لم يتلقَّ طلاب الجامعة اللبنانية أيّ جوابٍ شافٍ أو جرعة أملٍ من رئيس الجامعة الدكتور بسام بدران حول مصير سكنهم الجامعيّ المهدّد بالإغلاق بدءاً من يوم غدٍ الثلاثاء. فالطلاب الذين تظاهروا، اليوم الإثنين، أمام مبنى الإدارة المركزية للجامعة في العاصمة بيروت، بدعمٍ من النادي العلماني، اكتفى بدران بتنبيههم إلى أنّ "السكن الجامعي مهدد بالإغلاق النهائيّ هذه السنة والسنوات المقبلة، وقد مدّدتُ المهلة فقط لمن يجرون امتحاناتهم بانتظار إنجازها وإخلاء السكن".
وأكد الطلاب "تنصّل بدران من أيّ مسؤوليّة تقع على عاتقه بالنسبة لدفع مستحقّات شركة Prestige المعنيّة بإدارة السكن الجامعي، سواء لناحية حفظ الأمن أو القيام بأعمال الصيانة والتنظيف"، مضيفين أنّه "ولدى مغادرته مبنى الإدارة، اكتفى بالقول إنّه لا يتعاطى بشؤون المال والأعمال، ولا يعرف الجهة المسؤولة عن دفع هذه المستحقات، كما أنّه غير معنيّ بتأمين الكهرباء والمياه وخلافهما للسكن الجامعي، بل أصرّ على ضرورة أخذ موعدٍ للاجتماع به، وبحث هذه المسألة الشائكة".
وتحدّث طلاب لـ"العربي الجديد" عن معلوماتٍ وردتهم بأنّ "مجلس الإنماء والإعمار هو الجهة المخولة بدفع المستحقات، لكنّنا لسنا متأكدين من ذلك بعد"، وأبدوا استغرابهم "لهذا الضياع والضبابيّة في التعاطي".
وقالت الطالبة في الجامعة اللبنانية - كلية طب الأسنان غوى بركات: "لن نقبل بأن نخسر سكننا الجامعيّ وأن نتكبّد عناء المسافات الطويلة والمواصلات الباهظة، لكنّنا لن نرضى على الإطلاق أن نعيش في مكانٍ غير مؤهّل للسكن. فنحن نعيش في بؤرة جراثيم، وسط فضلات القطط في الممرّات، وصفر نظافة. لا مياه، ولا كهرباء، ونضطرّ للنزول من الطابق الرابع مثلاً إلى الطابق الأرضي لغسل أيادينا، ونتولّى بأنفسنا مهام التنظيف"، سائلةً: "أين الأموال التي أُقرّت للجامعة في الموازنة العامّة أخيراً؟".
وحذّرت من أنّ "السكن الجامعيّ مهدّد بالإغلاق غداً، وهو قرار فعليّ يؤثّر علينا سلباً، ولن نقبل به، بل سنواصل الجهود للحفاظ على السكن والجامعة، رغم كلّ التحديّات والعوائق اللوجستيّة التي نواجهها من انعدام الأوراق الكافية للامتحانات وحبر الطباعة وانقطاع التيار الكهربائيّ وغيرها. فنحن متمسّكون بالجامعة اللبنانيّة حتى آخر نفس".
من جهته، اعتبر الطالب جمال عبد الناصر الرمح أنّ "السكن الجامعي قضيّتنا، لا سيّما بعدما أعطونا مهلة حتى يوم غدٍ (4 أكتوبر/تشرين الأول) لمغادرة الغرف وإخلائها، من دون أن يبادروا لأيّ حلّ جذريّ يؤمّن مستحقات الشركة المعنيّة، علماً أنّ حقّنا بالسكن الجامعيّ يُصادر من قبل المسؤولين"، وأسف لـ"الوضع غير المحتمل الذي وصلت إليه الجامعة، ولما يدفعه الطلاب على الدوام كضريبة للمناكفات السياسيّة التي أدّت إلى تدمير الجامعة بكلّ مكوّناتها"، وطالب بـ"تشكيل لجنة لمراقبة عمليّة الدفع للسكن الجامعي وكيفيّة صرف الأموال، وكذا زيادة ميزانيّة الجامعة ودفع مستحقّاتها العائدة لها من فحوص الـPCR، وعدم تكرار الإضرابات وإنقاذ الجامعة التي باتت بخطرٍ داهمٍ".
بدورها، مسؤولة قسم التنظيف في السكن الجامعيّ وممثلة لجنة شركة "Prestige" سامية مشيك، كشفت لـ"العربي الجديد"، أنّ "الشركة مسؤولة عن إدارة السكن الجامعيّ في الجامعة اللبنانية منذ 15 عاماً، لناحية الأمن والنظافة والصيانة وتسليم الغرف والمفاتيح ومختلف الشؤون الإداريّة واللوجستيّة. غير أنّنا لم نتقاضَ طيلة هذه السنة أيّ راتب يُذكر، ولم تفلح مناشداتنا بالحصول على حقوقنا. لذلك، لجأنا للإضراب في 25 يونيو/حزيران الماضي، بعدما فقدنا القدرة على مواصلة الاستدانة للقدوم إلى العمل. فأصبح السكن الجامعيّ منذ ذلك الوقت من دون أيّ إدارة، وكان أن انتشرت النفايات والديدان، وعمّت السرقات والفوضى".
وتابعت: "لم نلقَ سوى الوعود، ونحن قرابة 80 موظفاً تقع علينا مسؤوليّة إعالة عائلاتنا وأولادنا. كما أنّ ما يقارب ألفَي طالب باتوا اليوم مهدّدين بسكنهم الجامعي، ناهيك عن 1500 طالب على لائحة الانتظار. وهم طلاب يأتون من مناطق بعيدة جدّاً، من محافظات الشمال والجنوب والبقاع. فإمّا أن تنقذ الجامعة اللبنانيّة سكن طلّابها أو أنّنا ذاهبون باتّجاه الإغلاق، ويبدو أن الإغلاق، للأسف، هو المصير المحتّم اليوم قبل الغد".
وفي مبادرةٍ تضامنيّة مع زملائها، لفتت الطالبة في جامعة القديس يوسف (اليسوعية)، يارا أسعد، إلى أنّها تشارك في التظاهرة من منطلق حرصها على الجامعة اللبنانيّة، قائلةً: "نحن كطلاب جامعات خاصّة لا ننعزل عن الجامعة اللبنانيّة، كقضية وطنية، فالبلد باتجاه الانهيار وأموالنا وودائعنا قد تضيع والجامعات الخاصّة تتقاضى بـ(الفريش دولار). لذلك، من الضروري جدّاً أن نطالب باستمراريّة الجامعة اللبنانية وجودة تعليمها، وأن تبقى بعيدة عن تجاذبات قوى السلطة، فالحاجة إليها ماسّة، كسائر مؤسّسات الدولة، والتعليم حقّ للجميع، وعلينا الحرص على ألّا يتحوّل حكراً على طبقة أو فئة معيّنة".