ظاهرة سرقة أغطية الصرف الصحي في العراق تتسع مع تفاقم مشكلة الفقر

09 ديسمبر 2021
يلجأ سارقو هذه الأغطية إلى بيعها لمعامل صهر وإعادة تدوير المعادن (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

يلاحق أفراد الأمن العراقي عشرات المتورّطين بعمليات سرقة منظمة لأغطية الصرف الصحي في مدن عدّة بالبلاد، بعد اتساع الظاهرة التي سبّبت مشاكل مختلفة، من بينها وفيات، إثر سقوط أشخاص فيها، وحوادث للسيارات.

وتتّسع الظاهرة في المدن التي تعاني من معدلات فقر مرتفعة، وتعلن السلطات الأمنية من وقت إلى آخر اعتقال من تصفها بـ"عصابات" سرقة أغطية الصرف الصحي، المعروفة شعبياً في العراق بـ"أغطية المنهولات".

ويلجأ سارقو هذه الأغطية إلى بيعها لمعامل صهر وإعادة تدوير المعادن، بأسعار تصل إلى 100 ألف دينار (نحو 70 دولاراً) وفقاً لوزن الغطاء ونوع المعدن وحالته.

ويقول مسؤول في وزارة الداخلية ببغداد، لـ"العربي الجديد" إنّ "ممتهني هذا النوع من الجرائم، مشاريع لعصابات إجرامية أكثر خطورة، إذ إنّ أغلب العاملين فيها من المراهقين، وهو ما يعني دخولهم بعالم الجريمة مبكراً، وسيتطورون في أعمالهم الإجرامية تدريجاً". ويضيف: "إنّ الأمن اعتقل منذ مطلع العام الحالي 13 عصابة متخصّصة بسرقة أغطية الصرف الصحي، واكتُشِف تورّط بعضها بأنشطة إجرامية أخرى أكثر خطورة".

ولفت إلى أنّ مجموعهم يبلغ أكثر من 100 شخص، لكن الظاهرة متواصلة لعدّة أسباب، أبرزها سهولة العثور على تلك الأغطية، وسرعة سرقتها، وكذلك سرعة بيعها، ولذلك اعتُقِل عدد من أصحاب معامل صهر الحديد والمعادن لتعاملهم بالمواد المسروقة، وحُكم على بعضهم بالسجن لعامين وأكثر.

الناشط الحقوقي، أحمد الوائلي، يرى أنّ هذه الظاهرة مرتبطة بمعدلات الفقر المرتفعة في البلاد، ويضيف لـ"العربي الجديد": "إنّ أكثر المدن فقراً في العراق هي الأكثر معاناةً من هذه الظاهرة، وظاهرة السرقة عموماً. إذ لا يقتصر الأمر على سرقة أغطية الصرف الصحي، بل يتعداها إلى سرقة الحقائب النسائية أيضاً والنصب، كما السطو المسلّح، كما حصل قبل أيام في بغداد والبصرة".

وهو يرى أنّ "تعامل الشرطة مع المتورّطين بهذه العمليات على أنهم مجرمون يجب الانتقام منهم، تصرف خاطئ وغير صحيح، ويجب البحث عن طرق إصلاحهم، لا سجنهم في سجون واحدة مع الإرهابيين ومدمني المخدرات وعناصر المليشيات والقتلة".

ويتناول ناشطون وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو لعمليات سرقة تطاول أغطية الصرف الصحي بين وقت وآخر.

والشهر الماضي، أعلنت مصادر صحية في مدينة كركوك شمالي العراق، وفاة طفلة بسبب سقوطها داخل فتحة صرف صحي لم تكن تحتوي على غطاء.

ويقول النقيب محمد الجوراني، من شرطة بغداد لـ"العربي الجديد"، إنّ "حوادث سرقة الأغطية باتت تسبّب مشاكل حقيقية، منها ما يصل إلى وفيات، وخاصة الأطفال ليلاً. وفي واحدة من هذه الحالات، فُقدت طفلة قبل أشهر، وبعد يومين من البحث عُثِر عليها أمام منزلها في فتحة مجاري سُرق غطاؤها، وسقطت فيها خلال لعبها أمام المنزل".

ويضيف: "هي أيضاً تسبب كسوراً ورضوضاً للبعض وأضراراً مادية، منها إغلاق الشبكات بالطين والتسبّب بفيضانات في الشوارع، إضافة إلى أضرار بالسيارات".

واليوم الخميس، قال مدير دائرة خدمة الصرف الصحي في محافظة ذي قار جنوبيّ البلاد، حيدر الأسدي، في تصريح لوكالة إخبارية محلية، إنّ المئات من أغطية المجاري الثقيلة سُرقت خلال هذا الشهر.

وأضاف الأسدي أنّ "300 غطاء سُرق في مناطق محافظة ذي قار خلال 30 يوماً فقط، 50 منها سُرقت في يوم واحد".

وتحدث عن أن سعر بعض الأغطية يكلّف الدولة مبلغ 250 دولاراً، وأنّ مجموع الأغطية التي سُرقت هذا العام تتجاوز الـ 700 غطاء في محافظة ذي قار وحدها.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

والشهر الماضي، أعلنت أمانة العاصمة بغداد، في بيان، اعتقال أحد سارقي أغطية شبكات تصريف مياه الصرف الصحي ومشبكات الأمطار في العاصمة.
ودعا البيان "المواطنين إلى مساندتها (الأمانة) والإبلاغ عن حالات السرقة التي تحدث في مناطقهم وتزويد القوات الأمنية بالوثائق الصورية أو الفيديوهات عند توافرها، التي تمكّنها من إلقاء القبض على ضعاف النفوس الذين تسوّل لهم أنفسهم العبث بالمال العام".

وعلّق المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، خالد المحنا، في وقت سابق على ظاهرة سرقة أغطية المجاري والصرف الصحي، بأنّ "مديرية مكافحة الإجرام تابعت في الفترة الماضية حالات سرقة أغطية الصرف الصحي، واستعانت بكاميرات المراقبة للتوصل إلى اللصوص، وقد انحسرت هذه الظاهرة جراء ذلك". وأضاف أنّ "هؤلاء عصابات متخصّصة، ويستخدمون طرقاً وأساليب خاصة، والقانون يعاقبهم وفق المواد الخاصة بسرقة المال العام".

المساهمون