استمع إلى الملخص
- أشار أندريه إلى توقف معظم مستشفيات غزة عن العمل بسبب القصف، مما أدى إلى عدم قدرة الجرحى على تلقي العلاج، مع خروج 23 مستشفى من الخدمة وتدمير 80 مركزاً صحياً.
- أكد أندريه تقديم الأطباء أدلة للمحكمة الجنائية الدولية، داعين لمحاكمة المسؤولين عن الجرائم في غزة، مشددين على رغبة الفلسطينيين في العيش بسلام وكرامة.
على إثر عودته من العمل في أحد مستشفيات قطاع غزة، وصف طبيب فرنسي وضع الفلسطينيين هناك بأنه "مرعب" جراء حرب الإبادة الجماعية المتواصلة التي تشنها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي حديث للأناضول، قال الطبيب باسكال أندريه، الذي عاد إلى فرنسا بعد العمل داخل قطاع غزة في فبراير/ شباط الماضي: "واجهنا شيئاً مشابهاً للرعب". وذكر أنه رأى شهداء وجرحى وأطفالاً فلسطينيين مصابين برصاص إسرائيلي في الرأس يصلون إلى المستشفى الأوروبي الذي كان يعمل فيه بمدينة خانيونس جنوبيّ قطاع غزة. وأضاف: "شاهدنا أيضاً صوراً مروعة للغاية" لنازحين مدنيين في المستشفى وهم يتعرضون للقصف والحرق جراء الحرب الإسرائيلية، دون أن يتمكن أحد من التدخل.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي مفتوح إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. وتواصل تل أبيب مجازرها، متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
طبيب فرنسي: إذا كنا بشرا فلا ينبغي لنا أن نسمح بما يحدث في غزة، وإذا كنا نؤمن بالقانون فيجب محاكمة المسؤولين عما يحدث
طبيب فرنسي: معظم مستشفيات غزة خرجت عن الخدمة
وأشار أندريه إلى أن معظم مستشفيات قطاع غزة باتت متوقفة عن العمل بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. وقال إنه "رغم الضغوط الدولية لا يتمكن المرضى والجرحى في غزة من مغادرة القطاع للعلاج بالخارج"، لافتاً إلى وجود ما بين 12 و16 ألف جريح فلسطيني في غزة.
وأضاف أن "معظم مستشفيات غزة لم تعد تعمل، وأُجلِي 3 مرضى من شمال القطاع (الذي يتعرض الفلسطينيون فيه لحملة إبادة وتطهير إسرائيلية منذ 5 أكتوبر الماضي) إلى جنوبه في الأيام الأخيرة بطريقة سيئة وصادمة للغاية". وأشار الطبيب الفرنسي إلى أن "باحة مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة الذي كان من المفترض أن يستضيف المرضى تعرضت للقصف الإسرائيلي أيضاً".
ولفت إلى أن "هناك نحو 25 عنصراً من الطواقم الطبية الأوروبية وأكثر من 100 أميركي يعملون في غزة". وبيّن أن "المتخصصين في الرعاية الصحية بالقطاع يحتاجون إلى مساعدة، لكن العاملين في مجال الرعاية الصحية الأجانب لا يُسمَح لهم بالذهاب إلى غزة".
"وتعرضت عشرات المؤسسات الصحية للأضرار، واستشهد أكثر من 986 من الكوادر الصحية وأصحاب التخصصات الطبية، واعتقل 310 على الأقل" جراء حرب الإبادة الإسرائيلية، وفق المدير العام لوزارة الصحة بغزة منير البرش، في مقابلة أجرتها معه الأناضول في أكتوبر الماضي.
وأضاف: "استهداف الاحتلال المستمر للمستشفيات والمراكز الصحية أدى إلى خروج نحو 23 مستشفى من أصل 38 مستشفى حكومياً وأهلياً عن الخدمة، بينما تعمل 15 مستشفى منها جزئياً في الوقت الحالي". وأشار البرش، حينها، إلى أن "80 مركزاً صحياً من أصل 90 دمرت بالكامل بفعل الاستهداف الإسرائيلي، وخرجت عن الخدمة، فضلاً عن تدمير أكثر من 130 سيارة إسعاف".
شهادات الأطباء عن غزة
وذكر أندريه أن الأطباء العائدين من غزة "قدموا الأدلة التي أحضروها بشأن ما حدث في القطاع إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحامي دولة جنوب أفريقيا". ونهاية ديسمبر/ كانون الأول 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية على أساس أنها انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.
وقال أندريه: "أحضرنا ما شهدناه أيضاً إلى البرلمان الأوروبي، والبرلمان الفرنسي، ومجلس الشيوخ، التقينا العديد من السياسيين، والعديد من وسائل الإعلام المستقلة والقليل جداً من وسائل الإعلام الوطنية". وأكد أنه عندما قام هو وزملاؤه العائدون من غزة بجولة في فرنسا وأوروبا لرواية ما شاهدوه، وبحوزتهم مقاطع فيديو وتسجيلات صوتية ووثائق جراحية، كانت هناك صعوبة في فتح أبواب القاعات أمامهم. وشدد الطبيب الفرنسي بالقول: "اليوم يجب أن نشعر بالقلق، لأن الأمر لا يتعلق بالمسلمين أو المسيحيين، بل يتعلق بإنسانيتنا". وتابع: "يقول لنا سكان غزة إن من يضعون القوانين في جميع أنحاء العالم لا يطبقونها ولا يمتثلون لها، وليس ذلك فحسب، بل يلتزمون الصمت إزاء ما يحدث لهم".
الفلسطينيون يريدون العيش كالبشر
الطبيب الفرنسي قال إن "العاملين الأجانب في الرعاية الصحية بغزة لم يسمعوا خطاب كراهية واحداً من الفلسطينيين في القطاع أو الضفة الغربية المحتلة". وأضاف أن الفلسطينيين قالوا لمتخصصي الرعاية الصحية الأجانب: "نريد العيش بسلام، ولسنا حيوانات كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض أعوانه من اليمين المتطرف".
وتابع أندريه: "الفلسطينيون يقولون: نريد فقط أن نزرع أرضنا، ونعيش ونصلي في المسجد، ونأكل ونشرب ونعيش مثل البشر". وأشار إلى أن "هناك العديد من العاملين في مجال الرعاية الصحية والمواطنين الذين عقدوا العزم على تقديم شكاوى ضد المسؤولين عما حدث في غزة والمتعاونين معهم الصامتين". وأكد أندريه: "إذا كنا بشراً، فلا ينبغي لنا أن نسمح بما يحدث في غزة، وإذا كنا نؤمن بالقانون، فيجب محاكمة المسؤولين عمّا يحدث والذين يلتزمون الصمت ويمنعون كل أنواع التعبير والفكر بشأن هذه القضية".