استمع إلى الملخص
- **الإجراءات القانونية والدعم:** أكدت النقابة متابعتها لحالة الطبيب المصاب واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، مشددة على ضرورة توقيع العقوبة القصوى على الجاني وتقديم الدعم القانوني للطبيب المعتدى عليه.
- **مطالبات بتشريعات رادعة:** طالبت نقابة الأطباء بتأمين المستشفيات وتنفيذ عقوبات رادعة، مشيرة إلى غياب قانون المسؤولية الطبية الذي يجرّم التعدي على الأطباء، مما يستدعي تشريعات حاسمة لحمايتهم.
حذّرت النقابة العامة لأطباء مصر من استمرار الاعتداءات على الأطباء والمنشآت الطبية، وذلك بعدما كانت نقابة أطباء سوهاج، جنوبي مصر، قد أعلنت طعن طبيب جرّاح مقيم في مستشفى سوهاج التعليمي بسلاح أبيض من قبل مرافقي أحد المرضى. وطالب نقيب الأطباء المصريين أسامة عبد الحي كلّ مؤسسات الدولة والجهات المعنية في محافظات مصر بحماية المستشفيات وتأمينها كونها منشآت حيوية، وذلك بهدف توفير بيئة عمل آمنة لاستمرار تقديم الخدمات الطبية للمواطنين، وحذّر من أنّ استمرار وقائع الاعتداء على الأطباء والمنشآت الطبية يتسبّب في وقف تقديم الخدمات الطبية لمن يحتاجها الأمر الذي قد يودي بحياة عدد منهم.
وقال عبد الحي، في بيان صادر عن النقابة العامة لأطباء مصر اليوم الأربعاء، إنّ استمرار الاعتداء على الأطباء في المستشفيات سوف يدفع من تبقّى منهم في مصر إلى الهجرة إلى الخارج، بحثاً عن بيئة عمل آمنة لهم، الأمر الذي يهدّد استقرار المنظومة الصحية بالكامل في البلاد. أضاف عبد الحي أنّ النقابة العامة تتابع مع نقابة أطباء سوهاج الفرعية الحادثة المؤسفة التي شهدها مستشفى سوهاج التعليمي، أمس الثلاثاء، عندما تعرّض طبيب جراحة عامة مقيم في المستشفى للطعن في أسفل ظهره بسلاح أبيض من قبل مرافقي أحد المرضى، في أثناء أداء عمله.
وقد أكدت النقابة العامة لأطباء مصر متابعتها حالة الطبيب المصاب للاطمئنان على صحته، فيما تُتّخذ كلّ الإجراءات القانونية اللازمة لدعمه وحمايته وحفظ حقوقه، مشدّدة على ضرورة توقيع العقوبة القصوى على الجاني، بسبب "شروعه في قتل طبيب". وبالفعل، كلّف نقيب الأطباء المستشار القانوني للنقابة، بالتنسيق مع نقابة أطباء سوهاج، متابعة سير التحقيقات مع المتّهم وتقديم كلّ الدعم القانوني للطبيب المعندى عليه وحفظ حقوقه.
وشدّد عبد الحي على ضرورة إلقاء القبض على المعتدي، وإلزامه دفع غرامة فورية أسوة بمعظم دول العالم، وتغليظ عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين فيها، وتصنيفها جريمة لا يجوز التهاون فيها بأيّ حال من الأحوال. وذكر أنّ الاعتداء على المنشآت الصحية والأطقم الطبية فعل مشين، ولا بدّ من معاقبة مرتكبيه بأشدّ العقوبات ليكونوا عبرة لغيرهم.
من جهته، طالب مقرّر اللجنة القانونية لدى النقابة العامة لأطباء مصر طارق منصور جميع الأطباء بالتواصل الفوري مع نقابتهم عند وقوع أيّ اعتداء عليهم، وطلب الدعم القانوني المتوفّر على مدار الساعة، والتمسّك بتحرير المحضر في قسم الشرطة المختص باسم المنشأة الطبية. وناشد منصور الأطباء بعدم التنازل أو التصالح، بأيّ حال من الأحوال، في قضايا الاعتداء عليهم في داخل المنشآت التي يعملون فيها.
