طريقة الكويت في مواجهة درجات الحرارة العالية

02 اغسطس 2023
أشخاص يحاولون حماية أنفسهم من الشمس تحت ظل شجرة (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

زقاق وأشجار نخيل ومتاجر أسفل المباني الصغيرة وشرفات مطاعم مزدحمة، يبدو المكان كطريق عادي في أحد الشوارع، ولكنه في الحقيقة يقع في مركز تسوق فاخر مكيَّف في الكويت، إحدى أكثر دول العالم حرّاً.

يقتبس هذا المكان مظهرا من مظاهر الحياة الطبيعية ليوفر ملاذا لبعض من سكان الدولة الخليجية الغنية بالنفط والبالغ عددهم نحو أربعة ملايين، وقد اعتادوا على صيف حارق تصل فيه الحرارة إلى حوالي 50 درجة مئوية.

أما في الخارج، فنادراً ما يشاهد المارة حتى في السوق التقليدي حيث يسير عدد قليل من الأشخاص وقد أنهكتهم الحرارة.

الاستهلاك المفرط للطاقة، من ناطحات السحاب إلى السيارات الكبيرة، "جلب هذا الحر" إلى الكويت

في هذا السوق، يفتح عبد الله أشكناني متجر التمور الذي يديره منذ 30 عاما خلال فصل الصيف رغم أنه يدرك تماما أن الحر يحدّ من أعداد الزبائن بشكل كبير.

وقال الإيراني البالغ من العمر 53 عاما والمقيم في الكويت منذ 1997: "في الصيف يغادر معظم الناس ويبقى عدد قليل. لا أحد في السوق" في غالبية الأوقات.

خلف قماش شفاف عند شرفة مقهى قريب، تجلس مجموعة من الكويتيين بالقرب من مكيف هواء.

ويقول أبو محمد، الذي ارتدى ثوبا تقليديا أبيض: "نجحنا في تحمل (الحرارة) بفضل التكييف في المنزل وفي السيارة وفي هذا المقهى".

لكن هذا المتقاعد الذي يقول إنه نسي عمره، يدرك أيضا أن الاستهلاك المفرط للطاقة، من ناطحات السحاب إلى السيارات الكبيرة، "جلب هذا الحر" إلى الكويت.

وعلى غرار دول الخليج الأخرى، فالكويت دولة منتجة للنفط، وهي صناعة تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. وتساهم الدولة في أحد أعلى معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون للفرد في العالم.

صيف أطول

في حين أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية يمر بحالة من "الغليان" هذا الصيف، يحذّر خبير الأرصاد الجوية الكويتي المعروف عيسى رمضان من أنّ "ما يحصل عندنا سيحصل في مكان آخر".

ويرى أنّ مناطق جنوب العراق وشمال السعودية تشهد صيفا حارًا وجافًا بشكل خاص بسبب موقعها الجغرافي والرياح الشمالية الغربية.

ففي شمال الكويت، وبعد تجاوز الحرارة فيها 50 درجة مئوية، تسجّل منطقة مطربة القاحلة بعضاً من أعلى درجات الحرارة في العالم بعد وادي الموت في الولايات المتحدة.

ومع تزايد الاستهلاك للطاقة، اشتدت معدلات الاحتباس الحراري على مدى العشرين عامًا الماضية، وامتدت فترة الحرارة الشديدة "من أسبوعين إلى شهر تقريبًا"، بحسب رمضان.

وأوضح قائلا "هناك زحف للفصول. ففصل الصيف مثلا، بدل أن ينتهي نسبيا وندخل فصل الخريف في بداية سبتمبر/أيلول، أصبح يمتد لفترة أكبر، ما بين أسبوعين إلى شهر تقريبا (...) فتبدأ الحرارة بالانخفاض في بداية أكتوبر/تشرين الأول".

وقال إنّه في نهاية القرن الماضي أصبح عدد الأيام التي تبلغ فيها الحرارة أكثر من 50 درجة مئوية نحو 64.

وتملك الدولة الثرية بعض أكبر احتياطيات الذهب الأسود في العالم، وقد استثمرت أخيرًا فقط في النقل العام والطاقة الخضراء، ولا سيما مشروع الشقايا، أول محطة تجارية للطاقة الشمسية الكهروضوئية في البلاد.

مشاريع للطاقة المتجددة 

تؤكد المديرة العامة بالوكالة للهيئة العامة للبيئة سميرة الكندري أنّه "بالفعل هناك ارتفاع في درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة"، مشيرة إلى وجود "عدة مشاريع للطاقة المتجددة أهمها الشقايا".

وذكرت أن المرحلة الأولى من المشروع "اكتملت"، مضيفة "نقوم حاليا بالتحضير للمرحلة الثانية حتى يصبح 15 بالمائة من إنتاج الطاقة عن طريق الطاقة المتجددة بحلول 2035. وإن شاء الله في خطوة مستقبلية نزيد هذه النسبة".

على الأرض، هناك بعض المبادرات الفردية، ومن بينها مبادرة عيسى العيسى، وهو طبيب أسنان يبلغ من العمر 46 عامًا وقد قام بزراعة الأشجار في المنزل "كهواية".

لكن خلال عام 2020، درس القضية بشكل أكبر وأسس مشروع "غابة الكويت" لزراعة "أول غابة" في البلاد على مشارف العاصمة، مدركا أنّ الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون.

وفي قطعة أرض خالية بالقرب من منزله، بدأ بزراعة الأشجار، ويتفقدها في الصباح الباكر في ظل حرارة تبلغ 46 درجة مئوية.

ويقول "أكثر الأماكن التي نحتاج فيها للأشجار هي الأماكن الملوثة والصناعية والتي يعيش فيها البشر"، معتبرا أنّه أصبح من الملحّ "فصل المناطق السكنية بالخضرة".

(فرانس برس)

المساهمون