ظروف مأساوية لسوريين محتجزين في ليبيا

09 اغسطس 2021
بلغ عدد المحتجزين السوريين أكثر من 800 شاب غالبيتهم من محافظة درعا (Getty)
+ الخط -

تواصل السلطات الليبية احتجاز مئات الشبان السوريين الذين اعتقلتهم، على فترات متفاوتة خلال العام الجاري، أثناء محاولتهم الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر البحر المتوسط

وبلغ عدد المحتجزين أكثر من 800 شاب غالبيتهم من أبناء محافظة درعا في الجنوب السوري، وسط ظروف مأساوية وصعبة جداً يعيشها المحتجزون، بالإضافة إلى نقص في الطعام المقدم للمحتجزين وسوء المعاملة التي تصل إلى الضرب المبرح، الأمر الذي أدى لوفاة أحد المحتجزين السوريين، وتفشي عدة أمراض داخل تلك المحتجزات.

وحول أوضاع المحتجزين، قال الناشط عدنان العبد الله المنحدر من محافظة درعا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "في بداية شهر مايو/ أيار العام الجاري، أصدر النظام السوري قراراً بمنح الشباب من أبناء محافظة درعا تأجيل الخدمة العسكرية مدة سنة إضافية وإعطائهم إذن سفر"، وأضاف "على أثر هذا القرار، لجأ العديد من الشبان لتأجيل الخدمة العسكرية واستخراج جواز سفر، وبدأت هجرة هؤلاء الشبان إلى ليبيا بُغية الوصول إلى أوروبا بحثاً عن حياة كريمة".

وتابع "خلال هذه الفترة، كانت هناك بشكل يومي طائرة تخرج من سورية إلى ليبيا، وغالبية ركاب الطائرة من أبناء محافظة درعا، وُجلهم من مدينة نوى، أكبر مدينة بالمحافظة، يبلغ تعداد سكانها قرابة 100 ألف نسمة، وبعض الشبان من مناطق أخرى في محافظة درعا، بالإضافة لشبان آخرين خرجوا من دول الجوار، مثل لبنان والأردن وتركيا".

وأكد العبد الله أن "جميع الرحلات التي وصلت إلى ليبيا تمكنت من الوصول إلى إيطاليا عبر طرق التهريب من السواحل الليبية في طرابلس، منذ بداية الهجرة في مايو/ أيار وحتى تاريخ 13 يونيو/ حزيران العام الجاري"، مشيراً إلى أنه "بعد هذا التاريخ، لم تصل أي دفعة إلى إيطاليا بسبب تشديد خفر السواحل الليبي، وإلقاء القبض على مئات الشبان من قبل عناصره، واحتجازهم في أربعة سجون ضمن مدينة طرابلس، وهي (سجن الزاوية، سجن أبو سليم، سجن عين زارا وسجن غوط الشعال)".

وأكد العبد الله أن "يوم السبت الفائت، توفي شخص يدعى عزوز بركات الصفدي، من مدينة نوى بريف درعا الغربي، داخل سجن الزاوية في العاصمة الليبية طرابلس، وهو مريض يعاني من الغدة الدرقية يبلغ من العمر 40 عاماً، وطلب المريض أكثر من مرة الدخول إلى المستشفى، لكن إدارة السجن رفضت طلبه، الأمر الذي فاقم وضعه الصحي وتسبب له بنزيف دموي من الفم والأنف، الأمر الذي أدى لوفاته، من دون تسليم السلطات الليبية جثته إلى ذويه، أو إجراء كشف طبي عن سبب الوفاة".

وتحدث "العربي الجديد" مع أبو محمد، وهو أحد الشبان الذين خرجوا من سجون الاحتجاز التابعة للحكومة الليبية بعد دفع مبلغ مادي قدره 900 دولار أميركي، بعد اعتقال دام أربعة أشهر، وفضل عدم الكشف عن هويته بسبب الوضع الأمني في ليبيا، وقال أبو محمد "سجن غوط الشعال في العاصمة الليبية طرابلس يضم ثمانية هنغارات مبنية من الطوب، ويُعامل فيه المحتجزون بشكل سيئ جداً، وتُقدم للمعتقلين وجبتان في اليوم الواحد، وهي عبارة عن وجبة معكرونة تقدم في طبق صغير لكل خمسة أشخاص، ويقدم مسؤولو السجن للسجناء مياه مالحة وغير صالحة للشرب مرتين فقط في اليوم الواحد، بالإضافة لتعرض عدد كبير من المحتجزين للضرب بأنابيب بلاستيكية على الرأس والظهر والبطن والقدمين".

وأكد أبو محمد أن "عدد المحتجزين الحاليين في السجون الأربعة، التي تحدث عنها الناشط عدنان العبد الله، قد بلغ قرابة 800 محتجز غالبيتهم من أبناء محافظة درعا، القسم الأكبر منهم من مدينة نوى غربي محافظة درعا، البعض منهم محتجز منذ قرابة أربعة أشهر، والبعض الآخر احتجزتهم السلطات الليبية على فترات متقطعة"، ولفت إلى أن "أحد المحتجزين الأفارقة توفي داخل السجن الذي كان بداخله بسبب تعرضه للتعذيب الشديد".

وأشار أبو محمد إلى أنه "تمكن من الخروج من سجن غوط الشعال بعد دفع مبلغ مالي لسمسار ليبي من داخل السجن قدره 900 دولار أميركي"، مضيفاً أن ذلك الأسلوب "يتبعه السماسرة بالاتفاق مع مسؤولو السجن لأخذ عمولة مالية من المحتجزين مقابل الإفراج عنهم"، موضحاً أن "تلك المبالغ ارتفعت خلال اليومين الماضيين إلى 2000 دولار أمريكي مقابل الإفراج عن الشخص".

ولفت أبو محمد إلى أن "عدداً كبيراً من المعتقلين ليس باستطاعتهم دفع هذه المبالغ المالية، بسبب تعرض قسم كبير منهم للنصب والاحتيال من قبل المهربين عند محاولتهم الوصول إلى إيطاليا عبر البحر".

وطالب أبو محمد "بالتحرك السريع من أجل فك أسر المحتجزين بشكل فوري وعاجل، بسبب معاناة عدد كبير منهم وإصابتهم بعدة أمراض، وتفشي القمل بسبب قلة النظافة داخل المعتقلات وعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة، بالإضافة لتعرض أكثر من 50 معتقلاً، كانوا برفقته، إلى حالات إغماء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وضيق المساحات داخل الهنغار المحتجزين بداخله، والذي يؤدي أحياناً لانعدام الأوكسجين، ما يسبب حالات الإغماء، لا سيما أن فترات النوم تكون عبارة عن مناوبات بين المحتجزين الذين ينقسمون إلى 6 مجموعات، كل ثلاثة منهم ينامون ست ساعات، والآخرون يقفون على القدمين ست ساعات، وهذا الحال بشكلٍ يومي".

المساهمون