طقوس عيد الجزائر... حنّة وأضحية وأطباق تقليدية

18 يونيو 2024
اختيار الأضاحي يدخل الفرحة إلى قلوب الأطفال، 22 يونيو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عيد الأضحى في الجزائر يُعد مناسبة دينية واجتماعية هامة، تبدأ الاستعدادات قبل أيام من حلوله بتجهيز الأضاحي والحنّة، وتزيين المنازل وتحضير الحلويات.
- تقاليد الاحتفال تشمل نحر الأضحية في المنزل لجلب البركة، وتعاون الأقارب والجيران في عملية الذبح وتحضير الكبد المشوي، مع تغيرات اجتماعية تدفع البعض لاستخدام الأسواق المرخصة.
- الأيام التالية للعيد تتميز بعادات غذائية خاصة كاستهلاك لحم الأضحية وتحضير أطباق تقليدية مثل البُوزَلُّوف والكسكسي، وتجفيف أجزاء من الذبيحة لاستخدامها في الشتاء، مع الحفاظ على تقديم فخذ الأضحية كهدية للشابة المخطوبة.

في حين تُعَدّ شعائر عيد الجزائر واحدة بين المسلمين لجهة الذبح والحجّ، فإنّ ثمّة طقوساً تميّز مجتمعات عن أخرى في البلدان المعنيّة، والجزائر من بينها.

يولي الجزائريون عيد الأضحى اهتماماً خاصاً، ولا سيّما أنّهم يشيرون إليه بـ"العيد الكبير" الذي يتميّز بطقوسه الدينية الاجتماعية، ولا سيّما تلك المرتبطة بالأضحية، وكذلك بعادات يصرّون على تناقلها من جيل إلى جيل. وتبدأ العائلات الجزائرية بالتهيّؤ لهذا العيد قبل أيام من حلوله، سواء لجهة تحضير مختلف لوازم ذبح الأضاحي من سكاكين وأوانٍ، أو لجهة الاستعداد لاستقبال المهنّئين بالعيد الكبير وغير ذلك، فهو مناسبة دينية وفرصة للتراحم والتزاور بين الأقارب والأحبّة.
وتلجأ عائلات في الجزائر إلى شراء الأضحية ونقلها إلى منازلها بهدف إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال خصوصاً، وتحضير الحنّة المخصّصة للوضع على رأس الشاة المختارة. وتشير كريمة زياني إلى أنّ "الحناء طقس اجتماعي اعتدتُ القيام به منذ سنوات طويلة"، موضحة لـ"العربي الجديد" أنّه "مثلما ترمز الحنّة التي تُخلط بالماء وتخضّب بها النساء أياديهنّ وأرجلهنّ تعبيراً عن البهجة، فإنّها كذلك دليل على فرحة العائلات بتأدية شعيرة ذبح الأضاحي التي تُعَدّ أيضاً رمزاً للبركة والنماء".
من جهتها، تبدأ أسماء ضيف الله، من ولاية سكيكدة شرقي الجزائر، تحضيرات العيد قبل نحو أسبوعَين، فتنظّف البيت وتزيّنه لإبراز فرحة العيد استعداداً لاستقبال الضيوف. تضيف لـ"العربي الجديد" أنّها جهّزت كذلك مستلزمات ذبح الأضحية وسلخها، بالإضافة إلى الأواني المخصّصة لتنظيفها. وإلى جانب ما يرتبط باللحوم، تعمد العائلات إلى تحضير أنواع من الحلويات الخاصة بعيد الأضحى، بحسب ما تقول ضيف الله، مشيرةً إلى أنّ "تحضير كميّة من الحلويات هو تعبير عن الفرحة بحلول هذه المناسبة". ولأنّ عيد الأضحى يرتبط بتحضير أشهى الأطباق التقليدية، تحرص الجزائريات كذلك على اقتناء مختلف أنواع التوابل قبل أيام منه لاستخدامها في عملية الطهي الخاصة بالعيد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي يوم الاحتفال بالأضحى وعقب أداء صلاة العيد، يفضّل الجزائريون بمعظمهم نحر الأضحية بأنفسهم وفي منازلهم، إمّا في فناء الدار وإمّا أمام المباني وإمّا في موقع يُخصَّص في التجمّعات السكنية لذلك. وبحسب العادات الجزائرية، فإنّ "سيل دم الأضحية في المنازل" يجعل "البركة تحلّ". ولطالما تجري عملية الذبح بالتعاون ما بين الأقارب والجيران في حيّ واحد أو في تجمّع سكني مشترك واحد قبل أن تلجأ النساء إلى تنظيفها.
وعلى الرغم من تمسّك الجزائريين بقضاء هذا اليوم في أجواء من التضامن في أثناء الذبح والسلخ، فإنّ التغيّرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع لجهة السكن، إذ صارت تنتشر المباني والتجمّعات السكنية، تجعل النحر مستحيلاً في المنازل. لذا يلجأ الجزائريون إلى الأسواق المرخّصة ويؤدّون هذا الطقس لقاء مبلغ مالي. ومن عادات الجزائريين التي ما زالت منتشرة في عيد الأضحى بعد الانتهاء من عمليتَي الذبح والسلخ، تحضير طبق الكبد المشوي مع السلطات.

