سيجعل من الصعب على الطيور البحرية أن ترى الأسماك من الأعلى وتنقضّ عليها، بل قد تنتهي هذه الأنواع بالإنقراض. في الخلاصة، علينا دفع السياسات لمكافحة تغير المناخ والتعامل مع الشركات للحد من انبعاثات الكربون ومساعدة الناس والطبيعة على التكيف مع المناخ المتغير والاستعداد للأخطار المقبلة. 
(متخصص في علم الطيور البرية)

المساهمون