من جهتها، أشارت نقابة الأطباء في محافظة سوهاج، في بيان أصدرته اليوم الأربعاء، إلى أنّها تتابع طعن طبيب جرّاح مقيم في مستشفى سوهاج التعليمي وقد وصفته بـ"الحادث المؤسف"، علماً أنّ المعتدى عليه تلقّى الرعاية الطبية اللازمة في قسم جراحة المخّ والأعصاب بالمستشفى. وقد حرّر المستشفى التعليمي محضر تعدّ لاتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل ضمان حفظ حقّ الطبيب، بحسب ما أشارت النقابة التي كلّفت محاميها بمتابعة التحقيق.
بدورها، ذكّرت نقابة أطباء سوهاج، في بيانها، بأهميّة تأمين المستشفيات وتنفيذ عقوبات رادعة لمنع تكرار هذه الحوادث المؤسفة في حقّ الأطباء، مشيرة إلى أنّ مثل هذه الحوادث تتكرّر في ظلّ غياب قانون المسؤولية الطبية الذي يجرّم التعدّي على الأطباء والمستشفيات والمرافق الطبية والصحية.
وكانت النقابة العامة لأطباء مصر قد أعلنت، مراراً وتكراراً، اعتراضات مجلسها الجوهرية على التعدّي على عضو فريق طبي في أثناء تأديته عمله. وفنّدت مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي أعدّته الحكومة، من خلال مذكّرة رفعتها إلى مجلسَي النواب والوزراء، وقدّمت دلائل على أنّ مشروع قانون المسؤولية الطبية المعدّ من الحكومة "يكرّس كلّ عيوب النظام الحالي في التقاضي في المسائل الطبية، ويقنّنها فقط، ولا يحقّق أيّ غرض من أغراض صدور قانون منضبط وحديث للمسؤولية الطبية، بحيث يضمن حقّ المريض ويحمي الطبيب".
كذلك سبق أن تمسكّت النقابة بمبدأ أنّ "هدف الطبيب في الأساس إنقاذ حياة المريض، وبالتالي لا يتعمّد أبداً الإضرار بالمريض، وهو مطالب ببذل الرعاية وليس الوصول إلى نتيجة. لكنّ الخلط بين المسؤولية المدنية وتحويلها إلى مسؤولية جنائية والتهديد المستمرّ بالحبس أمران خطران جداً على ممارسة مهنة الطب في مصر". أضافت أنّ "الكارثة الكبرى هي بتقنين الحبس الاحتياطي في قضايا المسؤولية الطبية، وهذا ليس له وجود في أيّ دولة بالعالم"، لافتة إلى أنّ ذلك سوف يدفع الأطباء بكلّ قوة إلى الهجرة إلى خارج مصر، بحثاً عن بيئة عمل آمنة إلى جانب رواتب مجزية، أو لجوء ما تبقّى منهم في مصر إلى الطبّ الدفاعي، بمعنى تحفّظهم عن التعامل مع الحالات الصعبة والمعقّدة خشية التعرّض لمضاعفات ولتهديد بالحبس، فيما المريض هو من سيدفع الثمن".
ويعاني الأطباء العاملون في المستشفيات الحكومية من اعتداءات متكرّرة، نتيجة غياب منظومة تشريعية حاسمة تمنع التعدّي على المنشآت الطبية والأطقم العاملة فيها من أطباء وممرضين وغيرهم، وسط مطالبات ملحّة بضبط آليات التعامل بين مقدّم الخدمة ومتلقّيها عند وقوع ضرر طبي، وتغليظ عقوبة الاعتداء على الأطقم والمنشآت الطبية. ويطالب الأطباء بتشريع يلبّي الحدّ الأدنى من مطالبهم، وحماية الأطقم الطبية والمنشآت والمستشفيات من جرائم الاعتداءات المتكرّرة.
وتواجه مصر نقصاً حاداً في عدد الأطباء، مع استمرار نزيف هجرتهم إلى دول الخليج وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيّما بعد أزمة كورونا الوبائية وتكرار وقائع الاعتداء عليهم من قبل مرافقي المرضى في غياب الأمن، بالإضافة إلى ضعف رواتبهم في المستشفيات الحكومية والخاصة على حدّ سواء. وكانت النقابة العامة لأطباء مصر قد أصدرت تقريراً رصدت فيه الكمّ الهائل من استقالات الأطباء من القطاع الحكومي، التي وقّعها 11 ألفاً و536 طبيباً بصورة رسمية في الفترة الممتدّة ما بين يناير/ كانون الثاني 2019 ومارس/ آذار 2022.