سوق الأضاحي في الجزائر قبل عيد الأضحى - 22 يونيو 2023 (Getty)
سوق للأضاحي في الجزائر قبل أيام من العيد الكبير، 22 يونيو 2023 (Getty)

ويقرّ جزائريون كثيرون بأنّ عيد الأضحى ينهك النساء خصوصاً، إذ إنّهنّ يلجأنَ بعد الذبح مباشرة إلى تنظيف الأضحية وتهيئتها للطهي. ومن العادات المرتبطة في اليوم الأول من عيد الأضحى في الجزائر، إعداد غداء العيد من خلال قلي الكبد والقلب والطحال مباشرة بعد تنظيف الأضحية، وهو ما يُعَدّ وجبة متكاملة، تُضاف إليها أنواع من السلطة الخضراء والفلفل المشوي وكذلك البطاطا المقلية والعصائر. وبخصوص وجبة العشاء، تعدّ النساء الأطباق التقليدية، من أبرزها "البُوزَلُّوف" الذي يقوم على طهي رأس الأضحية بعد تقطيعها وتنظيفها جيداً، من خلال غمرها في المياه حتى تغلي لفترة تتجاوز الساعة أو من خلال طهيها في مرق أحمر مع أجزاء مقطّعة من الأمعاء كذلك.
ومن العادات التي يحرص عليها الجزائريون في العيد الكبير عدم تناول لحم الأضحية قبل التصدّق بجزء منه وفقاً للشريعة الإسلامية، وهو الثلث بحسب ما تشير كريمة زياني. لذلك، بعد تقطيع الأضحية، تبدأ العائلات منذ اليوم الثاني من العيد في استهلاكها، فتشوي اللحم أو تحضّر طبق الكسكسي باللحم أو طبق الشخشوخة باللحم وغيرهما من الأكلات التقليدية التي تُستهلك فيها لحوم الأضحية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وفي اليوم الثالث من عيد الأضحى، يلجأ سكان عدد من مناطق الجزائر، من قبيل المسيلة والجلفة وبسكرة، إلى تجفيف أجزاء من الذبيحة باستخدام الملح وإضافة الفلفل الأحمر كذلك، قبل تركها تحت أشعة الشمس لتجفّ ثمّ تُجمع وتُخزَّن لفصل الشتاء المقبل، لتُستخدَم في تحضير أطباق تقليدية يُطلَق عليها "القديد" أو "الخليع".
ومن الموروث الشعبي الجزائري في عيد الأضحى، تتمسّك العائلات بعادة تقديم فخذ الأضحية هديّةً للشابة المخطوبة، بحسب ما تلفت سمية صايفي لـ"العربي الجديد". وتوضح أنّ هذه العادة تُسمّى "المْهيبة"، وفي خلالها تزور والدة العريس عائلة العروس وتقدّم تلك الهدية الخاصة بالعيد الكبير، وذلك عربون محبّة للشابة التي صارت فرداً من أفراد عائلة العريس.

المساهمون